أسباب تخلف النشر والقراءة في العالم العربي.. غلاء أسعار الكتب والانشغال والانتشار الواسع لوسائل الاعلام الحديثة كالانترنت

اختتم مؤتمر الناشرين العرب الأول جلساته في السعودية لكن القضايا التي نوقشت خلاله لا تزال محط اهتمام المسؤولين الذين توافدوا من معظم الدول العربية إلى الرياض لبحث أسباب عزوف القارئ العربي عن الكتاب، وتدني نسبة القراءة بشكل .حاد في الوطن العربي، مع وجود عقبات عديدة تقف حجر عثرة أمام توزيع الكتاب بشكل ملائم.

"إيلاف" تواجدت خلال المؤتمر وتساءلت عن المشاكل الحقيقية التي تواجه النشر في الوطن العربي، فأجاب الناشر المخضرم محمد عدنان سالم بالتأكيد على ان الجيل العربي الحالي هو المطالب بالبحث عن اجابة لهذا السؤال، مشيرًا الى ان الأجيال السابقة كانت تمنح الكتاب والقراءة اهتمامًا كبيرًا، لكن منذ بداية الثلث الأخير من القرن العشرين تراجع مستوى القراءة بشكل واضح ولم تعد توجد البيئة المناسبة للقراءة.

وبالنسبة إلى سالم فإن المطلوب هو البحث عن الأسباب الحقيقية لهذا التراجع وترك الأسباب السطحية التي يحاول بعضهم طرحها من قبيل غلاء اسعار الكتب والانشغال فضلاً عن الانتشار الواسع لوسائل الاعلام الحديثة كالانترنت، مشيرًا الى ان تلك الوسائل هي عامل مساعد و"صديق" للكتاب وليست بديلاً عنه لمن وعي بأهمية القراءة وضرورة اقتناء الكتب.

وحمّل سالم الأنظمة العربية والإدارات مسؤولية كبيرة في تراجع مستوى القراءة في الوطن العربي، في وفق ما يقول لـ"إيلاف" حاولت الاستئثار بالعملية الثقافية والتربية متجاهلة المجتمع نفسه الذي لا يمكن النأي به بعيدًا في ظل المتغيرات الكبيرة التي نشهدها في هذا العالم.

ومن جانبه، أرجع احمد الحمدان، رئيس جمعية الناشرين السعوديين أسباب التراجع الى القيود التي تفرضها الدول العربية على انتقال الكتاب، وقال ان الكتاب العربي أصبح بحاجة الى تأشيرة دخول لكي ينتقل من بلد الى اخر الأمر الذي أسهم في تراجع نسبة القراءة، لكنه استدرك بالقول ان بعض الدول العربية ومن بينها السعودية بدأت بالانفتاح على الثقافات الأخرى وتسهيل انتقال الكتاب بعكس السنوات الماضية، وذلك بسبب الانتشار الواسع للفضائيات والانترنت وهي وسائل اعلام أسهمت في تغيير النظرة التي كانت سائدة في السابق.

الحمدان حمّل القارئ العربي نفسه مسؤولية التخلف الفكري والثقافي، وليس الكتاب، مستدلاً على ذلك بوجود عدد كبير من دور النشر في الدول العربية وتنامي انتشار المعارض بشكل متسارع في وقت تتراجع نسبة القراءة يوما بعد آخر، ومؤكدًا أن الازمة الان هي أزمة قارئ وليست أزمة كتاب.

وبدوره أشاد امين عام اتحاد الناشرين العرب بشارة بشارو بعقد المؤتمر الأول في الرياض، مؤكدًا اهمية عقده في هذا الوقت، ومعترفًا أنه جاء متأخرًا جدًا، لكن أن يبدأ الناشرون العرب بعقد مؤتمرات خاصة بهم فهذا امر جيد، على ان يعقد مؤتمر واحد كل ثلاث سنوات لبحث هموم الناشرين وإمكانيات رفع مستوى القراءة في الوطن العربي.

ورفض بشارو اعتبار الانترنت بديلاً عمليًا عن الكتاب، موضحًا ان الشبكة العنكبوتية وسيلة جيدة للحصول على المعلومة السريعة، وهي مجرد نقطة في بحر المعلومات التي يمكن ان يستقيها الانسان من الكتاب وتعمل على تنمية خياله وتكوين ثقافته، مؤكدًا ان الخطر يكمن في النسبة العالية للأمية على المستوى العربي إذ تبلغ نسبة الأمية بين النساء 60%، بينما تبلغ ما بين 40 الى 50% بين عدد المواطنين العرب، وهي نسب مخيفة مقارنة مع بلدان أخرى.

ويرى المهندس خالد البلبيسي رئيس اللجنة العربية لحقوق الملكية الفكرية ان حرية النشر عامل أساسي لا بد من توافره لكي ياخذ الكتاب طريقه الى الانتشار بشكل جيد، مؤكدًا ان الرقابة على النشر يجب ان تؤطّر وتبحث بطريقة عملية وموضوعية على ان يؤخذ في الاعتبار خصوصية المجتمع العربي.

وأشار البلبيسي الى ان المعاناة الحقيقية التي يواجهها الكتاب على الصعيد العربي هو وجود رقابة "وهمية" مبنية على هواجس عفى عليها الزمن تمنع من انتشار الكتاب بين الدول العربية بسهولة ويسر وتحد من تنقله بين القراء، وحمل في المقابل وزارات الثقافة العربية مسؤولية كبيرة مطالبًا اياها برفع يدها عن الرقابة بمختلف مستوياتها، وإبقاء المراقبة في حدود معينة يتم التوافق عليها.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال