تقع جزر شيشا الصينية في البحر الجنوبي الصيني وعلى بعد حوالي 330 كيلومترا عن مقاطعة هاينان وتحديدا في شرقي جنوبها، وتتكون من جزر عديدة. وتتمتع جزر شيشا بالموارد السمكية الوفيرة، وظل الصيادون الصينيون يعيشون هنا منذ القدم ويعتمدون على صيد الأسماك. لكن هذه الجزر بعيدة عن بر الصين الرئيسي، وكانت الاتصالات مع الخارج صعبة، وكان صيادو الأسماك المقيمون في هذه الجزر يعيشون حياة صعبة. وخلال السنوات الأخيرة، وبفضل اهتمام ودعم الحكومة المحلية، شهدت حياتهم هناك تغيرات كبيرة، وفي حلقة اليوم، هيا بنا لنذهب إلى جزر شيشا لزيارة الصيادين هناك ولمعرفة التغيرات والتطورات على حياتهم.
بعد مغادرة مدينة ونتشانغ في مقاطعة هاينان، بدأنا رحلة استغرقت خمس عشرة ساعة على سطح البحر، ووصلنا أخيرا إلى جزيرة يونغشينغ- أكبر جزيرة بين جزر شياشا والتي تبلغ مساحتها حوالي كيلومترين مربعين، وإذا نظرت إليها من بعد على متن السفينة، فسوف تجد أن هذه الجزيرة الصغيرة قطعة من الياقوت مرصعة وسط مياه البحر الأزرق.
كان الصياد فو تساي تشو وزوجته في استقبالنا في الرصيف، ثم اقتادنا إلى منزلهما. إن فو تساي تشو رجل طويل القامة وأسود الجلد بسبب تعرضه للرياح وأشعة الشمس لمدة طويلة أثناء صيد الأسماك في البحر طوال العام. وحول عمله، قال فو تساي تشو بسعادة:
(من السهل صيد الأسماك في هذه المنطقة، ودائما ما نخرج في الصباح ونعود في المساء. ونحن نقوم بصيد الأسماك أو شرائها من الصيادين على الجزر الأخرى، وكل يوم نعود بمئات الكيلوغرامات من الأسماك).
وذكر فو تساي تشو أن عائلته كانت تكسب عشرين أو ثلاثين ألف يوان صيني فقط كل سنة لسبب تخلف ظروف الإنتاج. أما الآن، ومع استخدام أدوات الصيد الحديثة وارتفاع الطلب في أسواق الأسماك، فبلغ الدخل الفردي السنوي لأسرته ثلاثين الف يوان صيني تقريبا.
أما الذي يسعدهم أكثر فهي التغيرات الهائلة التي طرأت على جزيرة يونغشينغ والتي جعلت حياتهم أكثر سعادة مع مرور الأيام
لقد حُلت مشكلة الكهرباء من حيث الأساس. وفي السابق، كانت الجزيرة تستخدم ماكينة توليد الكهرباء المنخفضة القدرة، وبسبب ارتفاع المستوى الإنتاجي والمعيشي للصيادين، ارتفعت كمية استهلاك الكهرباء مع مرور الايام، وأصبحت المعدات السابقة لا تستطيع تلبية الطلب على الكهرباء. وفي عام 2007، قامت لجنة العمل لجزر شيشا ونانشا وتشونغشا بمقاطعة هاينان بتجهيز مولدين كهربائيين بالديزل يبلغ سعة كل منهما 300 كيلووات، مما خفف من صعوبة استخدام الكهرباء بصورة كبيرة. وبالإضافة إلى ذلك، يجري حاليا إنشاء معدات توليدالكهرباء بطاقة الرياح وبالطاقة الشمسية التي تستهدف حل مشكلة الكهرباء على أساس حماية البيئة في الجزيرة
وإلى جانب مشكلة الكهرباء، ظل مشكلة استخدام المياه تواجه سكان الجزيرة. وظلت الموارد الأكثر ندرة على الجزيرة هى المياه العذبة، حيث تنقل كل المياه العذبة من جزيرة هاينان بالسفن. ويجب على كل ساكن بالجزيرة الاهتمام بترشيد استهلاك المياه لأنهم يعرفون أهمية موارد المياه العذبة وندرتها. وفي قرية نانتسون التي يسكن فيها الصياد فو تساي تشو يوجد حوالي ثلاثين شخصا، يستخدمون خمسين طنا من المياه العذبة في نصف سنة فقط، ويعتبر هذا الرقم مستحيل في المدن. وفي حديثه حول حالة استخدامهم للمياه العذبة قال فو تساي تشو: "كلنا نعرف أهمية وقيمة المياه العذبة، ونعمل على ترشيد استهلاكها. وعندما نغسل الأرز أو الخضراوات، نستخدم مياه البحر أولا، ثم نشطفها بالمياه العذبة."
طرحت لجنة العمل لجزر شيشا ونانشا وتشونغشا بمقاطعة هاينان خطة لحل مشكلة شح موارد المياه العذبة. وبعد حل مشكلة إمداد الكهرباء، أمكن توفير الكهرباء اللازمة لتحلية مياه البحر، وقال نائب الأمين العام للجنة العمل تان شيان كون: (لقد تمت صياغة خطة لتحلية مياه البحر، والسعر معقول نسبيا، وسيكون سعر طن واحد من المياه بعد تحليتها حوالي خمسة يوانات. ولدينا أيضا مشروع لمعالجة مياه الصرف، وبعد معالجة مياه الصرف، يمكن استخدامها في الحياة اليومية مثل الاستحمام وغسل الملابس، وبذلك يمكن لسكان الجزيرة استخدام المياه العذبة في حياتهم اليومية بالإضافة إلى توافر مياه الشرب).
وعلاوة على ذلك، قد تم إنشاء مكتب البريد وفتح الاتصال بالموبايل التي تساهم في تسهيل اتصال الصيادين المقيمين في الجزيرة مع الخارج. وقبل فتح الاتصال بالموبايل، كان الصيادون يتصلون مع الخارج باستخدام الهواتف في مكتب البريد والتي كانت تعمل عبر الأقمار الصناعية وكان ثمن المكالمة بها غاليا، حيث كانت المكالمة لدقيقة واحدة تحتاج لدفع عشرة يوانات، ورغم ذلك فكان هناك تدفق مستمر من الناس لطلب المكالمات الهاتفية كل يوم. ونظرا لجهود حكومة المقاطعة، فتحت شركتا تشاينا موبايل وتشاينا يونيكوم لأعمال الاتصالات المحمولة خدمتهما في الجزيرة على التوالي، مما حل مشكلة الاتصال لدى سكان الجزيرة مع ذويهم في الخارج.
والخبر السار الآخر هو بدء أعمال شبكة الانترنت على جزيرة يونغشينغ في ال30 من يوليو عام 2007، حيث تم إنشاء مركز لشبكة الانترنت الذي يوجد فيه ثلاثين جهازا للكومبيوتر كلها متصلة بشبكة الانترنت، كما يمكن ربط الفيديو عبر الانترنت. الصياد جي هاي وو في العشرين من عمره لم يخرج اليوم لصيد الأسماك بسبب العاصفة القوية، فجاء إلى هنا للدردشة على شبكة الانترنت مع أصدقائه، وقال بكل سرور: (اذا أراد الأصدقاء والزملاء اللقاء ولم تسمح لهم الظروف بذلك فيمكنهم اللقاء والدردشة على شبكة الانترنت، هذا شئ سهل جدا. وثمن الدردشة على الانترنت قليل جدا بالمقارنة مع الدردشة باستخدام الهواتف).
بالإضافة إلى فتح مكتب البريد والمنشآت الخاصة بالموبايل وشبكة الانترنت، تم توفير بعض الخدمات الضرورية مثل إنشاء المستشفى والبنك والسوبرماركت على التوالي في الجزيرة. ومن أجل استمتاع وتسلية الصيادين في أوقات فراغهم، قامت لجنة العمل بإنشاء حجرة البلياردو وحجرة كرة الطاولة ليلعبوا الصيادون فيها مجانا. وهكذا أصبحت الحياة على الجزيرة سهلة مثلما على البر.
لقد ساهم تحسن واكتمال المنشآت المختلفة في توفير ضمان أساس لحياة الصيادين، حيث يمكنهم العمل على البحر باطمئنان، كما يتطلعون إلى حياة أجمل وأفضل في المستقبل:
عندما تطرق إلى خطته هذا العام، أشار الصياد فو تساي تشو إلى مستودع التبريد البسيط أمام بوابة منزله حيث توضع فيه سبع ثلاجات لتخزين المنتجات البحرية وقال إنه لا يستطيع الخروج لصيد الأسماك بسبب الحالة الجوية السيئة، وهذه الأسمال المحفوظة في هذه الثلاجات يمكن من سد حاجات سكان الجزيرة لسبعة أيام، لذلك، ومن أجل مواجهة التقلبات الجوية، خطط فو تساي تشو لتوسيع بناء مستودع التبريد، حيث قال:
(بسبب ضعف قوة الكهرباء في السابق، كان استخدام الثلاجات الكثيرة أمرا صعبا للغاية، أما والآن فأصبحت قوة الكهرباء كافية جدا لزيادة قدرة التبريد. وسيكون حجم مستودع التبريد الجديد أضعاف حجم المستودع الحالي، حيث يمكن تخزين المنتجات البحرية التي تكفي لمدة خمسة عشر يوما، وفي ذلك الوقت يمكننا صيد المزيد من الأسماك وتخزينها بالمستودع الجديد).
كما أعربت زوجة فو تساي تشو بابتسامة عن تمنياتها إزاء المستقبل:
(أتمنى الحياة الأجمل لمواطني جزر شيشا، وأتمنى اصطياد المزيد من الأسماك لتلبية احتياجات مواطني شيشا من الأسماك، وسنبذل أقصى جهودنا لصيد المزيد من الأسماك).
التسميات
اقتصاد الصين