أنواع الذكاءات المتعددة وتوظيفها في التربية لقياس القدرات لدى المتعلمين والتركيز على دراسة المقدرة اللغوية والمقدرة المنطقية-الرياضية

تأسست نظرية الذكاءات المتعددة من خلال البحوث والدراسات التي أفضت إلى نقد المفهوم التقليدي للذكاء الذي يعتمد على اختبار الذكاء أو المعامل العقلي، الذي وضع في بداية القرن العشرين (1905) من قبل ̋ بينة ̏A.Binet وزميله سيمون تيودور لقياس التخلف الدراسي للتلاميذ بطلب من الحكومة الفرنسية آنئذ.

إذ أن هذا الاختبار لمعامل الذكاء لا يقيس في الحقيقة سوى بعض القدرات لدى المتعلمين، فهو يركز فقط على دراسة المقدرة اللغوية والمقدرة المنطقية-الرياضية، ومن أظهر مقدرة جيدة في هذين الجانبين فإنه يتسم بالذكاء وبالتالي يستوعب المواد الدراسية ويمكنه ولوج المدارس العليا والجامعات.

ولكن السؤال عن إمكانية نجاحه في الحياة بعد التخرج، فهي مسألة لا يستطيع التنبؤ بها، ثم هل النجاح في الحياة يقتضي فقط الإلمام الواسع باللغة والرياضيات والمنطق؟

وفي هذا الإطار، وجهت بعض الانتقادات لطريقة المعامل العقلي المجسدة في اختبار ̋ بينيه ̏ والاختبارات الأخرى المنبثقة عنه، ويمكن إجمال بعضها في: إن الإجابات المختصرة التي يقدمها الشخص المفحوص عن طريق هذا الاختبار لا تكفي للحكم على ذكائه، وإن المعامل العقلي مهما نجح في التنبؤ باستعدادات التلميذ في استيعاب المواد الدراسية، فهي غير قادرة على تقديم تصور متكامل عن مختلف استعداداته العقلية وتحديد ذكائه الحقيقي.

وعليه فإن نظرية الذكاءات المتعددة تنطلق من مبدإ أشبه ما يكون بمسلمة لديها، وهو أن كل الأطفال البشريين العاديين يولدون ولديهم كفاءات ذهنية متعددة منها ما هو ضعيف ومنها ما هو قوي.

ومن شأن التربية الفعالة أن تنمي ما لدى المتعلم من قدرات ضعيفة وتعمل في نفس الوقت على زيادة وتنمية ما هو قوي لديه.

وإن نظرية الذكاءات المتعددة بعيدة عن ربط الكفاءات الذهنية بالوراثة الميكانيكية التي تسلب كل إرادة للتربية وللوسط الذي يعيش فيه الفرد وينمو.

وإنها نظرية تأخذ بنتائج الأبحاث في مجال علم الحياة، التي ما فتئت تبرز كل يوم المرونة الكبيرة التي يتميز بها الكائن البشري وخاصة في طفولته.

ويختلف مفهوم الذكاء عند جاردنير  H.Gardner(الذي اشتهر بنظرية الذكاءات المتعددة) عن المفهوم التقليدي له، فهو يعطيه معنى عاما، حيث إن الذكاء لديه هو "القدرة على إيجاد منتوج لائق أو مفيد أو إنه عبارة عن توفير خدمة قيمة للثقافة التي يعيش فيها الفرد".

كما يعتبر الذكاء مجموعة من المهارات التي تمكن الفرد من حل المشكلات التي تصادفه في الحياة.
وبهذا التعريف، يبتعد جاردنير بالذكاء عن المجال التجريدي والمفاهيمي ليجعله طريقة فنية في العمل والسلوك اليومي.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال