كثيرا ما يذهب المجرم ضحية لمن وقع عليه جرمه , كما يغلب أن يحمل المحكوم عليه الاثقال التي كان يجب أ، يحملها الأبرياء غير المحكومين
لذلك لا تستطيعون أن تضعوا حداً يفصل بين الأشرار و الصالحين أو الابرياء و المذنبين لأنهم يقفون معاً أمام وجه الشمس كما أن الخيط الأبيض و الخيط الأسود ينسجمان معاً نول واحد فإذا انقطع الخيط الأسود ينظر الحائك إلى النسيج بأسره ثم يرجع إلى نوله يفحصه و ينظفه لذلك إذا جاء أحدكم بالزوجة الخائنة إلى المحاكمة فليزن أولا قلب زوجها بالموازين و ليقس نفسه بالمقاييسو كل من شاء ان يلطم المجرم بيمينه يجدر به اولا أن أن ينظر ببصيرة ذهنه إلى روح من أوقع الجرم عليه
و لإ، رغب أد منكم في أن يضع الفأس على أصل الشجرة الشريرة باسم العدالة فلينظر اولاً إلى أعماق جذورها
و هو لا شك واجد أن جذور الشجرة الشريرة و جذور الصالحة و غير المثمرة كلها متشابكة معاً في قلب الأرض الصامت
أما أنتم أيها القضاة الذين يريدون أن يكونوا أبرارا أي نوع من الأحكام تصدرون على الرجل الأمين بجسده السارق بروحه ؟
أم أي عقاب تنزلون بذلك الذي يقتل الجسد مرة ولكن الناس يقتلون روحه ألف مرة ؟
و كيف تطاردون الرجل الذي مه أنه خداع ظالم بأعماله فهو موجع القلب , ذليل , مهان بروحه ؟
أجل , كيف تستطيعون أن تعاقبوا اللذين لهم توبيخ ضمائرهم وهو أعظم من جرائمهم أكبر قصاص على الأرض ؟
أليس توبيخ الضمير هو نفسه العدالة التي تتوخاها الشريعة التي تتظاهرون بخدمتها؟
فأنتم لا تستطيعون أن تسكبوا بلسم توبيخ الضمير في قلوب الأبراء كما أنكم لا تقدرون أن تنزعوه من قلوب الأشقياء
فهو يأتي لذاته في ساعة من الليل لا ننتظرها , داعيا الناس إلى النهوض من غفلتهم و التأمل بحياتهم وما فيها من التداعيات و المخالفات
و أنتم أيها الراغبون في سبر غور العدالة كيف تقدرون أن تدركوا كنهها إن لم تنظروا إلى جميع الأعمال بعين اليقظة في النور الكامل؟
في مثل هذا النور تعرفون أن الرجل المنتصب و الرجل الساقط على الأرض هما بالحقيقة رجل واحد في الشفق بين الليل ذاته الممسوخة و نهار ذاته الإلهية
و أن حجر الزاوية في الهيكل ليس بأعظم من الحجر الذي في أسفل أساساته
جبران خليل جبران
التسميات
النبي