الفرح والترح.. القيثارة التي تزيد طمأنينة أرواحكم هي نفس الخشب الذي قطع بالمدى والفؤوس

ثم قالت له امرأة: هات لنا شيئاً عن الفرح والترح.
إن فرحكم هو ترحكم ساخرا... والبئر الواحدة التي تستقون منها ماء ضحككم قد طالما ملئت بسخين دموعكم.
وهل في الإمكان أن يكون الحال على غير هذا المنوال؟
فكما أعمل وحش الحزن أنيابه في أجسادكم تضاعف الفرح في أعماق قلوبكم.
لأنه أليست الكأس التي تحفظ خمرتكم هي نفس الكأس التي أحرقت في أتون الخراف قبل أن بلغت إليكم؟
أم ليست القيثارة التي تزيد طمأنينة أرواحكم هي نفس الخشب الذي قطع بالمدى والفؤوس؟
فإذا فرحتم فتأملوا ملياً في أعماق قلبوكم تجدوا أم ما أحزنكم قبلا يفرحكم الآن و إذا احاطت بكم جيوش الكآبة ببصائركم ثانية إلى أعماق قلوبكم و تأملوا جيدا تروا هنالك بالحقيقة أنكم تبكون لما كنتم تعتقدون أنه غابة مسراتكم على الأرض.
ويخيل إلي أن فريقاً منكم يقول: "إن الفرح أعظم من الترح " فيعارضه فريق آخر: "كلا , بل الترح أعظم من الفرح" أما أنا فالحق أقول لكم: إنهما توأمان لا ينفصلان يأتيان معاً و يذهبان معاً فإذا جلس احدهما منفرداً إلى مائدتكم فلا يغرب عن أذهانكم أن رفيقه يكون حينئذ مضطجعاً على أسرتكم.
أجل إنكم بالحقيقة معلقون ككفتي الميزان بين ترحكم وفرحكم و أنتم بينهما متحركون أبداً و لا تقف حركتكم إلا إذا كنتم فارغين فب أعماقكم فإذا جاء أمين خزائن الحياة يرفعكم لكي يزن ذهبه وفضته فلا ترتفع كفة فرحكم و لا ترجح كفة ترحكم بل تثبتان على حالة واحدة.
جبران خليل جبران
أحدث أقدم

نموذج الاتصال