حظر النقاب في أوروبا.. أزمة الحرية الدينية والشخصية في معاقل الديمقراطية الغربية

هل تعيد مسالة حظر النقاب في أوروبا مفهوم الحرية لدى الغرب الى المربع الاول؟

إنه سؤال ضروري خاصة بالعلاقة مع تناسل هدا الجدل القائم حول مسالة حظر النقاب في الاماكن العام بعد ان تم التصويت سنة 2004 على قانون حظر الحجاب في المدارس وأماكن العمل يبدو أن هدا القانون قد ادى إلى ردة فعل عكسية خلافا لما كان مأمولا.

حيث لوحظ إقبال متزايد على ارتداء الحجاب بل والنقاب أيضا وهي ظواهر يعتبرها الغرب مزعجة وترمز لنوع من تحدي قيمهم.

حيث اعتبر الكثير من الفرنسيين مثلا إبان الجدل حول مسالة حظر الحجاب أن الزي الاسلامي يمثل رمزا لقمع المرأة ومصادرة لحريتها وحقها الطبيعي في التمتع بأنوثتها وتجسيدا لوجهة نظر ترفض بل وتتحدى العلمانية بشكل عام وتمثل للبعض الأخر اعتناقا للتطرف الإسلامي.

حيث يكاد ينطبع في دهن أدعياء "حراسة" العلمانية أن كل من يتزيا بالزي الإسلامي هو إرهابي أو مشروع إرهابي في أحسن الأحوال.

ويضيف المراقبون للصحوة الاسلامية التي تشهدها اوربا في السنوات الاخيرة انه يندران تجد بين الرموز الدينية مايعلن الهوية الدينية بمثل وضوح الحجاب وهو ما جعل التواجد الاسلامي الظاهر يضيف بعدا دينيا اكثر حدة للمخاوف الاوربية ازاء الهجرة واندماج المهاجرين وهو ما اشارت اليه استطلاعات الراي حول مسالة حظر الحجاب في فرنسا.

حيث ان نحو 70 في المائة من الفرنسيين يؤيدون الحظر في المدارس أي أن المخاوف لاتقتصر على النظام "حراس العلمانية" بل تتعداه إلى المواطن الفرنسي العادي الذي تعلم ضمن ثقافته وهويته ان يدافع عن الحرية حتى ولو تعارضت مع الطبيعة (الشدود الجنسي مثلا).

حيث يتطوع البعض لإعطاء الدروس في مسالة الحرية وحقوق الإنسان الفردية ويغدو المجتمع المدني في الغرب نشيطا ومتعاونا ومنافحا قويا عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن "حقوق الشواد" والأمهات العازبات والسعي إلى شرعنة وقوننت " مهنة الدعارة" ... لكنه يصاب بعمى الالوان عندما يتعلق الامر بارتداء الحجاب لاغرابة في ان يواصل الغرب مواجهته لبعض انماط التعابيرعن التدين التي يعتبرها تهديدا لأركان العلمانية.

فإدا كانت فرنسا قد طاردت الحجاب بكل اشكاله حتى مايعرف بالمودرن حجاب او الحجاب لايت في المدارس واماكن العمل وسنت قانونا لدلك فانه من باب أولى بالنسبة للفرنسيين اليوم تحريم ارتداء النقاب او البرقع الدي ينظر اليه الغرب على انه استعباد للمرأة واختزال لإنسانيتها.

وهاهي بلجيكا اليوم تسارع الخطى لمنع النقاب حيث صوتت لجنة في مجلس النواب البلجيكي بالاجماع بتاريخ 31-03-2010 على مشروع قانون ينص على الحظر التام لارتداء النقاب في المرافق والأماكن العامة بما في دلك الشارع والبقية تاتي.

حيث من المرجح تأكيد التصويت على هدا المشروع قانون في جلسة موسعة للبرلمان على اعتبار ان هدا المشروع يحضى بتأييد الأحزاب الخمسة المشاركة في الائتلاف الحكومي.

لقد اعتبر البعض هدا التهافت والهرولة الأوروبية صوب سن قوانين لحظر بعض التعابيروالممارسات الدينية من قبيل الزي الإسلامي ومنع بناء الصوامع... تأتي في سياق مخطط أوروبي شامل لمنع اسلمة أوروبا ومحاولة وضع حد لما يسمى بالخطر الإسلامي الداهم الذي تعتبره شرائح واسعة من الأوروبيين تهديدا للقيم والحضارة الغربية.

نعيم بوسلهام: باحث وصحفي 
أحدث أقدم

نموذج الاتصال