العدالة كأساس للحق.. نتاج ملكة الشعور بالكرامة لدى الإنسان العاقل وهي احترام المعيش تلقائيا في الإنسانية برمتها

العدالة انسجام بين طرفين (أفلاطون)، وهي فضيلة تقوم على حكمة التوسط بين الإفراط والتفريط وبين الإنصاف والجور (أرسطو)، وهي مساواة يرمز إليها برمز الميزان، فالانسجام كجوهر للعدالة لابد فيه من قوى متعارضة تبحث عن التناسب والتناغم.

إن عدالة النفس تبدو لنا حين تنسجم قواها الشهوانية والغضبية والعقلية، وعدالة المجتمع تظهر لنا حين يؤدي كل فرد وظيفته الاجتماعية دون أن يتدخل في عمل الآخرين.

أما العدالة القضائية فهي إعطاء لكل ذي حق حقه، كل الفضائل توجد في العدل، فالظلم رذيلة لأنه تصرف يتعدى حدود القانون.

أما العدالة فهي فضيلة لأنها تراعي القوانين، وهذه الأخيرة وضعت لحفظ المساواة، فالشرير حسب أرسطو يريد أن يحوز أكثر من حقه، فهو بهذا السلوك يخل بالمساواة ويمس بالقانون الحامي للمصلحة العامة.

إن الفعل العادل هو الفعل القادر كليا أو جزئيا على إيجاد أو حماية سعادة الجماعة السياسية، أو بعبارة سبينوزا العدل استعداد دائم للفرد لأن يعطي كل ذي حق ما يستحقه طبقا للقانون المدني.

أما الظلم فهو أن يسلب شخص متذرعا بالقانون ما يستحقه شخص آخر طبقا للتفسير الصحيح للقانون، أساس العدالة إذن هو الحق الذي حسب إيميل شارتيي ما هو إلا المساواة، فبمجرد ما يفتقر عقد ما للتساوي نشك للتو في صلاحيته أي في أحقيته.

إن العدالة نتاج ملكة الشعور بالكرامة لدى الإنسان العاقل، وهي احترام المعيش تلقائيا في الإنسانية برمتها، فالعدالة مطلوبة بحد ذاتها لأنها تتضمن الحق والواجب في آن واحد.

فالحق هو إلزام الآخر باحترام الإنسانية في الفرد، والواجب هو ضرورة احترام كرامة الغير حسب برودون، والفعل العادل لا يكون كذلك إلا إذا كان مقصودا، أي كان نتيجة إرادة واختيار، أما إذا كان غير متعمد، فلا يمكن اعتباره عادلا ولا جائرا.

وتكتسب العدالة دلالتها في نظام شرعي ديمقراطي يكفل الحق في مجتمع تسوده الحرية حسب فردريك فون هايك.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال