تظاهرت مجموعة من انصار الدكتور محمد البرادعي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية السابق امام سفارة الكويت في القاهرة، احتجاجاً على قيام السلطات الكويتية بترحيل اكثر من ثلاثين مواطناً مصرياً، بتهمة انشاء فرع للجمعية التي يقودها السيد البرادعي لتعديل الدستور المصري، بما يسمح بازالة القيود التعجيزية المتعلقة بشروط الترشح للرئاسة المصرية.
السلطات الكويتية بررت خطوتها هذه بالقول، بان القوانين الكويتية تمنع تنظيم اي مظاهرات سياسية دون الحصول على اذن مسبق، وان هذه القوانين تنطبق على الجميع من سكان البلاد، مواطنين كانوا او وافدين.
المرحلون من الكويت ينفون انهم اقدموا على اي اعمال تظاهر، وكل ما في الامر انهم تداعوا للقاء في احد المقاهي الكويتية لاظهار تضامنهم مع الدكتور البرادعي وحملته الدستورية، وقد تكون السفارة المصرية في الكويت هي التي بالغت في تضخيم حركتهم هذه. واوعزت للسلطات الكويتية بالاقدام على اعتقال عدد منهم وبالتالي ترحيلهم.
من الصعب ترجيح وجهة نظر، او استبعاد اخرى، ولكن ما يمكن التوقف عنده هو كيفية انجرار الحكومة الكويتية الى هذه المصيدة الخطرة بالسهولة التي نراها، خاصة ان الكويت ومنذ اخراج القوات العراقية المحتلة منها بالقوة العسكرية قبل عشرين عاماً تقريباً، اتبعت سياسات هادئة تجاه القضايا العربية بشكل عام، والداخلية منها بشكل خاص.
فالإقدام على اعتقال انصار الدكتور البرادعي وترحيلهم سيظهر الحكومة الكويتية بمظهر المنحاز بالكامل الى جانب نظيرتها المصرية في وجه المعارضة، الامر الذي سيعرضها لانتقادات عديدة من قبل قطاع لا بأس به من المواطنين المصريين، سواء داخل الكويت، حيث توجد جالية مصرية كبيرة جدا، البعض يقدر حجمها بحوالى ثلاثمئة الف شخص على الاقل، او داخل مصر نفسها، حيث تعيش البلاد حالة حراك سياسي غير مسبوقة.
وربما يكون الدافع الرئيسي للحكومة الكويتية للاقدام على هذه الخطوة، اي اعتقال وترحيل انصار الدكتور البرادعي، هو رد الجميل للرئيس حسني مبارك ونظامه بسبب وقفته الصلبة خلف الجهود العربية والدولية لاستخدام القوة، لاخراج القوات العراقية من الكويت اثناء غزو عام 1990.
فالرئيس مبارك استضاف قمة عربية استثنائية صيف عام 1990، وبعد ايام من الغزو العراقي، اعتمدت قرارا بتشريع وجود نصف مليون جندي امريكي في الاراضي السعودية، لاخراج القوات العراقية بالقوة، اذا لم تلتزم بقرارات الامم المتحدة ومجلس امنها بالانسحاب دون شروط. كما ارسل قوات مصرية لكي تنضم الى القوات الامريكية والعربية الاخرى للمشاركة في الحرب، وهذا ما حصل فعلا.
إن ما قامت به السلطات الكويتية يمثل انتهاكا صارخا لحقوق الانسان، وما تدعيه من التزام بالقيم الديمقراطية.
وليس غريبا ان تقوم حاليا بترحيل اكثر من ثلاثين مصريا، دون ان يتوفر لهم حق الدفاع عن انفسهم في محاكمة عادلة.
ان ما حدث ليس سوى دليل جديد على استمرار السلطات الكويتية في عدم احترام حقوق العمال، والذي نددت به منظمات حقوقية عديدة، وتسبب في اضطرابات واحتجاجات في الماضي.
والاهم فان القيم الديمقراطية لا تتجزأ، ولا يمكن لأي نظام ديمقراطي حقيقي ان يرحل عشرات المقيمين لمجرد رغبتهم في التعبير عن آرائهم.
التسميات
الكويت