ماذا بقي لعباس وفياض ليفعلاه؟ غلمان السلطة الفلسطينية يتنافسون لنيل رضا أولي النعمة

ما نراه الآن في الضفة الغربية أمر انتظره العالم الديمقراطي منذ فترة طويلة جداً: حركة استقلال فلسطينية لا عنفية.
كل ما يهدد به رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ورئيس الوزراء سلام فياض، مثل إعلان الدولة من طرف واحد ومناشدة الأمم المتحدة الاعتراف بها أو، إذا لم ينجح ذلك، حل السلطة الفلسطينية ومطالبة إسرائيل بالمواطَنة للفلسطينيين، جميعها من تكتيكات اللاعنف، وجميعها تهدف إلى إجبار إسرائيل، من خلال الضغط الدولي، على إعطاء الفلسطينيين ما تعتقد كل دولة باستثناء هذه الدولة أنه حق لهم: دولة ذات سيادة ترتكز على حدود ما قبل حرب عام 1967.
لا يقوم عباس وفياض وشعبهما بتفجير الحافلات أو إطلاق النار على أحد، باستثناء مسلّحي حماس، وهم يعترفون بدولة إسرائيل. أليس هذا ما يطلبه منهم الجميع؟
أبدت إدارة الرئيس أوباما والاتحاد الأوروبي بطأً في فهم ذلك، أو على الأقل بطأً في التصرف في إدراك أن إسرائيل وليس السلطة الفلسطينية هي العائق أمام السلام وأنها كانت كذلك منذ أكثر من سنتين، منذ اللحظة التي بدأت فيها السلطة الفلسطينية بكبت الإرهاب في الضفة الغربية. لقد شعرت ومنذ فترة طويلة أن الأمر الوحيد الذي يعمل على إدامة الاحتلال هو الإرهاب الفلسطيني. وإذا حافظت السلطة الفلسطينية على الحملة اللاعنفية، أعتقد أنها قضية وقت قبل أن يَفرِض الغرب على إسرائيل إما إطلاق الفلسطينيين، أو أن تصبح دولة مارقة مثل جنوب إفريقيا إبان حقبة الفصل العنصري.
وإذا أخذنا هذا الخيار بالاعتبار، لا شك لديّ بأن إسرائيل سوف تفعل الشيء الصحيح، ولكن فقط حيال خيار كهذا. لذا، ومن أجل الفلسطينيين ومن أجلنا، أرجو لعباس وفياض النجاح التام في إستراتيجيتهم من طرف واحد.
معظم الإسرائيليين من جانبهم، مصابون بالسخط الشديد بسبب تصرف الفلسطينيين. لماذا، يتساءلون، لا يعود عباس ببساطة إلى طاولة المفاوضات مقابل بنيامين نتنياهو ؟
الإجابة على هذا السؤال هي أن عباس سيكون مجنوناً لو فعل ذلك، فمنذ لحظة وصوله إلى رئاسة الوزراء، قام بنيامين نتنياهو بمحو تسع سنوات من التقدم في محادثات السلام. عرض إيهود باراك على الفلسطينيين حوالي 95% من الضفة الغربية، بما فيها جزء من القدس الشرقية، ثم عرض إيهود أولمرت حوالي 100% بما فيها جزء أكبر من القدس الشرقية، والآن قام نتنياهو بمحو ذلك كله على الطاولة. الرقم الوحيد الذي هو مستعد للالتزام به هو الصفر، وهو نسبة الأراضي في القدس الشرقية التي أبدى استعداده للتخلي عنها.
الوضع الحالي هو أن الفلسطينيين يحققون السلام بينما تراجعت إسرائيل عن عرضها للسلام، فمن الذي يؤخر التقدم هنا؟ نحن أم هم؟ لسوء الحظ أن الأمريكيين والأوروبيين كانوا أكثر خجلاً من أن يدعموا السلطة الفلسطينية، لذا يهدد عباس وفياض بأعمال غير عنفيّة من طرف واحد، ليشعر العالم بالخجل ويقوم بعمل ما، الأمر الذي يدعم مطالبهم.
رداً على ذلك يقوم رئيس الوزراء وحكومته برفع السقف. أعمال من طرف واحد؟! وماذا عن معاهدات أوسلو التي طالما احترمتها هذه الحكومة؟ وماذا عن قرارات الأمم المتحدة التي تقدم لها هذه الحكومة التحية؟
الواقع أن هناك ما يكفي من الانتهاكات للوصول إلى الشمس، إلا أن جوهر معاهدات أوسلو وقرارات الأمم المتحدة وكل مبادرة دبلوماسية أخرى منذ حرب الأيام الستة كانت مبدأ الأرض مقابل السلام، وإسرائيل هي التي ترفضها الآن، وليس الفلسطينيين.
سوف تحصل على فكرة حول مدى العمى الذي أصيبت به هذه الدولة عندما تسمع عن أنواع الإجراءات المضادة التي تعد لها الدولة إذا أعلنت السلطة الفلسطينية الاستقلال في الضفة الغربية. إنهم يتحدثون في مجلس الوزراء عن ضم المستوطنات وعن وقف تحويل العوائد الضريبية للسلطة الفلسطينية.
يا له من أمر لامع سيأتي بالعالم كله إلى جانبنا. أراهن أن ذلك سيفضح ظلم الاستقلال الفلسطيني ويبرر الاحتلال ويدعمه!
إنهم لا يرون ذلك، ولا يراه أيضاً الإسرائيليون الذين صوّتوا لهؤلاء الأشخاص. هذه الدولة بمجملها أصيبت بالعمى حيال ما تفعله بالفلسطينيين، حتى الآن، وبينما يفعل الفلسطينيون، في الضفة الغربية على الأقل ما طلبنا منهم أن يفعلوه منذ عقود عديدة: وقف العنف.
تشكّل غزة بالطبع قصة مختلفة، وآمل بكل صدق أن تبقى منفصلة سياسياً عن الضفة الغربية، وأن لا تكون هناك تسوية بين حماس وفتح، لأن ذلك سيضر باللاعنف الذي تنتهجه السلطة الفلسطينية وإستراتيجية الدولتين. يستطيع العالم بل يتوجب عليه دعم محمود عباس وسلام فياض ضد سياسات حكومة نتنياهو. فهو لا يستطيع، ويجب ألا يدعم حماس.
ولكن إذا فشل عباس وفياض فمن المنطقي القول أن حماس ستخلفهما في الضفة الغربية تماماً كما حصل في غزة. وإذا فشل اللاعنف فمن المنطقي أن يعود الفلسطينيون إلى العنف. لا تستطيع إسرائيل رؤية ذلك وهي لا تريد رؤيته. هذا الأمر عائد لأوباما والغرب لأن يجعلوا إسرائيل تراه.
ما الذي ينتظرونه؟ الانفجار؟
* لاري ديرفنر كاتب مقالات وأعمدة في الجيروساليم بوست.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال