تزويد سورية لحزب الله بصواريخ سكود والموقف المصري من حزب الله.. اعادة تقييم الموقف تجاه العلاقة بكل من الولايات المتحدة واسرائيل

تصريحات السيد احمد ابو الغيط وزير الخارجية المصري التي ادلى بها اثناء زيارته الى لبنان، ووصف فيها التسريبات الاسرائيلية حول تزويد سورية لحزب الله بصواريخ سكود بانها 'اكذوبة'، جاءت مفاجأة للكثيرين من المراقبين لما تنطوي عليه من معان على درجة كبيرة من الأهمية يمكن تلخيصها في النقاط التالية:
اولا: هذه هي المرة الاولى ومنذ عدة سنوات يدلي فيها مسؤول مصري في وزن ووظيفة السيد ابو الغيط بتصريحات تصب في مصلحة المقاومة اللبنانية، وتفضح الاساليب الدعائية الاسرائيلية ذات الاجندات العدوانية. فقد جرت العادة ان يتخذ المسؤولون المصريون واحدا من موقفين، اما الصمت المطبق، او التشكيك في المقاومة ودورها، وانتقاد عملياتها ضد العدو الاسرائيلي.
ثانيا: تعمد المسؤولون المصريون في الفترة الاخيرة، ومنذ اغتيال المرحوم رفيق الحريري رئيس وزراء لبنان الاسبق، اتباع منهج التصعيد مع سورية وحكومتها، وتجنب ابداء اي تعاطف حقيقي معها، خاصة اذا كان العدوان الذي يستهدفها امريكيا، واذا جرى ابداء اي تعاطف، خاصة تجاه الغارة الاسرائيلية التي استهدفت المفاعل النووي المزعوم قرب دير الزور شمال شرق سورية، فإن هذا التعاطف يأتي باردا، هذا اذا اتى فعلا.
ثالثا: الحكومة المصرية وقفت في خندق الرابع عشر من آذار اثناء الأزمة اللبنانية الاخيرة، واستضافت معظم زعماء هذا التحالف مثل سمير جعجع، وسعد الحريري ووليد جنبلاط (قبل ان ينشق)، واظهرت عداء سافرا للوجه الآخر من المعادلة اللبنانية، اي حزب الله والتيار الوطني الحر وحركة امل. وكونها تبرئ التكتل الاخير من الاتهامات الاسرائيلية المدعومة امريكيا فهذا موقف تصحيحي يستحق التأمل.
لا نعرف الاسباب الحقيقية الكامنة وراء هذا التحول في الموقف المصري تجاه سورية وحزب الله، وقبل ان نتكهن بها وحولها، لا بد من طرح سؤال مهم عما اذا كان هذا التحول استراتيجياً قابلاً للاستمرار، اما انه مجرد 'زلة لسان' من وزير خارجية مصري تعودنا على زلات لسانه خاصة اثناء العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة، او اقتحام الجوعى المحاصرين للحدود المصرية ـ الفلسطينية بحثاً عن رغيف خبز وعلبة حليب.
هناك احتمالان لتفسير أسباب هذا التحول المصري تجاه سورية و'حزب الله':
الأول: ان يكون النظام المصري بصدد اعادة تقييم موقفه تجاه علاقته بكل من الولايات المتحدة واسرائيل، بسبب تدخل الاولى بشؤونه الداخلية وتقديمها دعما غير مباشر لحركات المعارضة الدستورية وخاصة الدكتور محمد البرادعي المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، الذي يطالب بتعديل الدستور المصري، وتوسيع دائرة الترشيح لانتخابات الرئاسة، واقدام الثانية اي اسرائيل على التسلل الى دول منابع النيل وتحريضها على تغيير اتفاقيات المياه بحيث تقلص حصة مصر منها.
الثاني: ان يكون السيد ابو الغيط يريد التمهيد للقاء القمة الثلاثي المنتظر الذي من المقرر ان يعقد في شرم الشيخ اثناء زيارة كل من العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس السوري بشار الأسد للاطمئنان على صحة الرئيس المصري حسني مبارك، بعد تعافيه من آثار عملية جراحية لإزالة اورام حميدة من امعائه في المانيا.
نأمل ان يكون الموقف الذي عبر عنه السيد ابو الغيط هو مقدمة لحدوث تغيير ايجابي في الموقف المصري تجاه سورية والمقاومة اللبنانية، لان مصر يجب ألا تقف في الخندق الآخر، اي الخندق الامريكي الاسرائيلي، خاصة بعد ان أدركت النتائج الكارثية على موقفها هذا في العراق وفلسطين وافغانستان.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال