الحياء والتخلف والعناية بالمظاهر.. غياب الردع والقانون وانتشار الاغتصاب تحت اسماء منمقة

«الحياء» سمة عربية أصيلة، فضلا عن أنه شعبة من شعب الإيمان، كما قال الرسول، صلى الله عليه وسلم، لكن يبدو أننا فقدنا الاثنين معا وتفرغنا للمظاهر من لحى وجلاليب وأغطية.

انشغلنا بربطات عنق نجوم الافتاء، ولم نلتفت الى العار الذي يلفنا أينما ولينا وجوهنا، فحين نسمع عن ظاهرة تحرش أو اغتصاب نقول ان هذا راجع إلى أن المرأة سافرة، أو ان هؤلاء شباب في سن الخطر أو لأي سبب آخر سواء كان مرضيا أو غير مرضي.

أما الطامة الكبرى فهي ذاك الصنف الجديد من الاغتصاب، وهو نوع جديد لم نسمع عنه ولم نألفه، هو اغتصاب بموافقة الأب ومباركة الأم، اغتصاب تحت ستار اسمه زواج وعقد ومأذون، فحين تزوج البنت وهي في الثالثة عشرة فهذا اغتصاب، وحين يلقي بها والدها في أحضان رجل كالثور وهي لا تزال طفلة بريئة كالعصفورة الجميلة فهذا اشنع وابشع جرما من الاغتصاب، فكما اسلفنا ان للاغتصاب مبررات من الممكن أن نوجدها، أما هذا فلا مبرر له، تقول ظروف مادية، أو ظروف قهرية فهذه كلها ليست بأسباب، وما حدث في اليمن من تزويج بنت عمرها لم يتجاوز الثالثة عشرة، وتركها بين مخالب ذئب بشري مفترس لم يرحم ضعفها، ولم يلق انتباها لصراخها، ولم يتركها حتى فاضت روحها، فبالله عليكم مثل هذا ماذا يكون جزاؤه؟ لا بد ان يكون جزاؤه الاعدام حتى الموت. ليس وحده بل والأب المجرم الذي لعب الدور الأكبر، والأم التي لم تمانع وهي الأقرب الى بنتها وهي التي يفترض بها ان تكون الملجأ والملاذ والحضن الحنون لطفلتها البريئة.

ولكن، وفي غياب القانون أو نومه، وفي ظل عدم وجود تشريعات تمنع زواج البنت تحت سن الثامنة عشرة، لا بد ان يحصل هذا، ولو انها دولة قانونها مشهر كالسيف، ووضعت للزواج ضوابط وقوانين ما فكر أحد في مخالفة القانون والا سيكون منبوذا ومكروها، وحتى مهانا، فضلا عن انه ينال عقابا فوريا، تماما مثلما يحدث في دولة كوطننا الكويت التي يوجد فيها جاليات من معظم انحاء العالم، ولكل جالية طباع وتصرفات تختلف باختلاف البيئات، لكن وسط هذا التباين نجد المنقبة تجاور السافرة، والمتحجبة تجاور شبه العارية في المسكن والشارع والمتجر والشاطئ من دون ان يجرؤ من في قلبه مرض وتسول له نفسه امرا سيئا بامرأة تسير في «المول» وكأنها على الشاطئ، أو يعتدي على واحدة بالنظر الفاحش، أو القول الخادش، أو الفعل الخارج عن القيم والأخلاق.. لماذا؟ لأن القانون حاسم وحاد كما النصل ولا يفرق بين كبير أو صغير.

ولست هنا ملقيا باللوم كله على غياب الردع والقانون، وانما ايضا هناك مسؤولية حتمية تقع على المجتمع بمؤسساته التي تخلت عن دورها وانشغلت بالهامش من الأمور والتافه منها، فعلى تلك المؤسسات ان تقوم بدورها في التوعية والتثقيف وزرع فضيلة الحياء في نفوس الابناء من جديد.

غسان سليمان العتيبي
أحدث أقدم

نموذج الاتصال