وصفة ساحرة للسلام.. إقامة مشاريع التعايش وكسر حواجز الخوف وانعدام الثقة وجعل الصداقة والمشاريع التجارية الناجحة تستطيع البقاء والاستمرار

تجعل الأخبار المنقولة على شبكة سي إن إن الأمر يبدو وكأن كل عربي ويهودي في إسرائيل هم ألدّ الأعداء. ولكن واقع الأمر هو أن العشرات من مشاريع التعايش المقصودة ما زالت قائمة، بعد أن بدأها أصدقاء عرب ويهود كوسيلة لكسر حواجز الخوف وانعدام الثقة. وتبدأ واحدة من أقدم القصص في مطعم بمدينة حيفا قبل عقود من الزمان.
ضحك الأصدقاء العرب واليهود عندما أعلنت أسرتا مطر وطيّار عن انضمامهما معاً لبناء مطعم مشترك. عائلة مطر عربية مسيحية تعمل في مجال المطاعم، وعائلة طيّار يهودية إسرائيلية تنشط في مجال العقارات. شعرت العائلتان أن ذلك يشكّل خليطاً مثالياً من المواهب. تستطيع إحدى الأسرتين إعداد وصفات الطعام بينما تستطيع الأخرى إيجاد الموقع وإعداد الجو العام.
كان ذلك قبل عشرات الألوف من صحون الحمص، في العام 1965. بحث أفراد أسرتي مطر والطيّار عن الموقع المثالي بين منطقة مطلّة على البحر الأبيض المتوسط وسلسلة جبال الكرمل في حيفا. عاشوا منذ افتتاح المطعم الحلم عبر حروب وانتفاضات وحتى هجمة انتحارية مدمرة قتلت 19 شخصاً من أفراد العائلة والأصدقاء والعاملين والزبائن.
اكتشفت العائلتان أن مهمتهما في صنع السلام من خلال شيء مشترك مثل الطعام هي أقوى من الحقد والإرهاب والنزاع الذي تواجهانه. ما زال مطعم "ماكسيم"، ومعناه بالعبرية "الساحر"، يقدم مأكولات عربية معدّة من وصفات طورتها أسرة مطر. تستطيع هناك أن تجد كافة مأكولات الرجل العامل، الذي أصبح الإسرائيليون الذين ابتعدوا عن أطعمة ماكدونالدز السريعة يحبونها: الحمص والكباب المعد من لحم الخروف والبقر والمجدرة والبطاطا المقلية.
ورغم صحة القول بأن الإسرائيليين يبجّلون صحن حمص جيد الإعداد، إلا أن مطعم ماكسيم ليس فقط عن الطعام، حسب قول طوني، ابن سليم (الذي توفي) وفيروز، اللذين أسسا المطعم مع شبتاي (الذي توفي أيضاً) وميراي طيّار عام 1965.
يقول طوني أن ماكسيم يشكّل منارة للتعايش في الشرق الأوسط. وهو مثال حي على أنه حتى في دولة شرق أوسطية يشعر فيها الناس بالشك من الآخر، عرباً أو يهوداً، متدينين أو غير متدينين، بأن الصداقة والمشاريع التجارية الناجحة تستطيع البقاء والاستمرار.
"عندما افتتحت أسرتانا المطعم، كان ذلك يشكّل عملاً كثيراً لهما. ولكن ذلك أصبح رمزاً لكيف يمكن للعرب واليهود أن يعملوا معاً" يقول طوني. "كان الناس يحضرون لتناول الطعام في ماكسيم فقط ليروا ما إذا كان ذلك صحيحاً أم أنه مجرد خدعة لاجتذاب الزبائن". ورغم وجود ديانتين فقط وراء فرن الشواء، يقول طوني أنه لا مانع لديه أن يكون هناك شريك ثالث مسلم. "أن يكون هناك شريك ثالث، هذا هو الوضع المثالي".
يجري قول ذلك رغم التفجير الانتحاري الذي وقع في مطعم ماكسيم عام 2003. احتاج الأمر للكثير من الإقناع من قبل أصدقاء إسرائيليين وأمريكيين قبل أن ينضم طوني، الذي شهد التفجير، لجهود إعادة بناء "ماكسيم". قد تظن إذا ذهبت إلى "ماكسيم" اليوم أن عملية التحوّل كانت سهلة، ولكن ذلك غير صحيح دائماً. بعد تفجير عام 2003 الانتحاري في المطعم، فقد طوني الأمل لفترة. احتاج الأمر للكثير من الإقناع، لوضع القطع المتناثرة معاً. بعد مرور شهور قليلة، وافق على إعادة فتح المطعم، ووضع لوحة كتب عليها "لن نسمح بتدمير التعايش".
"لم أكن أريد الاستمرار في البداية", يقول طوني. "كنت قد رأيت ما يكفي، وكان من الصعب جداً أن أعيش مع ما حصل هناك. بعد ذلك قال لي الجيران والزبائن وأصدقاؤهم أنني لا أستطيع أن أتوقف، فذلك يعني أن الإرهاب قد فاز".
"كنت محطماً" بعد التفجير، يقول طوني، الذي يدير المطعم مع أخيه. "ولكنهم أقنعوني بالعودة في تلك اللحظة. قمنا ببنائه مرة أخرى، ومنذ اليوم الأول، عاد العمل إلى وضعه الاعتيادي، من حيث مساندة الزبائن. ولكن الأموال أو العمل لا يعوضانا، مهما كان حجمهما، عن الناس الذين فقدناهم"، يضيف طوني.
كان التجاوب من قبل مجتمع حيفا والأصدقاء اليهود والمسيحيين والمسلمين مميزاً. رغم وجود توجه لدى المطاعم التي تتعرض للتفجيرات الانتحارية ألا تعود لتفتح أبوابها، إلا أن "ماكسيم" خالف القاعدة، وأصبح أقوى من قبل، بمساعدة حكومية غطت حوالي 20% من الخسائر، ودفع أفراد الأسرتين الباقي من جيوبهم الخاصة.
يعمل اليوم حوالي عشرين شخصاً في "ماكسيم". تتولى أسرة مطر إدارة المطعم بينما تبقى ابنة أسرة الطيار الوحيدة، التي تعمل مديرة لمدرسة محلية شريكاً صامتاً، "وهي تعطينا دعمها الكامل" يقول طوني.
"نستطيع التشارك في حياتنا قبل الهجوم وبعده ولكننا مستمرون في الصلاة من أجل السلام"، يقول طوني، الذي يقدم وصفة للتعايش السلمي، والحمّص.
وصفة ماكسيم للحمّص:
أعدها طوني مطر لخدمة الأرضية المشتركة الإخبارية:
المكونات:
- 2 كيلو غرام حمص جاف حبة صغيرة.
- 1 ملعقة طعام كربونات الصودا.
- 1 ملعقة طعام بيكنغ باودر.
- 2 ملعقة طعام ملح.
- 2 ملعقة طعام ملح الليمون.
- نصف معيار طحينة (نصف كمية الحمص المغلي).
- ماء.
- زيت زيتون.
انقع حبات الحمص ليلة كاملة بالماء البارد مع كربونات الصودا والبيكنغ باودر. اغسل الحمص في اليوم التالي بالماء الجاري وقم بتنظيفه من الحجارة الصغيرة. ضع الحمص في إناء وغطّه بالماء البارد ثم أضف ضعف كمية الماء وقم بغليه. عند وصول الماء درجة الغليان خفّض النار واتركه يغلي لمدة ساعتين وهو مغطّى، حتى تصبح حبات الحمص طرية.
قم بتصفية الحمص واتركه يبرد. ضعه في آلة الخلط مع الطحينة (نصف حجم الحمص المغلي) أضف الملح وملح الليمون وما يكفي من ملاعق الماء ليصبح الخليط سلساً وسميكا. ضع الحمص في الصحن وأضف زيت الزيتون.
"هذا هو الحمص، وصحتين!".
 كارين كلوسترمان صحفية وصاحبة مدونة مركزها يافا بإسرائيل
أحدث أقدم

نموذج الاتصال