القاهرة ـ 'القدس العربي' كشفت مصادر في الحزب الحاكم لـ'القدس العربي' أن مشروع التوريث وحلم جمال مبارك بخلافة والده قد تبدد بسبب استفحال الأزمات التي تعيشها البلاد وظهور مشاكل خارجية كبرى أبرزها الأزمة التي تخوضها مصر مع دول حوض نهر النيل التي تهدد 80 مليون مصري بالعطش .. وهي الأزمة التي وصفها مراقبون بأنها تحتاج لرئيس قوي لإدارة ملفها ليس هو بالطبع جمال مبارك. وأشار قيادي بارز لـ'القدس العربي' في الحزب الحاكم أن البلاد لا يمكن بأى حال أن تقود صراعا يضمن استمرار حصول مصر على نصيبها من المياه وعدم المساس به في ظل وجود رئيس كجمال مبارك ليس له تاريخ في إدارة الملفات الخطيرة .
وقال ذات المصدر أغلب الظن أن مصر ستحكم لسنوات قادمة برئيس عسكري حتى ولو لم يكن مبارك.
وأشار ذات المصدر الى أن جهات سيادية باتت على يقين بأن مصر بحاجه لرئيس عسكري خلال الفترة المقبلة، وأن الرئيس المدني لن ينفعها في شيء خاصة إذا كان جمال مبارك.
ويعزز من تلك التكهنات ما يتردد حول اجتماعات مكثفة بين قيادات في أجنحة مختلفة تتم في السر من أجل التباحث في كيفية إزاحة جمال عن سدة المشهد الراهن ومحاولة إقناع عائلته بأن هذا الحلم في انحسار مستمر، وأن تعاظم الأزمات التي تعيشها مصر أنهى الحلم الذي تعيشه زمرة جمال مبارك التي تسعى للإستفادة من منجزاتها التي حققتها على مدار الأعوام الماضية وتخشى الآن من أن تذهب أدراج الريح.
وقال عضو مجلس الشورى اللواء نبيل لوقا بباوي انه ليس بوسع شخص سوى الرئيس مبارك التصدي للصدام الناشئ مع أفريقيا وأن اي مرشح آخر ليس بوسعه عمل شيء لصعوبة ذلك الملف.
من جانبه أكد ضياء رشوان الأستاذ بمركز الدراسات الإستراتيجية بالأهرام أن ملف المياه الذي طرأ على السطح يدفع للتساؤل هل يستطيع شاب ليست له خبرة مثل جمال مبارك على إدارته..الإجابة بالطبع انه لايستطيع بأي حال من الأحوال خاصة لأنه ملف معقد وشائك بعد ما بدت عليه الدول الأفريقية من تشدد ورغبة في المضي بما قررته سلفاً من تقليص حصة مصر.
ويرى ضياء أن محاولة التبرير بأن ملف المياه شائك وبالتالي ينبغي علينا أن نقبل بالإستمرار تحت مظلة الحكم العسكري هو أمر غير منطقي وانه أمر لا يقبل، وتوقع بأن الرئيس مبارك سيترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وستكون هديته للشعب المصري ووسيلته لإرضاء المعارضة وتقليل الانتقادات الخارجية لمصر ممثلة في تعديل المادة 77 من الدستور الخاصة بمدة الرئاسة، ليتم تحديدها لولايتين على الأكثر مدة كل منها 6 سنوات.
واستبعد تمرير سيناريو توريث السلطة، الذي يحظى برفض قوى المعارضة في مصر، مرجعا ذلك إلى أن الرئيس مبارك غير متحمس لتصعيد نجله الأصغر جمال الذي يشغل أمين 'السياسات' بالحزب 'الوطني' لخلافته في المنصب، خاصة أنه لا يملك من أدوات الوصول للمنصب سوى والده كفرص تدعمه للترشح.
وأضاف رشوان 'من الناحية الدستورية فإن المادة 76 تقول بأنه على كل حزب سياسي أن يرشح عضوا يمثله، على أن تكون قد مرت على عضويته سنة متصلة قبل فتح باب الترشيح، مما يعني أنه إذا أراد أحد أن يرشح نفسه فعليه أن يكون ضمن الهيئة العليا قبل فتح باب الترشيح في حزيران/ يونيو القادم، وبالتالي فإنه إذا تم ضم عضو جديد للهيئة العليا منذ يومنا هذا وحتى حزيران/يونيو القادم فهذا هو الرئيس القادم.
وأشار رشوان إلى أن هيئة الحزب الوطني نفسها تصعب المسألة، فلكي تضم عضوا جديدا لا بد من عقد مؤتمر عام، وهذا المؤتمر سنوي، والذي يقتضي بالضرورة إعادة تشكيل المكتب السياسي والأمانة العامة تشكيلاً كاملا'.
وكشف عبد الله الاشعل مساعد وزير الخارجية أن جمال مبارك لايستطيع بالفعل التعامل مع الملف وأن طريقه نحو الرئاسة قد تعثر بالرغم من وجود تيار قوي داخل النظام يسعى لتنصيبه بالقوة.
اضاف الأشعل ان كلا من جمال مبارك والنظام العسكري انحسرا إلى غير رجعة وان المصريين اليوم أكثر إصراراً من أي وقت مضى على الصعود نحو الدولة المدنية والبحث عن رئيس لم يفرض عليهم وإنما هم الذين منحوه أصواتهم.
ويشدد مراقبون على أن مبارك لن يرشح نفسه خلال الإنتخابات القادمة وأن هذا الأمر شبه محسوم وهو ما يشير إليه الأشعل الذي رشح نفسه في الإنتخابات المقبلة ودعا المصريين لأن يتخلصوا من سلبيتهم ويشاركوا في التصويت حتى لا يتم تزوير إرادتهم.
وقال الاشعل هناك إصرار من قبل أصدقاء جمال مبارك على ترشيحه وهذا ما جعله يدخل الحياة السياسية لكن لامجال أمام النظام لكي يأتي به إلا أن يزور الانتخابات وذلك لأنه لايتمتع بأي قبول من أي نوع.
وأعرب الدكتور عمر الشوبكي الخبير بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بـ 'الأهرام' عن توقعه بأن الرئيس حسني مبارك لن يرشح نفسه مجددًا، وانه من المرجح أن يختار نائبا له، وأبرز المرشحين اللواء عمر سليمان رئيس المخابرات العامة، الذي قال إنه بمجيئه سيقلل من فرص جمال مبارك في الترشح لمنصب رئيس الجمهورية.
وأضاف: جمال مبارك لديه حلم الترشح لمنصب الرئيس، لكنه لا يمتلك الفرصة رغم الجهود التي بذلها ولا يزال لتعظيم فرصته في المنصب، لأنه من البداية لم يكن هناك مخطط لتصعيده إلى السلطة، فقد ترك الرئيس مبارك نجله يمارس دورا داخل الحزب في منطقة محددة، ولو كان أعطى إشارات تؤكد نيته ترشيح نجله خلفا له لما كان ظهر تياران داخل الحزب 'الوطني' ما بين مؤيد ومعارض لجمال، لأنه لم يعتد أحد بالحزب على معارضة الرئيس فما بالنا بمعارضة رئيس حالي ورئيس قادم.
وقال إن جمال مبارك مارس دوره في البداية بمنطقة محددة داخل الحزب 'الوطني' لكنه تمدد اقتصاديا، ورأى أن من حقه تولي الرئاسة لكن هذا المشروع انتهى تماما مع مرض الرئيس لأن جمال اختفى تماما من الساحة السياسية في وقت كان عليه أن يكون الوجه الأبرز، إلى جانب أنه ذهب إلى لندن ليشهد ميلاد طفلته في بريطانيا رغم أنها عاصمة الدولة التي احتلت مصر سنوات عديدة.
واتفق الشوبكي مع الرأي الذي يذهب اصحابه إلى أن مشروع التوريث خفت قليلا لاعتبارات بعضها يتعلق بأداء أجهزة الدولة وعدم قبول الرأي العام لفكرة التوريث وحالة الحراك السياسي التي تشهدها البلاد، مشيرا إلى أن المستقبل يحمل نمطين للحكم، إما رئيس من داخل مؤسسات الدولة، أو زعيم شعبي يختاره الناس، وجمال مبارك ليس من هذا أو ذاك، لكنه سيحاول البقاء على مشروعه حتى آخر نفس للوصول إلى السلطة.
وأشار الشوبكي الى ان الدستور لا ينص بالضرورة على أن يتولى النائب منصب رئيس الجمهورية، إلا أنه قد يترشح كمستقل ويحصل على توقيع الـ 250 شخصية من مجلس الشعب والمحليات وفقا للدستور، أو ينضم إلى الهيئة العليا للحزب الوطني ليرشحه الحزب للرئاسة مباشرة، واعتبر الأكثر قربا لتولي منصب النائب هو اللواء عمر سليمان رئيس المخابرات العامة.
وأضاف نحن أمام خيارين اما إن يختار الوطني بقاء الوضع على ما هو عليه ويرشح جمال مبارك في الانتخابات المقبلة، أو يتم تعيين نائب للرئيس يأتي من جهة سياسية أو من مؤسسة بالدولة لتزداد فرصته في الترشح خلفا لمبارك رئيسا للجمهورية.
وفسر التكهنات المتزايدة في الوقت الراهن حول مستقبل الحكم في مصر بالوضع العام بالبلاد، قائلاً: 'لسنا في بلد ديمقراطي نتوقع فيه ما سيحدث وفقا لمطالب الناس، لكن وفقا لما يتم الترتيب له خلف الكواليس من علاقات شد وجذب'.
وترجيحا للترشيح في حالة لم يترشح الرئيس مبارك وجمال، هما السيد صفوت الشريف الأمين العام للحزب الوطني، والدكتور زكريا عزمي، مضيفًا: ومن خارج الحزب الوطني هو السيد عمر سليمان، ولكي يتم ترشيحه يجب أن يتم ضمه للهيئة العليا للحزب الوطني قبل حزيران/يونيو القادم، أو أن يأتي مرشح مستقل، ويتكفل بالتوقيعات.
التسميات
مصر