واصلت الغيوم البركانية الجوالة «سياحتها» في الاجواء الاوروبية مخلفة الفوضى في حركة الاتصالات والنقل الجوي والاعمال من دون ان يعرف القيمون على «منظمة السلامة الجوية الأوروبية» او مراقبة حركة الملاحة متى يمكن ان تفتح المطارات لتعود الحركة الجوية الى طبيعتها. ويُقدر ان ما يصل الى مليوني مسافر، بينهم 600 الف في بريطانيا او عبر مطاراتها، تأثروا بحظر السفر في حين كان من ابرز «الضحايا» مستشارة المانيا انغيلا مركل التي لم تستطع طائرتها الاقلاع الى وجهتها. كما حالت غيوم الرماد والدخان البركاني الناتجة عن البركان الايسلندي دون وصول عدد كبير من الملكات والملوك والرؤساء الى كوبنهاغن للاحتفال بالعيد السبعين لملكة الدنمارك مارغريت.
وأعلنت «هيئة مراقبة الطيران الأوروبية» أن تعطّل الرحلات الجوية في القارة كان يوم أمس أسوأ من قبله، وتوقّعت استمرار تأخير الرحلات، إذ أن سحابة الرماد البركاني تمتد ببطء جنوباً وشرقاً لتعم القارة.
وأفادت «منظمة السلامة الجوية الأوروبية» بأن تعطّل الرحلات الجوية، وهو الأكبر في تاريخ المنطقة، قد يستمر يومين آخرين، فيما قال أحد علماء البراكين البارزين إن الرماد قد يسبب مشاكل على فترات متقطعة للطيران على مدى 6 شهور او اكثر إذا استمرت ثورة البركان الواقع تحت نهر ايافيالايوكول المتجمد جنوب أيسلندا.
ومع توقف الملاحة الجوية، تحوّل الضغط في مدن أوروبية مهمة إلى القطارات والفنادق ووكالات السيارات المستأجرة، إذ سعى مسافرون إلى إيجاد وسائل بديلة.
وأعلنت «الهيئة البريطانية للمراقبة الجوية» أن غيوماً ملوثة بحصى وأتربة على ارتفاع بين 6 و9 آلاف قدم ولا تراها العين المجردة، تتجه فوق شمال فرنسا والنمسا إلى شرق روسيا ووسطها وعلقت تحليق الطائرات حتى ظهر السبت مبدئياً.
ولم يستطع احد ان يُقدر حجم الخسائر العامة للاقتصادات الاوروبية لكن منظمة «اياتا» قدرت خسائر شركات الطيران وحدها بنحو 200 مليون دولار يومياً قد تُضاف الى مبلغ مماثل يتوزع بين شركات التأمين وقلة الانتاجية وعدم قدرة الموظفين على الوصول الى اعمالهم.
وقال الناطق باسم «اياتا» انطوني كونسيل: «بناءً على مستوى الاضطراب الحالي، فإن الخسارة المالية التي تكبدتها الشركات الجوية تفوق 200 مليون دولار يومياً، لجهة الخسارة في رقم المعاملات». وأضاف أن ذلك «يُضاف إلى خسائر العائدات بالنسبة إلى الشركات الجوية، وتكاليف تغيير مسارات طائراتها والتكفل بنفقات المسافرين والطائرات العالقة في مختلف المطارات»، موضحاً أن الرقم الذي قدمه هو عبارة عن «تقديرات أولية حذرة».
وقدرت صحيفة «فايننشال تايمز» الخسائر بما يفوق بليون دولار اذا ما استمر اضطراب حركة النقل الجوي الى مطلع الاسبوع المقبل خصوصاً بعدما تراجعت اسعار اسهم شركات الطيران والسياحة والنقل وحتى شركات الادوية التي تعتمد الطائرات لنقل منتجاتها.
كما تأثرت سلاسل السوبرماركت في مختلف انحاء اوروبا نتيجة الشلل الذي اصاب نقل المنتجات الغذائية التي تسلم طازجة الى الزبائن.
وتعطلت حركة الطائرات في أبرز المطارات الأوروبية، «هيثرو» في لندن و»شارل ديغول» في باريس وفرانكفورت، إضافة إلى عشرات المطارات الأخرى، بينها 25 في فرنسا وحدها. كما مُنع تحليق الطائرات في 10 مطارات أخرى في ألمانيا.
وأغلقت سويسرا وكرواتيا وسلوفاكيا مجالاتها الجوية، فيما وسّعت بولندا مجال حظر السفر إلى كل أنحاء البلاد تقريباً. لكن جاك ساسين مساعد مدير مكتب الرئيس البولندي أعلن أن موكب تشييع جثماني الرئيس ليخ كاجينسكي وزوجته سينظم كما هو مقرر غداً الأحد في مدينة كراكوفا جنوب البلاد، على رغم احتمال تغيّب زعماء أجانب عن الدفن بسبب تعليق الرحلات.
ورجّح ناطق باسم «الهيئة البريطانية للمراقبة الجوية» أن «تكون أوروبا تشهد اكبر تعطّل للملاحة الجوية منذ هجمات 11 أيلول 2001، مضيفاً انه «من ناحية إغلاق المجال الجوي، انه أسوأ من مرحلة ما بعد 11 أيلول، وقد يكون التعطّل أوسع ما شهدناه على الإطلاق». وكانت السلطات الأميركية أغلقت مجالها الجوي 3 أيام بعد الهجمات في نيويورك وواشنطن.
إلى ذلك، حذرت «منظمة الصحة العالمية» من أن سحابة الرماد البركاني قد تشكل خطراً على الصحة العامة، إذا وقعت الحصى الملوثة على الأرض. ونصحت الأوروبيين بمحاولة البقاء داخل أماكن مغقلة، إذا وقع الرماد، إذ أن استنشاقه قد يسبّب مشاكل في التنفس، خصوصاً لمن يعانون من «الربو» وأمراض التنفس.
التسميات
بيئة