ليست الدعوة الدولية الأولى ولكنها قد تكون الأقوى والأكثر رمزية، فمن العاصمة السعودية الرياض اختارت مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان نافي بيلاي أن تستهل جولتها الخليجية الحالية بدعوة دول الخليج العربية إلى إلغاء نظام الكفالة المطبق على العمال الوافدين إليها.
وقد حثت بيلاي دول الخليج على استبدال هذا النظام بقوانين أخرى توازن بين حقوق العمال وواجباتهم، منتقدة ما يتعرضون له من 'تمييز وعنف واستغلال وغيرها من انتهاكات حقوق الإنسان(..) ومن استمرار احتجاز غير قانوني لجوازات سفرهم وتأخير دفع الأجور والاستغلال من خلال مؤسسات توظيف وأصحاب عمل لا ضمير لهم'.
كما انتقدت المسؤولة الدولية عدم توقيع أي من دول الخليج على الاتفاقية الدولية لحماية حقوق العمال المهاجرين وأفراد أسرهم لكنها عبرت عن أملها في أن يتغير ذلك قريبا.
قد تكون السيدة بيلاي أرادت من خلال إطلاق جملة هذه المواقف الصريحة، مع غيرها حول المرأة ومنظمات حقوق الإنسان، أن تحدد ومن المملكة العربية السعودية بالذات طبيعة جولتها الخليجية التي تختتمها بدولة الإمارات العربية المتحدة، وأن ترفع بالمناسبة من سقف اللهجة الدولية تجاه هذه الدول (السعودية والإمارات والكويت وقطر وسلطنة عمان والبحرين) التي يقيم فيها حوالي 13 مليون أجنبي غالبيتهم عمال متحدرون من دول آسيوية، من أصل حوالي 36 مليون نسمة هم إجمالي سكان دول المجلس.
وبنظرة سريعة على عناوين عدد من الصحف السعودية والخليجية عموما الصادرة أمس الثلاثاء نلاحظ غيابا لما قالته بيلاي في الصفحات الأولى.
فقد يكون الموضوع أدرج بالداخل أو تم تجاهله بالكامل مع غياب لأي تعليق أو رأي في الموضوع. وحتى لا يتم تفسير الأمر بتسرع، ربما يكون من المناسب انتظار صحف اليوم الأربعاء أو التي تليها للوقوف على التفاعلات المحتملة لهذه التصريحات التي من المرجح أنها استقبلت رسميا بامتعاض خفي.
في المقابل لم تفوت البحرين، البلد الخليجي الوحيد الذي ألغى نظام الكفيل، المناسبة لكي يفتخر، عن جدارة، بأنه تخلص من هذا النظام الذي وصفه وزير العمل البحريني مجيد علوي في تعليقه الفوري على تصريحات بيلاي بأنه نظام عبودية متخلف، وهو نفس التعبير تقريبا الذي كان استعمله رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري حمد بن جاسم آل ثاني قبل أشهر دون أن تقدم بلاده بعد على خطوة عملية مماثلة، في وقت شرعت فيه الكويت في إجراءات معينة نحو هذا الهدف.
ومن بين الردود الخليجية المميزة على الآراء الحازمة للمسؤولة الدولية ما قاله علي البغلي الوزير الكويتي السابق ورئيس جمعية حقوق الإنسان الكويتية الذي اعتبر الاستجابة للمطالب الدولية في شأن العمالة الأجنبية ووضع المرأة أمرا ممكنا إذا أرادت دول الخليج لسمعتها في مجال حقوق الإنسان أن تكون ناصعة.
وأوضح الوزير الكويتي السابق أن مواضيع حقوق الإنسان لم تعد مسائل داخلية وأن دول الخليج وغيرها من الدول العربية معرضة في أيار/مايو المقبل للمساءلة في ملفات عديدة تتعلق بالحريات وحقوق الإنسان الأساسية عندما تجتمع لجنة حقوق الإنسان الدولية في جنيف.
قد نحتاج لبضعة أيام لمعرفة الصدى الرسمي الحقيقي لتصريحات بيلاي والتي ستسعى مراكز قوى خليجية عديدة ولوبيات مصالح التهوين منها أو العمل لمزيد من تسويف التجاوب معها لكن الأكيد أن المؤتمر الصحافي للمسؤولة الدولية المنتظر في ختام جولتها سيبين إلى أي درجة تعمل دول الخليج على التخلص من هذا الصيت الدولي السيئ أم أنها تفضل المزيد من المماطلة وكسب الوقت... ولكن إلى متى؟
التسميات
عمالة