عصر تحول السلطة:
يدور هذا الكتاب حول السلطة عند مشارف القرن الحادي والعشرين ويعالج مسائل العنف والثروة والمعرفة والأدوار التي تلعبها في حياتنا، كما يتناول مافتحه هذا العالم المضطرب من دورب جديدة نحو السلطة.المجتمع نتاج للسلطة:
ورغم السمعة السيئة التي تقترن بفكرة السلطة نفسها نتيجة لما ظلت تتعرض له من سوء استخدام إلاَّ أن السلطة في حد ذاتها ليست بالشيء الحسن ولا السيئ. أنها جانب لا بد منه في أي علاقة إنسانية.وهي تؤثر على كل شيء، بدءًا من علاقاتنا الزوجية وانتهاء بالوظائف التي نشغلها والسيارات التي نقودها والإذاعة المرئية التي نشاهدها والآمال التي نسعى لتحقيقها.
وما نحن سوى نتاج للسلطة إلى حد يفوق ما يتصوره أغلبنا.
عصر تحول السلطة:
بيد أن السلطة تبقى واحداً من أقل جوانب حياتنا حظاً من الفهم وإن كان أكثرها أهمية لاسيما بالنسبة لجيلنا.
إذ أن هذا هو بداية عصر تحول السلطة. إننا نمر بفترة بَدَأَ يتفكك فيها كل هيكل السلطة الذي كان يجمع العالم بعضه ببعض، وثمة هيكل للسلطة يختلف اختلافاً جذرياً آخذ الآن في التشكل.. ويحدث هذا على كل مستوى من مستويات المجتمع الإنساني.
الأنماط القديمة للسلطة:
فالأنماط القديمة للسلطة في مكاتبنا ومتاجرنا ومصارفنا وأجنحة فنادقنا وفي معابدنا ومستشفياتنا ومدارسنا ومنازلنا بدأت الآن تتشقق في خطوط جديدة غريبة.
وحرم الجامعات، من كاليفورنيا إلى روما إلى تايوان، بات يتأجج ويضطرب تمهيداً للإنفجار، والصدامات العرقية والعنصرية آخذة في التضاعف.
وفي عالم الأعمال نرى الشركات العملاقة تتعرض للتفكيك تم التجميع كرة أخرى بعد أن تتهاوى أسهمها ومعها وظائف الآلاف من مستخدميها.
التحول في السلطة:
وقد تؤدي الإسعافات المقدمة للشركة المنهارة إلى تخفيف وقع السقوط على أحد كبار مديريها.. لكن عليه أن أن يقول وداعاً لما كانت توفره له السلطة من امتيازات: كطائرة الشركة والسيارة الليموزين والاجتماعات التي تنعقد في منتجعات الجولف الساحرة.. وفوق هذا وذاك المتعة الخفية التي يجدها الكثيرون في مجرد ممارسة السلطة.
ولايقتصر التحول في السلطة على من يحتلون قمة الشركات فحسب، بل إن مدراء المكاتب وكذلك المشرفين على عنابر الإنتاج بدأوا يكتشفون أن العمال ما عادوا يتقبلون الأوامر على علاتها، كما كان يفعل الكثيرون منهم ذات يوم.. بل باتوا يوجهون الأسئلة ويطالبون بإجابات عليها.
ويجابه ضباط الجيش نفس الشيء مع جنودهم ورؤساء الشرطة مع رجالهم والمدرسون – بصورة متزايدة – مع تلاميذهم.
تمزق النمط القديم للسلطة:
هذا التمزق الذي يشهده النمط القديم للسلطة والنفوذ على مستوى العمل والحياة اليومية بات يتسع ويزايد في نفس الوقت الذي تتفكك فيه هياكل السلطة على مستوى العالم.
منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ظلَّت هنالك قوتان عظيمان تتقاسمان النفوذ على كوكب الأرض، ولكل منهما حليفاتها وتوابعها ومشجعوها.. وكانت كل منهما توازن الأخرى : صاروخا بصاروخ ودبابة بدبابة وجاسوسا بجاسوس. أما اليوم فلم يعد ثمة وجود لذلك التوازن بالطبع.
فراغات السلطة:
والنتيجة هي ظهور (ثقوب سوداء) في النظام العالمي متمثلة في فراغات في السلطة ذات قوة شفط هائلة، كما في أوروبا الشرقية مثلاً، لها القدرة على دفع الدول والشعوب إلى تحالفات وصدمات غريبة وجديدة – أو بالأحرى قديمة. ويم هذا التحول بسرعة مدهشة جعلت الأحداث هي التي تدفع زعماء العالم بدلاً من أن يتحكموا هم فيها.
وثمة دافع قوي للاعتقاد بأن القوى التي تهز السلطة الآن على كل مستوى من مستويات النظام الإنساني سوف تصبح أشد ضراوة وأكثر تأثيراً في السنوات القليلة المقبلة.
هذه العملية الكبرى لإعادة هيكلة علاقات السلطة ستؤدي – كما يحدث عند تحرك الطبقات الأرضية وتطاحنها قبيل الزلزال- إلى واحدة من أنذر الوقائع في تاريخ الإنسان: وهي حدوث ثورة في طبيعة السلطة نفسها. إن (تحول السلطة) لايعني مجرد نقل السلطة، بل أيضا ً تغيير طبيعتها.
التسميات
الدولة والأمة