الأسبوع الذي انتهى كان، على المستوى الإقليمي، أسبوع «السكود»، على وقع الضجة الإعلامية ـ السياسية التي أحدثتها الاتهامات الإسرائيلية لسوريا بأنها تقوم منذ فترة بتزويد «حزب الله» في لبنان بهذا النوع من الصواريخ.
والمفارقة أنه في الوقت الذي استنفرت إسرائيل الأوركسترا الإعلامية الصاخبة التي تؤازرها، داخل الولايات المتحدة وفي العواصم الأوروبية، وحركت القوى الضاغطة داخل الكونغرس، لمؤازرتها في الضغط على سوريا والحكومة اللبنانية، اتخذت «هيئة الحوار الوطني» في قصر بعبدا قراراً بسحب سلاح «حزب الله» من التداول، وحصر أعمالها بالبحث في مشورع الاستراتيجية الدفاعية، ومستلزماته التقنية والسياسية.
ماذا في «الكذبة السكودية» ولماذا الآن؟
الخبراء العسكريون يقولون إن تزود “حزب الله” بصواريخ “سكود” المتوسطة المدى ليس وارداً لمجموعة أسباب أبرزها أنه لا يحتاج إلى هذا النوع من الصواريخ، وهي من طراز متخلف بالمقارنة مع الصواريخ المتطورة التي يملكها، فضلاً عن أنها ليست دقيقة التصويب. وفي تقدير الخبراء أن الجيل الثالث (المطور) من عائلة “سكود” لا يزال قيد التجربة، وأن الوقت لم يحن بعد لاقتنائه، فضلاً عن أنه لا يشكل جزءاً من منظومة الحزب التي تنوعت كثيراً في السنوات الخمس الأخيرة، وباتت تضم شبكة مضادة للطيران يمكن نشرها في مختلف المناطق اللبنانية.
والخبراء يقولون إن المقاومة لا تحتاج إلى صواريخ بعيدة المدى (500 كيلومتر وما فوق) لأن المدن الاسرائيلية كلها باتت في دائرة استهدافها، وهي على مسافات تتراوح بين 15 و200 كيلومتر، ولأن استراتيجية المقاومة ليست استراتيجية مستقلة عن الدفاعات السورية والإيرانية. ومعروف أن اللقاء الثلاثي (قمة دمشق) الذي جمع الرئيسين الايراني والسوري والأمين العام لحزب الله، كرس وحدة الجبهات الثلاث، وإذا كانت سوريا تملك منظومتها الصاروخية القادرة على الوصول الى العمق الإسرائيلي، فإن “حزب الله” في غنى عن امتلاك قدرات صاروخية إضافية لاستهداف المواقع والمنشآت الاسرائيلية.
يضيف العارفون أسباباً أخرى تقف وراء عدم سعي “حزب الله” الى اقتناء هذا النوع من الصواريخ، أبرزها أن عملية موضعته وتجهيزه تحتاج الى عشرين دقيقة على الأقل، لأن نصب المنصات الصاروخية العائدة لهذا النوع من الصواريخ، ثم نقلها من مكان الى آخر كلاهما يتطلب وقتاً، الأمر الذي يجعلها مكشوفة أمام الطيران المعادي الذي يملك سيطرة كاملة على الاجواء اللبنانية ونسبية على الأجواء السورية. وقد عززت القوات السورية في المرحلة الأخيرة شبكات دفاعها الجوي بصواريخ متطورة جداً، في حين أن المقاومة لا تحتاج الى هذه المنظومة، بحكم طبيعة العمليات التي تقوم بها.
وباختصار، إن كل كلام عن صواريخ “سكود” زودت بها المقاومة في غير محله، وهو بمثابة كذبة كبيرة ومناورة مكشوفة لا اكثر ولا أقل، والغرض منه اعادة وصل ما انقطع من جسور بين اسرائيل وبعض العواصم الاوروبية، ونسف الحوار القائم بين دمشق وواشنطن، وتحويل الاهتمام عن النشاط الاستيطاني الاسرائيلي الشرس والمتزايد في المرحلة الاخيرة، والعودة الى الاحضان الاميركية من الباب الواسع تحت عنوان التصدي للمثلث السوري- الايراني- اللبناني المقاوم، واستطراداً مواصلة سياسات التهجير العنصري والتهويد المكشوف، تحت مظلة الاتفاقات الاستراتيجية المعقودة بين واشنطن وتل أبيب.
وليس سراً ان اسرائيل تتصدى في هذه المرحلة، بكل الوسائل التي تملكها لمبادرة السلام الاميركية في المنطقة التي ترمي الى بدء محادثات غير مباشرة بين الاسرائيليين والفلسطينيين (برعاية اميركية مباشرة)، وللثوابت التي يعدها باراك اوباما لقيام دولة فلسطينية مستقلة، لأن هذه الثوابت لا تنسجم مع المخططات الاسرائيلية الاستيطانية ومشروع التهويد المتواصل. وفي اطار السعي لرفع الضغوط الأميركية وجه رئيس الكونغرس اليهودي العالمي رونالد لودر رسالة مفتوحة الى الرئيس الاميركي باراك اوباما طالبه فيها بوقف تحميل اسرائيل مسؤولية عرقلة عملية السلام. لكن صحيفة “هآرتس” نقلت عن دبلوماسي غربي ان الرئيس الاميركي سيواصل الضغط على إسرائيل حتى لو كلفه ذلك خسارة انتخابات الكونغرس المقبلة. كما نقلت صحيفة “النيويورك تايمز” عن مسؤولين اميركيين ان اوباما تسلم زمام الامور في ما يتعلق بالسياسة الشرق الاوسطية.
وقال لودر في الرسالة التي نشرت في صحيفتي “الواشنطن بوست” و”وول ستريت جورنال” ان رغبة اوباما في تحسين العلاقات مع العالم الاسلامي يجب الا تكون على حساب اسرائيل. وادعى ان ما وصفه بـ”استرضاء” المسلمين لن ينجح وقد يؤدي الى نتائج عكسية.
وتأتي هذه الرسالة من احدى اهم المنظمات اليهودية الاميركية في سياق الضغوط التي يمارسها اصدقاء اسرائيل على ادارة اوباما والتي انعكست اخيرا في رسالة وجهها 76 عضوا في مجلس الشيوخ (من اصل مئة) الى وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون وطالبوا فيها بصون العلاقات مع اسرائيل وازالة التوتر معها.
وقد ابدى لودر قلقه وقلق اليهود الاميركيين مما سماه “عزل الدولة العبرية ونزع الشرعية عنها”. وبعدما برر ما سماه هفوة “بيروقراطية الاسكان” المتمثلة في اعلان اسرائيل عن بناء مستوطنة جديدة في القدس العربية خلال زيارة نائب الرئيس الاميركي جوزف بايدن لاسرائيل، اضاف ان القلق يتحول الى “ذعر” حيث يبدو ان كلام الادارة الاميركية “سيضع اللوم على اسرائيل بسبب عدم تقدم محادثات السلام”. وحذّر اوباما من انه سيشعر بالإحباط مع الفلسطينيين كما حصل مع الرئيس السابق بيل كلينتون عندما رفض الفلسطينيون مقترحاته عام 2000. واشار الى ان “المستوطنات لم تكن القضية الجوهرية آنذاك، وهي ليست القضية الجوهرية الآن”.
ونقلت “النيويورك تايمس” عن مسؤولين أميركيين ان أوباما سيطر على السياسة الشرق الأوسطية شخصياً، وخصوصا منذ الجدل القائم مع اسرائيل في شأن الاستيطان. واعتبرت ان العبارة الأخيرة التي رددها خلال مؤتمر صحافي الثلاثاء الماضي، وهي ان حل الخلاف الشرق الأوسطي هو “مصلحة أمنية وطنية حيوية للولايات المتحدة”، تعتبر تذكيراً فاضحاً بتغير واسع في نظرة الولايات المتحدة إلى النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني، واحتمال أن تدفع بقوة للتوصل إلى اتفاق سلام. ورأت ان عبارة أوباما هذه هي عبارة عن تسليط للضوء على حصول تغيير ناجم عن نقاش طويل بين المسؤولين الأميركيين الكبار في طريقة كيفية الموازنة بالشكل الأمثل بين دعم إسرائيل والحفاظ على المصالح الأميركية.
وأشارت إلى ان هذا التحول، الذي تحدث عنه مسؤولون في إدارة أوباما طلبوا عدم ذكر اسمائهم، يدفع البيت الأبيض إلى العمل كراعٍ لاتفاق سلام في الشرق الأوسط، وهو يزيد احتمال أن يعرض أوباما، المنزعج من عدم قدرة الفلسطينيين والإسرائيليين على التوصل إلى حلول، إلى عرض ثوابته الخاصة لقيام دولة فلسطينية.
الأسباب المكتومة
هذا في العلن، لكن هناك اسباباً أخرى تبرر مناورة “السكود” الأخيرة في الحسابات الاسرائيلية، ويمكن عرضها في النقاط الآتية:
- في ذروة الأزمة الدبلوماسية بين اسرائيل والولايات المتحدة، اكدت القمة العربية التي عقدت في سرت ان لجنة متابعة مبادرة السلام العربية في صدد الاعداد لخطط بديلة لمواجهة احتمال فشل عملية السلام. هذه الخطط بدأ اعدادها فعلاً، ومن أجل مناقشتها واقرارها تنعقد القمة الاستثنائية (ملحق القمة 22) في سرت الليبية، والاهتمام الاسرائيلي ينصب في هذه المرحلة على التشهير بدمشق، وتخريب الجسور التي عادت بينها وبين واشنطن، وتأخير وصول السفير الاميركي الجديد، واعادة خلط الاوراق العربية- العربية على اكثر من مستوى.
- ان لبنان حسم خياراته واهتدى الى موقعه في خريطة الصراع ودوره في المرحلة المقبلة، وهذا الدور، يمكن الاستدلال اليه من مناقشات هيئة الحوار، ومن التصريحات الأخيرة التي أطلقها رئيس الحكومة سعد الحريري، عشية التحضير لرحلته المقبلة الى دمشق. ذلك ان هيئة الحوار أخرجت سلاح “حزب الله” من التداول السياسي وسط شبه اجماع على اعتباره ورقة رابحة لا يجوز التفريط بها اوالتشكيك فيها. والحريري رأى وبوضوح كامل ان محور الاعتدال العربي مهدد بسبب الممارسات الاسرائيلية ودعا واشنطن الى الضغط من اجل تطبيق حل الدولتين، بحسب ما نقل عنه مدير مركز كارنيغي لابحاث الشرق الأوسط بول سالم يوم الأربعاء الفائت.
سالم الذي زار الحريري مع وفد من مركز “كارنيغي للسلام الدولي” برئاسة رئيس مجلس ادارة المركز ريتشارد جيوردانو، نقل عن رئيس الحكومة قوله ان “خط العقل والاعتدال في العالم العربي بات مهددا وسيزداد تهديدا ان لم يكن هناك اي خرق في عملية السلام”.
واضاف، بحسب النص الذي اورده المكتب الإعلامي للحريري، ان “الولايات المتحدة، اذا أرادت، يمكنها ان تحل الموضوع”، معتبرا ان “العقبة ليست بين الفلسطينيين بل عند الإسرائيليين”.
وتابع الحريري، ان “الولايات المتحدة هي التي تمول وتدعم اسرائيل، وبالتالي يفترض ان يكون لديها ما يكفي من نفوذ لكي تلزم اسرائيل بالحل” الذي يقضي باقامة الدولة الفلسطينية.
ورأى ان هذا الحل “ليس في مصلحة المنطقة وفلسطين ولبنان فحسب ، انما هناك مصلحة دولية ومصلحة للولايات المتحدة” فيه.
وقال الحريري ان “العداوة التي تخلق اليوم ضد الولايات المتحدة في العالمين العربي والإسلامي هي من جراء دعمها لإسرائيل وليس ضد حضارتها او اقتصادها”.
واضاف “من افغانستان الى الساحل المغربي هناك مشكلة مع الولايات المتحدة”، مستغربا “كيف لا تستطيع الولايات المتحدة تحقيق حتى مصالحها لدى اسرائيل”؟
وتابع: “على الولايات المتحدة ان تقوم بخطوة لان العرب والفلسطينيين قدموا كل ما بوسعهم فيما اسرائيل لا تريد ان تتجاوب مع اي خطوة».
واعتبر الحريري ان “تصرف الحكومات الاسرائيلية التي تشجع على التطرف (...) يجعل المسار الدبلوماسي والتفاوضي والاعتدالي غير مُجدٍ، بل يؤدي الى مزيد من بناء المستوطنات ووضع اسوأ للفلسطينيين”.
هذا “الانعطاف” اللبناني الواضح في اتجاه تغليب منطق الممانعة والاعتراض على اي اعتبار آخر، سبب إضافي لحملة التمويل الاسرائيلي على سوريا ولبنان معاً، ومحاولة للتملص من الالتزامات التي يطالب بها الأميركيون عن طريق تفجير العلاقة الأميركية- السورية واعادتها الى مرحلة التشكيك المتبادل.
وقد عبر حسن فضل الله احد نواب “حزب الله” عن هذه الحقيقة في تصريح أدلى به الى وكالة “رويترز” اذ قال:
“ان هذه الضغوط الاميركية والتهويل الاسرائيلي لن يؤثرا في خيارنا والتزامنا الدفاع عن بلدنا بكل الوسائل”.
واضاف: هذا التدخل الاميركي الذي تبنى الموقف الاسرائيلي بالكامل هو محل ادانة ورفض من قبل لبنان وهو يثبت مرة اخرى ان الادارة الاميركية تتجاهل الحقائق والوقائع لجهة استمرار الاحتلال الاسرائيلي والاعتداء على السيادة اللبنانية وخرق القرارات الدولية على مرأى الامم المتحدة لان ما يهمها هو اسرائيل وليس اي شيء آخر”. قال ايضاً: “ان التهديد الحقيقي لاستقرار لبنان والمنطقة هو استمرار الاحتلال والعدوان الاسرائيلي الذي يلقى دعما اميركيا مطلقا سياسيا وعسكريا خصوصاً على مستوى تزويد اسرائيل بالاسلحة الاميركية المتطورة التي قتلت اللبنانيين والفلسطينيين في حروب اسرائيل وآخرها في غزة”.
وقال فضل الله “ان القلق الاميركي الذي هو تعبير عن القلق الاسرائيلي نابع من الخشية على تكبيل يدي اسرائيل في استباحة لبنان كما كان يجري في السابق لان هذا البلد بمقاومته وجيشه وشعبه لديه من القدرات والامكانات ما يخوله الدفاع عن نفسه ضد اي عدوان اسرائيلي وإلحاق الهزيمة به”.
ومعروف ان دمشق نفت المزاعم الاميركية والاسرائيلية حول نقل صواريخ “سكود” الى “حزب الله”. ونقلت وكالة “سانا” عن مصدر مسؤول في وزارة الخارجية، قوله إن “إسرائيل تطلق منذ فترة حملة تصريحات تزعم بأن سوريا تقوم بتزويد “حزب الله” في لبنان بصواريخ “سكود”. ان سوريا إذ تنفي بقوة هذه المزاعم، ترى أن إسرائيل تهدف من خلالها إلى المزيد من توتير الأجواء في المنطقة، وإلى خلق مناخ يهيئ لعدوان إسرائيلي محتمل، وذلك للتهرب من تلبية متطلبات السلام العادل والشامل”.
وكانت السفارة السورية في واشنطن، ذكرت في وقت سابق ان الاتهامات الاسرائيلية محاولة “لصرف الاهتمام العالمي” عما تقوم به اسرائيل من بناء استيطاني واحتلالها لأراض عربية وترسانتها النووية المفترضة و“مواصلتها التسلح” بأسلحة اميركية. ورأت ان هذه الاتهامات تهدف ايضاً الى “زيادة وتيرة التوتر في المنطقة، وتبرير هجوم إسرائيلي، والقضاء على أي اقتراح للسلام، وفرض املاءاتها على سياسات السيطرة على السلاح في المنطقة في وقت تخزن هي أكثر الأسلحة تطوراً وفتكاً”.
وكانت وسائل الإعلام الاسرائيلية قد نقلت عن مسؤول إسرائيلي، قوله ان صواريخ “سكود” كانت تهرّب الى “حزب الله” على مدى الشهرين الماضيين، في وقت قال نائب وزير الدفاع الاسرائيلي ماتان فيلنائي “أفضل عدم الدخول في التفاصيل، لكن كل ذلك يعكس الواقع الذي يحيط بنا مع أعداء يفعلون كل شيء ليعززوا انفسهم، واسرائيل عليها ان تكون مستعدة”. وتابع “سنقوم في نهاية الشهر المقبل بتدريب عسكري لمواجهة هذا الواقع كما فعلنا العام الماضي”.
وفي باريس، أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية ان فرنسا ستعتبر قيام سوريا بنقل صواريخ “سكود” الى “حزب الله” “أمراً مثيراً للقلق” إذا ما تأكد. ودعت مساعدة المتحدث باسم الوزارة كريستين فاج “الى الاحترام التام لقرار مجلس الامن الرقم 1701 بكل مندرجاته”.
وأضافت فاج “أذكركم بأن هذا القرار ينصّ على حظر الاسلحة الى لبنان اذا لم تسمح بها الحكومة اللبنانية او اليونيفيل”. ورأت أنه “نظراً الى وجودنا في لبنان، وخصوصاً وجودنا العسكري في إطار قوة اليونيفيل، فإن هذه المسائل الأمنية غالباً ما تطرح مع الأطراف المعنية بهدف توفير الظروف لجو من التهدئة”.
وكان قائد المنطقة الوسطى في الجيش الاميركي الجنرال ديفيد بتريوس، دخل يوم الثلاثاء الماضي على الخط، قائلاً في “معهد وودرو ويلسن” الاميركي، ان اسرائيل “قلقة من تزويد إيران لحزب الله وحماس بصواريخ بعيدة المدى، صارت أكبر فأكبر”. واعتبر ان مشكلة العالم مع ايران تتعدّى بكثير برنامجها النووي، اذ تقوم طهران “بتمويل وتدريب حزب الله في لبنان، وحماس في قطاع غزة، و(كان هناك) اعتراض لأسلحة من أنواع مختلفة، ووسائل مساعدة أخرى في طريقها (إليهما)”. وتابع: “كل هذه الأمور تثير القلق... لدى شركائنا في اسرائيل”.
وكانت صحيفة “جويش كرونيل” الصادرة في لندن اوردت قبل اسابيع ان اسرائيل تعزز دفاعاتها للتصدي للهجمات الصاروخية التي تستهدف مدنها وقواعدها العسكرية في حال نشوب حرب على حدودها الشمالية، وقام مسؤولوها العسكريون ورؤساء اجهزة الطوارئ بمناقشة الخطط الاخيرة لاستعدادات الدفاع المدني في اجتماع ترأسه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
ونقلت صحيفة “يديعوت احرونوت” عن مصادر امنية اسرائيلية رفيعة قولها ان سوريا تزود حزب الله اللبناني بكل انواع الاسلحة التي في حوزتها.
وحسب المصادر ذاتها، فان سوريا نقلت قبل عدة اسابيع صواريخ (سكود) لحزب الله، فيما اعد سلاح الجو الاسرائيلي خطة خاصة لمواجهة نقل الاسلحة، الا انه قرر عدم اخراجها الى حيز التنفيذ، دون ذكر الاسباب، كما قال المحلل العسكري، اليكس فيشمان، المقرب من المؤسسة الامنية في الدولة العبرية. ولفتت المصادر الاسرائيلية الى ان سوريا تملك رؤوسا كيميائية لصواريخ (سكود) لكن المصادر لم تتمكن من التخمين ان نقلتها لحزب الله، لأن من غير الواضح، لدى اجهزة الامن الاسرائيلية، ان كان حزب الله معنيا بالحصول على هذه الاسلحة.
ولا يزال الخبر عن نقل سوريا اسلحة كاسرة للتوازن لحزب الله يتصدر العناوين الرئيسية في وسائل الاعلام العبرية، كما يلحظ ان الرقابة العسكرية الاسرائيلية ترفض نشر انباء نقلاً عن مصادر اسرائيلية، وانما عن مصادر اميركية او عربية في اطار حملتها على سوريا وحزب الله، وتدعيم ادعاءاتها ضد خصميها في الجبهة الشمالية بمصادر عربية، فقد منحت صحيفة “هآرتس” حيزا واسعا لمتابعة ازمة الصواريخ. وكتب المراسلان، عاموس هرئيل وافي يسخاروف: ان حصول حزب الله على صواريخ “سكود” ليس كاسرا للتوازن، لكنه اكثر خطورة من القذائف الصاروخية التي يملكها الحزب، كون صواريخ “سكود” اكبر حجما وتحمل كمية اكبر من المتفجرات تصل الى اطنان، ويمكنها تهديد ليس مواقع سكانية فحسب، وانما مواقع استراتيجية حساسة.
ولفت الكاتبان الى ان منظومة “حيتس” الدفاعية الاسرائيلية- الاميركية نفذت بنجاح عملية اسقاط صاروخ “سكود بي” في تجربة مشتركة في العام 2004.
وباختصار يمكن القول ان المناورة “السكودية” تندرج في اطار محاولات اظهار اسرائيل وكأنها “ضحية” عدوان كبير يتم التحضير له، عبر الجبهة اللبنانية – السورية، للتمويه على عمليات التهويد وامتصاص النقمة الأميركية ومواصلة الاعداد لسيناريو حربي يستهدف البرنامج النووي الايراني. وتتزامن المناورة مع معلومات تقول ان الرئيس الاميركي باراك اوباما اصدر قبل بضعة اسابيع امرا مفاجئاً تم بمقتضاه تحويل شحنة مكونة من 387 قنبلة بانكر- باست “المضادة للتحصينات” وهي في عرض البحر، الى القاعدة العسكرية الاميركية في جزيرة دييغو غارسيا الموجودة في المحيط الهندي بدلا من ذهابها الى اسرائيل. وقد تباينت التفسيرات حول هذا التحول المفاجئ: تفسير يقول بان السبب هو خلافات واشنطن- تل ابيب بسبب تصرف نتنياهو المهين لنائب الرئيس الاميركي السناتور ليبرمان، اضافة الى تمادي اسرائيل في مشروع المستوطنات.
وتفسير آخر يقول ان السبب هو ادراك اوباما ان اسرائيل لن تأخذ بمحاذير واشنطن ازاء تنفيذ الضربة العسكرية ضد ايران وبالتالي فمن الافضل عدم تسليم هذه الاسلحة لاسرائيل طالما ان حكومة نتنياهو لن تتردد في استخدامها من دون اذن من اميركا، بما يمكن ان يؤدي الى توريط اميركا في مواجهة حربية جديدة مع ايران هي في غنى عنها.
وفي عودة الى الضجة القائمة حول “سكود” يمكن القول ان الايام والاسابيع القليلة المقبلة سوف تظهر ان تزويد سوريا “حزب الله” بهذه الصواريخ لن يبدل شيئا في ميزان القوى الاقليمي، لأن مخزن “حزب الله” من الصواريخ كبير جداً، ولان الجبهة السورية – الايرانية – اللبنانية جبهة مقاومة واحدة في نهاية المطاف. والظن الراجح ان الكذبة الاسرائيلية لن تنطلي على صانعي القرار الاميركي، رغم موجة التعاطف التي احدثتها في اوساط الكونغرس والعواصم الاوروبية.
التسميات
حزب الله