بداية "مرحلة الشباب"، هي بداية "مرحلة التكليف"، إذا توفّرت شروطه، حيث يصير الإنسان من أهل الخطاب بالأمر والنهي، ومسؤولا عن أعماله، خيرها وشرّها، في الدنيا والآخرة.. فيثاب ويعاقب، ويسأل ويحاسب.
وقد وجدنا من المفيد: أن نتوسّع في بحث موضوع "التكليف" هذا، فنبيّن من هو المكلف شرعا؛ وما هي أهمّ الأمور المعترضة على "أهلية الإنسان"، التي تؤدي إلى أسقاط التكليف عنه.
إن كلامنا في هذا الشأن، سيكون طبقا لما ذكره علماء "أصول الفقه"، ليس "الأطباء"، لأننا لا نبحث في هذا الكتاب عن أمراض الجسد، ولا عن تعريفاتها الطبية، ولا عن الأدوية والعقاقير التي تعالج بها، بل إننا نبحث في الناحية التكليفية للإنسان، وشروطها، ومسؤوليات المكلف، وما له وما عليه، ونبحث أيضا في المعترضات التي يسقط بسببها التكليف عن الإنسان، إما كليا، وإما جزئيا.
إننا لم نتطرّق إلى الناحية الطبية أو النفسية المعروفة، التي تكلم فيها علماء الطب والتشريح والتفس، ونحن فعلنا ذلك قصدا، لأن هذه الناحية ليست مقصودة هنا.
لقد ذكرنا مراحل حياة الإنسان، من أولها الى آخرها، طبقا لما جاء في النصوص الشريفة، من الكتاب والسنة، وهذا ما سنفعله هنا في كلامنا عن: "التكليف" و"المكلف" و"طوارئ التكليف"، إذ لا يهمنا أن نعرف ـ مثلا ـ: ما هو "الجنون" في عرف أطباء الأمراض العقلية والعصبية، ولا أنواع الجنون، ومراتبه، وعوراضه.. فهذا كله لا يغنينا في كتابنا هذا، لأن هذه المواضيع، تندرج في إطار الكتابة العلمية الطبية المحضة، وذلك لا ينفع سوى الأطباء، والدارسين للطب، وزد على ذلك: أنه ليس من اختصاصنا أصلا.
إن ما يعنينا هو: أثر تلك الطوارئ على أهلية "المكلف" من الناحية الشرعية البحتة، لأن المكلف هو المعرّض لأن تصدر عنه "أزمة".. أو أن تحلّ به "أزمة".. وهو الذي يسأل عن حلول "الأزمات".. ويسأل عما يصدر عنه من أسبابها.
التسميات
تكليف