استئناف المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية غير المباشرة ودعم لجنة متابعة مبادرة السلام العربية التابعة لجامعة الدول العربية

تبدو السيدة هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الامريكية في قمة الثقة بالنفس، وهي تعلن عن توقعاتها باستئناف المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية غير المباشرة الاسبوع المقبل، فمن الواضح انها حصلت على موافقة الطرفين، وتأكدت مسبقاً من دعم ما يسمى بلجنة متابعة مبادرة السلام العربية التابعة لجامعة الدول العربية، والمكونة من عدد من وزراء الخارجية العرب.
لا نعرف الاسباب التي دفعت بالطرف الفلسطيني على وجه الخصوص للعودة الى مائدة المفاوضات مجدداً دون تجميد واضح وعلني لتجميد الاستيطان في القدس وباقي الاراضي العربية المحتلة، ولكن ما نعرفه ان واشنطن في حاجة ماسة الى هذه المفاوضات في ظل تصاعد التوتر على الجبهتين السورية واللبنانية بفعل التهديدات الاسرائيلية المتزايدة التي تتخذ من اكذوبة تزويد سورية لحزب الله بصواريخ من نوع 'سكود' بعيدة المدى ذريعة لها.
السناتور جورج ميتشل مبعوث السلام الامريكي زار المنطقة الاسبوع الماضي، واجتمع مع السيد محمود عباس رئيس السلطة وبنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي، وحمل للأول دعوة لزيارة البيت الابيض في الايام القليلة المقبلة، وسلم دعوة اخرى الى ايلي بشاي وزير الداخلية الاسرائيلي عن حزب شاس الديني المتطرف الذي يضع خطط الاستيطان في القدس المحتلة ويعتمدها.
هناك انباء تتردد عن حدوث تطورين اساسيين اديا الى اقناع الطرف الفلسطيني بالعودة الى المفاوضات غير المباشرة:
الاول: تقديم حكومة نتنياهو وعوداً بتجميد الاستيطان في القدس المحتلة سراً، من اجل اعادة الحرارة الى العلاقات الامريكية ـ الاسرائيلية الفاترة، وتجنب الصدام مع ادارة الرئيس باراك اوباما.
الثاني: تعهد الادارة الامريكية للطرف الفلسطيني بالذهاب الى مجلس الامن الدولي لاصدار قرار بادانة اسرائيل اذا ما اقدمت على بناء اي وحدات سكنية جديدة في القدس المحتلة.
السيد صائب عريقات وزير الخارجية الفعلي في السلطة، ورئيس فريق المفاوضات الفلسطيني اكد في تصريحات صحافية ان السلطة لم تتلق اي تعهد امريكي مكتوب بالذهاب الى مجلس الامن لادانة اسرائيل في حال افشالها للمفاوضات مجددا، بالاعلان عن بناء وحدات سكنية جديدة. كما ان نتنياهو جدد التأكيد بان الاستيطان في القدس المحتلة مستمر ولن يتوقف، وتعمد ان يتزامن الاعلان عن هذا الموقف يوم وصول السناتور ميتشل الى تل ابيب.
السؤال الذي يطرح نفسه اذن هو عن مصدر ثقة السيدة كلينتون باستئناف المفاوضات الاسبوع المقبل، اي بعد ايام من الآن؟
من الواضح ان السلطة الفلسطينية في رام الله هي التي تراجعت عن موقفها، واستسلمت للضغوط الامريكية، وقررت العودة الى المفاوضات غير المباشرة، بدليل انها هي التي طلبت انعقاد لجنة متابعة مبادرة السلام الوزارية لاعطائها الضوء الاخضر في هذا الخصوص، تماما مثلما فعلت في المرة السابقة قبل شهر.
نتنياهو يراهن على كسب الوقت، او المزيد منه، انتظارا لانتخابات التجديد النصفية لاعضاء الكونغرس الامريكي بمجلسيه النواب والشيوخ في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، ومن غير المستبعد ان يكون قد اتخذ قرار الحرب فعلا ضد سورية ولبنان ويريد اصلاح علاقاته مع الولايات المتحدة قبل الانتقال الى مرحلة التنفيذ.
امر مؤسف ان تستخدم الورقة الفلسطينية كغطاء لاي عدوان اسرائيلي ضد دولتين وشعبين شقيقين، خاصة ان التجربة الفلسطينية مع المفاوضات المباشرة كانت مهينة، علاوة على كونها مخيبة جدا للآمال.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال