"الحاكم" هو الراعي الأول للمسلمين، أن: الخليفة.. والامام.. وأمير المؤمنين.. في الاصطلاح الشرعي، ويعرف "الحاكم" في هذه الأيام بالملك.. أو الرئيس.. أو الأمير.. بحسب "النظام" الموجود..
تختلف نظرة الناس الى "الحاكم"، وبناء عليها تختلف أحكامهم على "الحاكم": أهو مقصّر في حمل المسؤولية، أم لا؟؟.. فأكثر الناس ينظر الى "الحاكم" على أنه: صاحب سلطة.. تقدّم له مظاهر التكريم والتبجيل.. يعطى الولاء المطلق.. يتصرّف بأموال الدولة بلا حساب.. لا يحق لأحد أن يسأله عن أعماله، ولا أن يناقشه في أقواله.. لأنه وليّ الأمر، الآمر الناهي.. مطلق الصلاحية.. إلخ.
ثم بنى هؤلاء، على نظرتهم هذه: أن "الحاكم" هذا، يقوم بواجباته، طالما هو يستقبل الوفود ويودّع الزوّار.. ويراقب من أعلى.. ما يجري تحت.. وبالتالي فهو غير مسؤول عن " أزمات الشباب" ولا عن أزمات غيرهم من فئات الشعب، بل الحق على "الشباب"، والمسؤولية على "الشعب"..
أما نحن فنقول: إن نظرة هؤلاء الناس الى "الحاكم"، وسلطته.. وصلاحياته.. وأعماله.. مخطئة جدا.. بل "الحاكم" هو المسؤول الأول عن "الرعية"، كل الرعية.. ولعل الناس قد نسوا مسؤولية "الحاكم" الواسعة هذه لأنهم لم يعودوا يرون حاكما يحمل الطحين على ظهره للأرملة، كما فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فظنوا هذا النوع من التصرف، قد فعله أمير المؤمنين عمر، على سبيل التواضع فقط.. وأنه في الواقع غير مكلف بذلك ولا هو مسؤول عنه، وبالتالي فليس من مهمات "الحاكمين": أن يخدموا الشعب على هذا النحو.. بل ظنّوا: أن من واجبات "الشعب"، أن يحملوا هم "الطحين" الى قصور "الحاكمين"..
إن هذا الظن في غير محله، فسيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، لم يحمل الطحين على ظهره، إلا لأنه يعلم: أن ذلك من مسؤولياته هو.. فلذلك عندما عرض عليه مرافقه، أن يحمل عنه الطحين، قال له:" أفأنت تحمل عني وزري يوم القيامة؟؟"..
إننا نقول هذا ونحن نعلم: أنه لن ينبري حاكم.. فيحمل طحينا.. ولا سكرا.. الى شعبه.. بل كلّ ما يرجوه الناس هو: أن يتركهم حاكموهم يعيشون..
نحن نقول هذا، لننطلق منه الى بيان مسؤولية "الحاكم" الكاملة، عن جميع " الأزمات" التي تصيب الناس.. وإلا.. فلماذا هو مسؤول؟؟..
إن من واجبات "الحاكم": أن يبحث هو عن سبيل الخير والرشاد، ويدلّ الناس عليها، ويدفعهم الى سلوكها.. وأن يرصد أبواب الفساد ومنافذه، فيقفلها.. ويمنع أحدا أن يفتحها..
إن من واجبات "الحاكم": أن يوجّه "الشباب" الى هدف رفيع، وأن يقود الشعب برسالة إيلامية واضحة، وأن لا يدع الناس ضحية الفراغ.. والضياع..
إن من واجبات "الحاكم": أن يفتح للشباب أبواب العلوم كافة، ويرفع مستواهم العلميّ، ويشجعهم على التحصيل.. والتأليف.. والاختراع..
إن من واجبات "الحاكم": أن يساعد الناس على معيشتهم، بأن يسهّل لهم سبل العمل، بالتجارة والزراعة والصناعة.. وأن يحصّن "الشباب" من المفاسد..
إن من واجبات "الحاكم": أن يسخّر إعلامه كله.. لتوجيه "الشباب" والناس عامة التوجيه السليم، وأن يغرس فيهم الأخلاق الفاضلة الحسنة، ويربيّهم التربية الصالحة.
إن من واجبات "الحاكم": أن يكون هو إمام المسلمين في صلاتهم، وأول المواظبين على الفرائض.. وأحرص الناس على طاعة الله عز وجل.. كما كان خلفاؤنا الصالحون..
إن من واجبات "الحاكم" أن يتلاك هو الفواحش، ويجتنب الخبائث، ويستأصل من المجتمع أسباب المنكرات، ويعمل على تحصين المجتمع بالخلق الحسن، ويمنع كل أسباب الفساد.
إن من واجبات "الحاكم": أن لا يكون في الناس مظلوم.. أو مضطهد.. أو: مقهور.. أو يتيم مشرّد.. أو: عاجز.. أو: هرم.. لامعيل له..
فإذا لم تكن هذه الأمور من مهمات "الحاكم".. فما هي مهمته يا ترى؟...
التسميات
ديمقراطية