معرض «رؤى» للفنانة التشكيلية فريال فياض، هو الفردي الثالث لها، اقامته في «فندق البريستول» وحصدت معه اعجاب الزائرين، ومتابعة البعض منهم خط اعمالها الممتد في رحاب المرأة، وفي مدى الخيل والفرس وذلك عبر سبر مضامين المعاني الحسية والتعبيرية، بالصور والالوان والخطوط المترامية الابعاد، المتراصة الادوات، والمتناسقة الضربات.
ثلاث عشرة لوحة عكست حلم فريال الممزوج بالواقع، اتكاءً على رؤية خاصة في سياق طرح المواضيع الاساسية التي تهمها. خصوصاً وان العنوان العام لكل اعمالها يطغى عليه عالم المرأة وعالم الفرس. وهذان العالمان متداخلان عندها في المؤثرات والمعبّرات. حيث نجد اللوحة التي ترتسم فيها الفرس الجميلة، متماهية مع دواخل الانثى، وحيث يمثل المدى المنطلق لهذه الفرس، مادة حكائية عن ضجيج المشاعر – تقول فياض – داخل الانثى. ومادة لونية، عن انعكاسية اللون الاحمر تجاه الحب والغضب والتمرد. «فأنا احب الالوان القوية التي تتماهى مع الضربات الانفعالية».
*** نلاحظ ان ثمة ضربات تعبيرية هادئة، في الوقت عينه. إلام يؤشر هذا الهدوء؟
- هذا الهدوء يعبّر عن سكينة المرأة وزهوتها. فالمرأة في لحظات ضعفها تصبح مُحبة للحياة، وفي لحظات هدوئها تصبح ميالة أكثر الى التعبير عن الحزن. لذلك شبّهت المرأة بالفرس العربية الاصيلة، بجمالها وتمردها على الواقع فهي عندما تعدو، تسابق الريح مثل الخيل. لقد رسمت المرأة الحالمة، والمتمردة، والعاشقة، كما رسمت المرأة الجريئة والقوية والتواقة الى الاستقرار والسكينة.
*** هل ثمة تداخل بين النساء اللواتي تستحضرينهن في لوحاتك، وبينك شخصياً؟
- التداخل هنا قد يكون بطريقة رمزية، كوني انثى، إلا انني ارسم حالات مستلهمة من شخصيات اراها من حولي. فهذا هو بعض ما يتضمنه المعرض.
■ يلاحظ ان بعض لوحاتك تستحضر الانثى العارية، بشكل متوارٍ بعض الشيء يتوخى «الستار»... هل تعمدت ذلك؟
- لست مع رسم امرأة عارية بكل التفاصيل. فهاجسي هو تقديم لوحة تعبيرية انفعالية... بعيداً عن الاباحية. ان جمالية المرأة، او مكامن الانوثة فيها، يمكن ان ترسم من دون تقديم ابعاد بورنوغرافية بحتة. فثمة شاعرية وإيحائية تفي بالغاية الفنية، ولا تحتاج الى ترويج إباحي لمجرد الترويج.
*** هل ترسمين احياناً تجارب ذاتية عشتها واختبرتها في واقع حياتك؟
- فعلت ذلك في معرضي السابق، عنوانه «ويسألونني» فقد كان يتضمن في بعض لوحاته ما يمثل وقفات خاصة عشتها، وترجمتها على مادة القماش. وقد تفاعل معها المتلقي، إذ عكست له تجارب مماثلة ولحظات انسانية خاصة، أخذت مكانها في الذاكرة.
*** يبدو انك ترتاحين الى استخدام الاكليريك، هل من سبب وجيه لذلك؟
- ارتاح الى الاكليريك لأنه يوفر لي عنصر التناغم مع الالوان، ويجعلني انجز لوحتي بطريقة اكثر فاعلية، والمواضيع التي اتطرق اليها تحتاج الى هذه الفاعلية.
*** ل ان معارضك الثلاثة تندرج في عنوان محوري واحد؟
- تقريباً. فكل معرض لي يكون له شقان، الاول يهتم بالمرأة والخيل، والثاني يختلف من موضوع الى آخر. فعلى سبيل المثال في معرضي الاول، اهتممت في الشق الثاني منه، بالضيعة والطبيعة. وفي معرضي الجديد هذا، اهتممت في الشق الثاني منه بالأبنية داخل المدينة. اما في الشق الاول منهما، فقد صورت المرأة المتمردة، ومن ثم المرأة التي تتوق الى السكينة.
رسمك للابنية في هذه اللوحات، يحمل رؤية ذكية ولافتة، ومثيرة للاهتمام،
*** هل انت عاشقة مدن؟
- قد اكون كذلك، رغم كوني ابنة بلدة «انصار» في الجنوب اللبناني، إلا ان إقامتي في بيروت وعملي فيها، جعلاني استبصر الابنية وارسمها بطريقة تجريدية. فيها من الخيال الممزوج بالواقع ما يعطي ابعاداً خطوطية وهندسية للصورة، وما يعطي دفئاً وحنيناً عبر ما ورائية هذه الصورة. فثمة انخطافات مشهدية متوارية في ليل المدينة، عن هذه الابنية الملونة بالاحمر والاسود والاصفر، وبكل لون قوي قد يعبّر عن صخب المدينة التي تضج بالحياة والناس الحركة. حيث تتوالى إمارات السهر والاحلام والقمر.
*** هل يمكن القول ان فريال فياض ستستمر في اتخاذ حالات المرأة موضوعاً لمعارضها المقبلة؟
- لم لا؟ فخط الحكايات عن المرأة لا يوقع في التكرار، طالما ان المرأة هي رمز للجمال والحياة. كما ان هناك الكثير من الحكايات التي استطيع ان اعبّر عنها في لوحاتي.
*** اذا عن تقويمك لسوق اللوحة في لبنان؟
- لا شك في ان سوق اللوحة عندنا جامد بعض الشيء، إلا انني اعتبر نفسي رسامة هاوية، حريصة على التعبير عن لحظات حب وألم وتمرد عشتها ورأيتها تحدث مع الآخرين.
*** هل درست الرسم دراسة اكاديمية متخصصة؟
- كلا، منذ الصغر كنت موهوبة في الرسم. وتعلمت هذا الفن على ايدي اساتذة في الفن التشكيلي. كما انني موهوبة في الكتابة، واعتبر نفسي قارئة جادة، ولي محاولات في كتابة الخواطر أو النصوص النثرية، التي تتناغم في مضمونها ودلالاتها مع رسوماتي.
*** هل من أمثلة على ذلك؟
- كتبت خواطر مواكبة لمعرضي السابق «ويسألونني» قلت فيها:
«ويسألونني عمّن سافر بصمته عبر حكاياتي،
وفاحَ عطره من ألواني،
وهمسَ لريشتي فتمردّت
وانساب منها اجمل الاغاني
يسألونني يا حبيبي،
ولا يكفون عن التساؤل
عن سرّ عطري
وإلهامي، لكنهم لا يدركون
انني اخفي سري عن كل النساء».
كما لدي خاطرة اخرى عنوانها «اليك» اقول فيها:
«الى مَنْ توّجني اميرة الألم والعشق
وألبسني ثوب التمرد
وأدخلني قصة عشق يفوح منها التحدي والعنفوان،
الى مَنْ أبدع في مزج الالوان، حتى تراءى لي
أن أميري هو السراب
اليك يا أميري اقول
لم يعد العشق ولا الألم يجديان
لم تعد ألواني تسافر عبر الخيال
لم اعد العاشقة الحالمة المتمردة
فنفسي تتوق الى الحرية والسكينة
وروحي تبحث عن الحب ودفء الكلمات
التسميات
إبداع