معركة فرنسا ضد النقاب.. الهوية الوطنية والفضاء العلماني في فرنسا مهددان بالتحول إلى مثيل لبلدان الاسلام السياسي

منذ ستة أشهر وفرنسا الساركوزية تخوض معركة مكشوفة ضد النقاب (البرقع)، رغم الأصوات المعارضة في الجمعية الوطنية (البرلمان)، وحكومة فرانسوا فيون تؤكد كل يوم أنها ماضية في هذه المعركة حتى النهاية لأن «الهوية الوطنية» في فرنسا مهددة، وكذلك الفضاء العلماني الفرنسي، وما يجوز في بلدان «الاسلام السياسي» كما في أفغانستان، لا يجوز في فرنسا.

ما هي حجة المطالبين بحظر النقاب، ما هي الحجج المضادة، وما هي الأبعاد السياسية للمعركة؟

السجال ساخن بعدما انتهت لجنة برلمانية خاصة، شكلت قبل أشهر من اعداد توصياتها. والتوصيات أعدت بعدما استمعت اللجنة إلى كل الأطراف المعنية بالقرار، من ممثلي المسلمين في فرنسا الى كل الأطراف السياسية داخل البرلمان، وممثلي المجتمع المدني بكل شرائحه، بالاضافة الى خبراء القانون وعلماء النفس والاجتماع، وسط جدل بدأ ولم ينته بعد.

والسجال يدور حول رقم الجمهورية والأمة الفرنسية وما يعنيه البرقع على مستويين: الانتماء الى الوطن والتواصل بين الشرائح الاجتماعية من جهة، وحقوق الانسان من جهة اخرى.

وفي جانب منه احتدم النقاش حول حقوق المسلمين وواجباتهم في فرنسا، علماً انهم يشكلون عشر المجتمع الفرنسي.
وقد سجلت اللجنة البرلمانية ان المسألة لا تقتصر على فرنسا، لأن بلجيكا وبريطانيا وألمانيا والدانمرك وبلداناً أوروبية أخرى تعيش المشكلة، بعدما حظرت سويسرا بناء المآذن في جوامع الفدرالية.

ويلاحظ ان كل الاوساط الفرنسية النخبوية والشعبية، السياسية وغير السياسية انخرطت في السجال، وأن مواقع الانترنت شكلت منبراً مفتوحاً للحوار الذي غابت عنه الموضوعية في حالات كثيرة لتفسح في المجال لنقاشات عنصرية حول حجم المظاهر والممارسات الإسلامية المسموح بها في حياة الجمهورية، ومدى انتماء الخمسة الى الستة ملايين مسلم الذين يعيشون في فرنسا الى قيم هذه الجمهورية.

وبدا للوهلة الاولى ان معظم الفرنسيين خائفون او متخوفون من «هيمنة الاسلام» او»هيمنة العرب»، وأن الاعلام اليهودي في فرنسا يغذي هذا التخوف عن طريق تصوير المسلمين وكأنهم بطبيعتهم «عنيفون» او «عنفيون»،  وتصوير الاسلام وكأنه بيئة ثقافية ارهابية ومعادية للغرب المسيحي.

وفي الوقت الذي اتهمت المعارضة الاشتراكية الحكومة باستخدام السجال حول الهوية الوطنية، للتستر أو التمويه على مشاكل فرنسا الحقيقية (عجز الموازنة، الدين، البطالة... هبوط شعبية ساركوزي)، يصر وزير الهجرة اريك بيسون- وهو اشتراكي سابق- على أنه يريد ان يكرس الاعتزاز بالهوية الفرنسية، وانه يفكر في ربط منح الجنسية بإبرام «عهد مع الجمهورية»، لأن أنصار البرقع لا ينتمون الى فرنسا العلمانية التي أصدرت قانوناً يمنع الحجاب في المدارس منذ العام 2004.

كرامة المرأة
وتذهب بعض الاجتهادات الى أن «كرامة المرأة» هي أيضاً على المحك، وأن منع النقاب يحرر المرأة ويسهل انخراطها في دورة الانتاج من جهة والتواصل الاجتماعي من جهة أخرى.

وقد ذهبت بعض اجتهادات اللجنة البرلمانية (والـ 150 خبيراً الذين ناقشوا ظاهرة البرقع) الى أن النقاب ليس فرضاً دينياً، وأن منعه يمكن أن يقود في النهاية الى تعزيز الأمن الوطني، وتشجيع المسلمين المعتدلين على الانتماء الى المجتمعات الغربية التي تستضيفهم، وهو (اي البرقع) في اي حال يسجن المرأة المسلمة في مفاهيم ضيقة أبعد ما تكون عن الاندماج الاجتماعي.

وفي انتظار أن يحسم البرلمان الجدل حول توصيات اللجنة، تبرز منذ الآن عقبة أساسية في وجه القانون وهي موقف المجلس الدستوري، اذ يتردد منذ الآن أن هذا المجلس سوف يسقط التشريع الجديد لأنه ليس دستورياً، خلافاً لارادة الحكومة والأكثرية البرلمانية.

ومعروف أن النخب اليمينية الأوروبية، من اليمين الليبرالي حتى اليمين المتطرف، تتبارى في خوض المعركة مع «الاسلام الاوروبي»، مثلما تبارت في زمن الحرب الباردة على خوض معركة مماثلة مع الماركسية.

ومع أن أحدا لم يجب عن السؤال القائل «هل ان اليمين المتطرف اكثر خطراً على أوروبا من الاسلام المتزمت ام لا»، فإن المباراة قائمة، وقد بدأت باحتفالية سويسرية هي منع المآذن وتتواصل بأشكال مختلفة في بلجيكا وفرنسا بصورة خاصة.

ومع أن البعض يربط الهجمة على «الاسلام الاوروبي» بالحرب المفتوحة ضد الارهاب، فإن البعض الآخر يذهب الى تبسيط الأمور اذ يدعو المسلمين الى أحد خيارين: الرحيل عن أوروبا المسيحية، أو الاندماج في الثقافة الأوروبية، وكلاهما من المستحيلات.

ومعروف ان عدد المنقبات في بلجيكا لا يتجاوز الـ28 (بينهن مسيحيات اهتدين الى الاسلام)، وعدد المنقبات في فرنسا في حدود الالفين (75% منهن فرنسيات و25% اهتدين بدورهن الى الدين الحنيف او لا يحملن الجنسية الفرنسية).

وما لا يقوله الفرنسيون علناً يقوله الايطاليون، وقد اظهر استطلاع اخير للرأي ان 75% منهم يؤيدون اعتقال المنقبات في الامكنة العامة «حرصاً على الأمن الوطني الايطالي»!

آراء... وآراء
«الكفاح العربي» راجعت الصحف الفرنسية التي صدرت في الأسبوع الأخير، وتتوقف عند وجهات النظر التي تتداولها في «معركة النقاب»:

- لونوفيل اوبسرفاتور (28/4) قالت: رغم الخلافات المكبوتة داخل الحزب الاشتراكي الفرنسي، فإن الحزب لا يستبعد ان يشارك في التصويت على قرار منع النقاب في الأمكنة العامة، حتى في الشوارع.

والدليل أن مارتين اوبريه الأمينة العامة للحزب ترى في النقاب «مشكلة حقيقية»، وأن عدداً من قيادات الحزب يشاركونها هذا الرأي، واذا هم اعترضوا على المشروع المقدم من حكومة فيون، فقد يقترحون تعديلات معينة على هذا المشروع.

- صحيفة «لومانيته» التابعة للحزب الشيوعي (22/4) قالت: ان نيكولا ساركوزي لن يساوم على منع النقاب، أياً تكن وجهة نظر المجلس الدستوري. ومع أن المجلس يبدو متحفظاً حيال هذا المنع فإن فرانسوا فيون سوف يمضي الى  النهاية، وهو مقتنع بأن الحظر يصب في مصلحة الهوية الفرنسية ومصلحة الاندماج المجتمعي.

- صحيفة «لوموند» (21/4) كتبت تقول: ان اجتماعاً عقد في الاليزيه حسم الموقف، في اتجاه حظر البرقع في الأمكنة العامة والاجتماع ضم رئيس الجمعية الوطنية، رئيس مجلس الشيوخ، ورئيس المجموعة البرلمانية للحزب الحاكم، وليس هناك ما يدل على أن المساومة واردة حول هذا الملف، ومن المتوقع أن يحول مشروع القانون القاضي بحظر النقاب الى الجمعية الوطنية في 12 أيار (مايو) المقبل بصفة معجلة، قبل انتهاء الدورة العادية الحالية، والظن الراجح ان التصويت عليه سوف يحصل قبل انتهاء حزيران (يونيو) أي قبل بدء عطلة البرلمان الصيفية.

- صحيفة «تشالنج» توقفت عند معركة النقاب في مصر، التي خاضها إمام الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي (قبل وفاته) وأجرت مقارنة بين موقف المجلس الدستوري (المحتمل) وموقف محكمة القاهرة التي ألغت القرار.

ومعروف ان معركة النقاب في مصر لا تزال مفتوحة، وأن 80% من نساء مصر محجبات و10% منهن منقبات، والمصريات العاملات يفضلن ترك وظائفهن على خلع النقاب، والطالبات يفضلن ترك جامعاتهن إذا هن أجبرن على خلعه.

وباختصار يمكن القول ان صحف اليمين، كما صحف اليسار في فرنسا حاسمة او شبه حاسمة في التعاطي مع التوجه الحكومي، وهي تقره بصورة كاملة أو شبه كاملة، على قاعدة ان منع «البوكا» يشكل اعادة اعتبار للمرأة، وأن الفضاء العلماني الفرنسي لا يحتمل هذا النوع من اللباس.

وقد ذهب أحد الفلاسفة الفرنسيين ان العادات والتقاليد، على مستوى المجتمعات الغربية والشرقية حتى الآن، تقول بستر العورة وكشف الوجه، وقد يأتي يوم (بعد ألف سنة ربما او اكثر) تقول فيه العادات بستر الوجه وكشف العورة، لكن هذا اليوم لا يزال بعيداً!

الإسلام والنقاب
لكن ماذا يقول الاسلام عن النقاب؟
الصحف العربية والاسلامية، كما مواقع الانترنت الاوروبية، حاولت في الاسابيع الاخيرة ان تجيب عن السؤال، والجواب كان ان الحجاب كما النقاب ليسا فريضة اسلامية، وأن فقهاء الدين متوافقون على هذه المسألة.

ومعروف ان عاصفة من الانتقادات هبت اثر منع شيخ الازهر السابق النقاب في جامعة الازهر، وان هذه العاصفة اشتدت في أعقاب حظر بناء المآذن في سويسرا، وقد بلغت ذورتها قبل ايام عندما اوقف رجلا شرطة فرنسيان سائقة فرنسية منقبة تدعى «آن»، وقررا تغريمها 22 يورو لأن النقاب يقلص نطاق رؤيتها الامر الذي يعرض حياتها وحياة الآخرين للخطر.

وقد استند الشرطيان الى قانون السير الفرنسي الذي يقول ان السائق ينبغي ان يحظى بقدرة كاملة على الحركة والرؤية أثناء القيادة.

الحادثة، كما هو معروف، أسدت خدمة كبرى للرئيس نيكولا ساركوزي، اذ تبين بعد تحرير المخالفة (وامتناع صاحبتها عن التسديد) أن «آن» فرنسية متزوجة من جزائري اكتسب الجنسية الفرنسية بعد زواجه منها في العام 1999 وتبين ايضا انها ليست الزوجة الوحيدة، وانما الزوجة الرابعة للرجل المتزوج من ثلاث اخريات وله منهم 12 ولداً، تتقاضى كل منهن تقديمات اجتماعية بحجة انهن تربين اولادهن بلا اب.
وقد اكتملت الصورة، بكشف انتمائه إلى جماعة «التبليغ» غير المرغوب فيها في فرنسا.

وتذرع السائقة المنقبة بحقوق الانسان والحريات الفردية، حق من حقوقها بالطبع، لكنها استعانت به في حين ان تركيبة اسرتها، تنتهك مجموعة من القوانين بدءًا بحظر تعدد الزوجات والاختلاس عبر التحايل على التقديمات الاجتماعية والزواج من شخص ينتمي الى مجموعة اصولية.

وفي ضوء كل هذه العناصر بات الاهتمام الآن منصبا على الزوج، حيث وجه وزير الداخلية بريس هورتفو رسالة الى وزير الهجرة والاندماج والهوية الوطنية اريك بيسون، مطالبا اياه بتجريد الزوج من هويته الفرنسية، وهو ما يعرضه للترحيل. وفي ضوء هذه الحادثة، سارع مؤيدو الحظر الكلي للنقاب، للتأكيد بأنهم كانوا على حق في مواقفهم.

وماذا يقول الفقهاء؟
يقول مولاي محمد اسماعيل، وهو عالم دين مغربي ان ارتداء النقاب يدخل في الحرية الشخصية للأفراد، لكنه ليس واجباً دينياً.
ويضيف:
لقد أصبح من البديهي لدى غالبية المسلمين أن الحجاب هو ما تغطي به المرأة جسدها وشعرها، وهو مشهور أكثر لتغطية الشعر، فأصبحت كل من تغطي شعرها بطرق معينة ومعروفة لدى الجميع، تعتبر متحجبة، ومن تم تُسوق لها نظرة الفتاة أو المرأة العفيفة المصونة في أخلاقها ودينها، وما إلى ذلك من التعابير الأخلاقية التي تجعل من هذه المرأة ملاكا يمشي على الأرض، رغم أنها قد تكون غير ذلك تماما، أما التي لا تغطي شعرها فهي سافرة متبرجة يسألون لها في أحسن الأحوال الهداية من الله تعالى، وتسري عليها كل النعوت القدحية، وتُتهم في أخلاقها وشخصيتها، ويصل القذف والتشهير بها مداه.

وإذا رجعنا إلى القرآن الكريم الذي اتفق جميع المسلمون من طنجة إلى جاكرتا، بأنه كلام الله المنزل على الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وأنه لا يشوبه نقص أو تحريف كما وقع للكتب السماوية الأخرى، (رغم أن هذه النقطة تحتاج إلى نقاش كبير) فهو لم يشر إلى النقاب لا من بعيد ولا من قريب، وحتى جمهور المفسرين المسلمين لم يستطيعوا أن يحصلوا على آية واحدة في الكتاب العزيز تشير إلى نوع اللباس الذي يجب على المرأة المسلمة أن ترتديه.

كما أن النص القرآني لم يُحدد حدود العورة لا بالنسبة للمرأة ولا حتى للرجل، وحتى ما يسمى “بالحجاب”، والذي اتفق عليه فقهاء الإسلام أنه تغطية جميع الجسد عدا الوجه والكفين، فلم يُذكر بهذا التفصيل في القرآن الكريم، بل إن الدارس للكتاب العزيز بشكل مباشر وبدون أي وسائط أخرى، يتوصل إلى أن ستر الرأس وبعض أجزاء جسم المرأة لم يجعله القرآن واجبا، بل هو إضافات خاصة بالفقهاء الذين فهموا النصوص بشكل يتناغم مع البيئة الذكورية التي عاشوا فيها، وفي ظل الفكرة الدونية للمرأة التي كانت سائدة آنذاك.

وحتى نؤكد ما ذكرناه أعلاه، نستعرض الآيات القرآنية التي تحدثت عن لفظة الحجاب وسياقات ورودها في القرآن الكريم حتى نصل في الأخير إلى تأكيد أو نفي أن النقاب والحجاب من واجبات الدين الإسلامي التي يجب على المسلمات التقيد بها، أم أنها أشكال ثقافية للباس تفرضها وتتحكم فيها العادات والتقاليد والأعراف التي يتفق عليها الناس ويضعون شكلا معينا من اللباس ترتديه المرأة دون خروج عنه مهما كانت ظروفها.

يضيف اسماعيل: نلاحظ في البداية أمرا أساسيا لا بد من الإشارة إليه، وهو أن كلمة “الحجاب” وردت في القرآن الكريم ثماني مرات، ولم تمت في كل استعمالاتها إلى اللباس بأي صلة من قريب ولا من بعيد، والألفاظ التي أشارت إلى اللباس وعنته في القرآن الكريم هي الثياب والجلابيب والخمر.

هنا يتضح لنا أن استعمال هذه الكلمة في معنى اللباس عند المسلمين هو دخيل من ثقافة ما، أثرت في الإنسان العربي، وأصبح يطلق على هذا اللباس، لفظة “الحجاب”.

وهذا ما تثبته الوقائع التاريخية، فقد أخذ العرب الحجاب عن الفرس الزرداشتيين الذين كانت المرأة عندهم كائنا غير طاهر، عليها أن تربط فمها وأنفها بعصابة كي لا تدنس بأنفاسها النار المقدسة، وقلد العرب أيضا البيزنطيين في عزل المرأة وانزوائها بالمنزل، وتعزز هذا التقليد كليا أيام الخليفة الوليد الثاني في العهد الأموي، وهو الذي كان أول من أحدث ركن الحريم في المنزل العربي.

يلزم هنا أيضا أن نشير إلى مسألة الخطيئة الأولى - التي أريد بها التنقيص من مكانة المرأة وتحقيرها - التي كانت اليهودية أول من ألقى تبعاتها على المرأة، وتبعتها في ذلك المسيحية وتسربت أيضا إلى الإسلام عبر الكثير من الذين اعتنقوا الدعوة المحمدية.

لذلك لا نكاد نجد تفسيرا من تفاسير المسلمين القدامى والمعاصرين يخلو من هذه القصة الغريبة التي تلقي بالمسؤولية الكاملة لخروج آدم من الجنة على زوجته، من خلال إدخال عنصر ثالث في القصة وهو الحية، وبموجب هذه المسؤولية اعتبر أصحاب هذه الديانات الثلاث، أنه يجب على المرأة ألا ترفع رأسها أو صوتها، ولا يجب أن تدلي برأيها في أي شيء لأنها كما يعتقدون رأس كل خطيئة، بعد أن كانت حسب اعتقادهم سبب كل اللعنات التي صبها الرب الإله على الحية والأرض وعلى آدم.

وباختصار يمكن القول إن المعركة مفتوحة في المدى الاوروبي حول كيفية التعاطي مع الحجاب والنقاب والمآذن... وهذا التعاطي هو بمثابة الجزء العائم من جبل البلد الذي يغوص في قهر المياه الاوروبية، وهو ينطوي على خوف اوروبي متزايد من ظاهرة “الأسلمة” التي تنشر بسرعة لا تصدق في كل الشوارع الاوروبية الباردة وعلى كل المستويات، والفصول القادمة من المواجهة قد تكون اكثر تعقيداً.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال