تكوين الخلق الإنساني عن طريق قوة الإرادة والإيمان بالقدرات الذاتية

تكوين خلق الإنسان ونموه ــ التجديد ــ قانون المملكة الفكرية ــ نبذ العادات القديمة واكتساب الجديدة  ـــ  الأربعة أساليب المهمة ــ قوة الإرادة  ـ الإيحاء المغنطيسي ــ الإيحاء الذاتي ــ التعمق في الأفكار ــ منافع ومضار كل أسلوب منها ــ أمثلة وتمارين ــ أنت معلم نفسك .
لابد وان القارئ الذي تتبع معنا الفصول يقول : كل ما ذكر هنا حسن ويمكنني أن أصل إلى تلك النتائج لو كننت حاصلا على الصفات النفسية والخلق اللازم لتلك الأغراض.
هذا هو بيت القصيد .
ألا تدري أيها القارئ العزيز أن الفشل راجع إلى نكران ذاتك والشك في قدرتك .
يمكن لكل إنسان بقوة إرادته أن يوجد له خلقا كما يشاء فهو حسبما يريد أن يكون لا حسبما خلق . كل واحد يستطيع أن يجدد ذاته .
ضع نصب عينيك أن لكل نتيجة سببا ولكل معلول علة .
فالنجاح في الأعمال يرجع إلى بعض القوى النفسية . والصفات اللازمة لذلك هي ولا شك الحزم وطلب المعالي والشجاعة والتأكيد . والثبات والصبر والفطنة . وقد يضاف إليها صفات أخرى .
في كل واحد بعض تلك الصفات بدرجات متفاوتة . وكل واحد يعرف موطن الضعف في نفسه .
ربما لا يبوح به لأصدقائه حتى ولا لزوجه أو ولده ولكنه يعترف به لنفسه فإذا جال في خاطره أن يزيل أسباب ضعفه لوجدها بين تلك الصفات ولكن تنقصه العزيمة .
ألا يريد دفع ثمن إصلاح هذا العيب ؟
لــو أعلن أحد الكيميائيين اكتشاف دواء ضد العيـوب النفسية يحقن به المريض لاكتظ معمله بألـوف الطـلاب للحصــول على هـذا الدواء المـجــدد أو المحيي لتلك الصفات . فالواحد يرغب في مصل الحزم. والثاني يبتاع جرعة (( الشجاعة )). والآخر يشتري سفوف (( أقدر )) وهلم جرا .
ولكن لا يوجد دواء كيميائي لهذه الأدواء . بيد أنه يمكن الحصول على ذات النتائج بتطبيق قانون القوى الفكرية فلماذا لا نستعمله.
نحن عبيد عاداتنا الجسمانية والعقلية . وما أخلاقنا في الواقع إلا خلاصة أفكارنا الاعتيادية ولو أن بعضها متأصل فينا بطريق الوراثة .
نعم إننا نفضل السير في طرق النفس المهيأة لنا ويصعب علينا الحياد عنها والسير في طرق أخرى نختطها . غير أننا نعتقد أن الطرق الجديدة هي أفضل من القديمة . ومتى سرنا فيها سهل علينا تعرفها فلماذا لا نأخذ بالحديث النافع ونترك القديم البالي المضر ؟
سبق ذكرنا للقارئ أن العمل الفكري يحصل بوظيفتين : فاعلة ومنفعلة .
فالفاعلة تنتج الأفكار الأصلية والإرادية . والمنفعلة ما عليها إلا التنفيذ .
ومن خصائص الوظيفة المنفعلة أنها هي السائدة علينا بتأثيرها سريعا بالعادات .
وتغيير الخلق يحصل بإحدى الطرق الآتية :
أولا ــ إما بتصميم الإرادة لاقتلاع جذور العادات القديمة واكتساب غيرها بدون مساعدة قوة أخرى  ــ غير أن هذه الطريقة يصعب على كل واحد ممارستها إن لم يكن قوي الإرادة صادق العزيمة وما كل إنسان كذلك .
ثانيا ــ  و أما بالإيحاء المغنطيسي بواسطة منوم ماهر خبير بطرق التنويم الممغنط ويكون موضعا لثقتك ــ بيد أن من الصعب العثور على ذلك المنوم .
ثالثا ــ  بالإيحاء الذاتي منضما إلى التعمق في التفكير ــ فهذه الطريقة المزدوجة هي أحسن الطرق للحصول على الفائدة المرغوبة . أن بواسطة الإيحاء الذاتي يستطيع كل إنسان أن يكون منوما نفسه وموحيا إليها بما يريد فتتأثر الوظيفة المنفعلة بإرادة الوظيفة الفاعلة . وبالتعمق الفكري يجعل الإنسان نفسه في حالة انفعالية قابلة لعادة جديدة أو لخلق حديث .
فالصورة التي تتخيلها مخيلتك وترغب أن تكون على مثالها. لابد وأن تنطبع فيك وتتجسم في شخصك باستمرارك على التفكير فيها و إرادة اكتسابها .
وهذا على ظننا هو الدواء الشافي .
ولنأت بمثل نطبق عليه الثلاث طرق البادية الذكر . من البديهي أن الخوف صفة رديئة في الإنسان فكم قضى على الألوف فافقد العزائم وأتلف الأجسام ولاشى من قوى .
لنفرض أن الخوف متسلط عليك وتريد ملاشاته بإحدى الطرق السابقة .
تبدأ أولا بالإرادة فتقول : لا أريد أن أكون خائفا (( آمر الخوف بتركي )).
ولكن الخوف لا يزال باقيا . لأن إرادتك لم تكن قوية لتتغلب عليه ــ فقصدت منوما فأجلسك على كرسي وقال لك أن ترخي عضلات جسمك وتهدئ أعصابك وتجعل ذاتك في أهدأ حالة . فعندما يتحقق انتباهك إليه يوحي إليك مكررا بترك الخوف وبالشجاعة وبالأمل وبالطمأنينة الخ .
والأمر يتوقف على المنوم الخبير الذي يعرف موطن الداء فمتى غرس فيك هذه البذور يعلمك كيف تمارس الإيحاء الذاتي وكيف يحصل التعمق الفكري لتباشره بنفسك فيتم شفاؤك .
أمـا قـدرة الإيحـاء الـذاتي فتشعر بها بتكرار القــول لنفسك (( أنا لست خائفا . أنا مطمئن ــ  لقد زال أثر الخوف من نفسي ))  أنا لا أخشى شيئا وهلم جرا . ويجب أن تلفظ هذه الأقوال بهيئة جدية وباقتناع ذاتي ومتى وصلت إلى هذه الحالة تنتقل إلى التعمق الفكري بأن تجعل نفسك في حالة انفعال قابل للتأثير . ثم تفكر طويلا بالفكر الذي تريد اكتسابه. واليك الطرق الموصلة لذلك .
كيف يحصل التعمق الفكري؟
اختر موضعا هادئا بعيدا عن الغوغاء والحركة وبمعزل عن الناس واجلس على كرسي أو في السرير أو في أي مجلس ترتاح إليه . وارخ كل عضلات جسمك ولا تشنج أعصابك ثم تنفس طويلا وببطء واحفظ الهواء داخل رئتيك عدة ثوان قبل أن تلفظه وكرر الاستنشاق مرارا حتى تشعر براحة وانتعاش.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال