واشنطن تقدم تعهدات شفوية لعباس بتجميد الاستيطان وتتهرب من الالتزامات المكتوبة

كشفت صحيفة 'غارديان' البريطانية عن تعهدات سرية قدمتها الادارة الامريكية للرئيس الفلسطيني محمود عباس وتتعلق بالاستيطان الاسرائيلي في الاراضي الفلسطينية المحتلة. وتشمل التعهدات السرية موقفا امريكيا جديدا يتجنب استخدام حق النقض 'فيتو' في مجلس الامن اثناء التصويت على القرارات المتعلقة بالاستيطان.
وترى الصحيفة في الضمانات الامريكية الجديدة محاولة لدفع وحث الفلسطينيين على الانضمام للعملية السلمية والمشاركة في محادثات السلام غير المباشرة. وقالت الصحيفة ان الضمانات الامريكية ابلغت للفلسطينيين شفويا أثناء اجتماع ضم الأسبوع الماضي الرئيس الفلسطيني وأحد كبار الدبلوماسيين الأمريكيين وفيها تعهد بتوظيف حق الفيتو الأمريكي لعدم تعطيل أي قرار من قرارات الأمم المتحدة يقف ضد استمرار العمليات الاستيطانية الإسرائيلية.
وعلقت قائلة ان الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي باتا قريببين من اسئتناف مفاوضات سلام غير مباشرة من شأنها دفع عملية السلام المتعثرة في الشرق الأوسط منذ الحرب الإسرائيلية على غزة في نهاية 2008. ولكن صائب عريقات، كبير المفاوضين الفلسطينيين نفى وجود هذه الضمانات مؤكدا ان الجانب الفلسطيني لا يزال يجري اتصالات مع الامريكيين قائلا 'اننا لا نزال نتحدث مع الأمريكيين' فيما لم يؤكد الجانب الامريكي وجود هذه الضمانات بشكل رسمي.
ونسبت الصحيفة معلوماتها الى مصدر فلسطيني لم تكشف عن هويته وعلى اطلاع على تفاصيل الاجتماع. وبناء على هذا المصدر فقد اخبر ديفد هيل، نائب المبعوث الأمريكي الخاص إلى الشرق الأوسط ـ جورج ميتشل، الرئيس الفلسطيني عباس أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما يرغب في رؤية عملية السلام تتحرك للأمام بالتزامن مع بدء المفاوضات غير المباشرة. مضيفا ان واشنطن تتفهم العقبات التي تقف امام طريق السلام، فيما وصف استمرار إسرائيل ببناء المستوطنات بانه عمل 'استفزازي'. ومن جانب اخر، ابلغ هيل محمود عباس ان الامريكيين تلقوا تأكيدات من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تتمثل في وقف العمل في مشروع بناء مستوطنة 'رامات شلومو' في القدس الشرقية على الاقل في المرحلة الحالية. وتأتي اهمية الخطوة الإسرائيلية لوقف مشروع المستوطنة في ظل تسببها الشهر الماضي في انهيار اتفاق لاستئناف مفاوضات غير مباشرة مع الفلسطينيين في يوم الإعلان عن انطلاقها،'إثر إعلان تل أبيب عن اعتماد بناء 1600 وحدة سكنية في المستوطنة اثناء وجود نائب الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن'في القدس الذي انتقد القرار الإسرائيلي بقوة واعتبرته الادارة الامريكية صفعة لجهودها وأدت الى ما صار يعرف بالأزمة بين اسرائيل وحليفتها الكبرى الولايات المتحدة. وفي اثناء الاجتماع اكد هيل لمحمود عباس انه في حالة قيام اسرائيل بعمليات استيطان استفزازية في القدس الشرقية فستقوم واشنطن بالطلب من مجلس الامن بمنع اسرائيل من هذه النشاطات ووقفها ومن جهتها ستمتنع امريكا عن استخدام الفيتو.
وترى الصحيفة ان امتناع واشنطن عن استخدام الفيتو يعتبر تطورا غير عادي ويظهر مدى غضب الادارة الامريكية من اسرائيل. ولكن هيل لم يوضح ماهية النشاطات الاستيطانية التي ستدعو الى نقل الملف لمجلس الامن الدولي. وقد طلب الفلسطينيون الذين حضروا اللقاء توضيحات لكن هيل لم يقدم تعريفا واضحا للنشاطات الاستيطانية الاستفزازية هذه. وكانت صحيفة 'نيويورك تايمز' قد اقترحت في مقال نشر في صفحة الرأي ان الرئيس الفلسطيني محمود عباس سلم رسالة تتضمن التزاما غير مسبوق من الادارة الامريكية للفلسطينيين وتقول ان امريكا لن تقف ضد اي قرار في مجلس الامن يدين افعال اسرائيل. لكن المصدر الذي نقلت عنه 'غارديان' اخبرها ان الضمانات قدمت للجانب الفلسطيني بصورة شفوية لرغبة امريكية بالابقاء على الموضوع طي الكتمان.
ومن ناحية اخرى اقترح عريقات ان الجانبين يقتربان من الاتفاق على بدء محادثات غير مباشرة وقال 'نريد منح اوباما وميتشل فرصة لان نجاح المفاوضات يعني لنا الاستقلال والحرية'. وكان الجانب الفلسطيني قد رفض الدخول في محادثات قبل ان تقوم الحكومة الاسرائيلية بتجميد الاستيطان وهو المطلب الذي تقدمت به واشنطن اولا لكن اسرائيل رفضته وتراجعت ادارة اوباما عنه فيما بعد. وفي النهاية وعد نتنياهو بوقف مرحلي للنشاط الاستيطاني لمدة 6 اشهر ستنتهي قريبا. وعلى الرغم من مواصلة نتنياهو رفض المطالب الفلسطينية لوقف الاستيطان في القدس الشرقية الا ان مصادر قالت ان وقفا تكتيكيا للاستيطان قد تم للسماح لبدء المفاوضات.
وعلق عريقات على هذه الانباء قائلا انه لا يهتم بالاقوال ولكن بالافعال وانه لا يريد رؤية اي نشاط على الارض وهذا هو المهم حسب قوله. ونقلت عن هاني المصري، احد مستشاري الرئيس عباس السياسيين قوله ان الولايات المتحدة اخبرت عباس انها ستلقي باللائمة على الطرف الذي يضع عقبات امام العملية السلمية. واضاف انه من المستبعد ان تسمح امريكا للامم المتحدة باصدار قرارات رقابية على اسرائيل. وقال 'نحن بعيدون عن هذه الخطوة فلن تسمح امريكا بوضع اسرائيل تحت رحمة مجلس الامن'.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال