معـدلات الشفاء من السرطان والتكهن بالمردود العـلاجي منه.. محفّـزات نماء كريات الدم البيضاء أو الحمراء

من المعتاد أن يستخدم الأطباء تعبير معدلات الخمس سنوات شفاء أو نجاة ( five year survival rates )، كمعدل قياسي عند مناقشة و تقدير فرص شفاء الأورام بناءا على تصنيفها، فقد يقال مثلا أن معدلات الشفاء لخمس سنوات للمرضى بورم ما بتصنيف ما، تبلغ 60 % أو 90 %، و يشير هذا المصطلح إلى نسبة المرضى ممن يعيشون خمس سنوات على الأقل منذ تشخيصهم بسرطان معين، حسب الإحصاءات و الدراسات الطبية،
 و بالطبع يعيش الكثير جدا من المرضى لفترات أطول من هذا المعدل بكثير، غير أن هذا الرقم يمثل الحد الأدنى لاعتبار المريض قد تجاوز مرحلة الخطر، و تجاوز المرحلة التي تزيد فيها احتمالات عودة الورم و يتماثل للشفاء التام، و بطبيعة الحال كلما زادت الفترة الزمنية دون ظهور علامات على عودة الورم أي دون حدوث انتكاس، كلما قلّت احتمالات هذه العودة و زادت فرص النجاة، و بالطبع فان ذلك لا يعني أن الورم لا يعود أبدا، إذ قد يعود بعد عقود من الزمن، و قد لا يعود على الإطلاق، و قد وضعت هذه المعدلات بناءا على معطيات المرضى بورم ما، و الذين عولجوا مبدئيا قبل أكثر من خمس سنوات مضت، بناءا على التصنيف المرحلي و حسب المخططات العلاجية المتبعة لذلك الورم، و من الطبيعي أن التطورات المستمرة في أنماط المعالجات تقدم فرصا اكبر للشفاء لدى المرضي حديثا، وتجدر الإشارة إلى استخدام نفس التعبير، أي سنوات الشفاء القياسية، مع تغيير عدد السنوات ( مثل أربع سنوات أو عشر أو خمسة عشر سنة شفاء قياسية ) عند بعض الإحصاءات الطبية لتقديم فكرة شاملة عن تطور المرضى بورم ما خلال سنوات المعالجة.
وكما سلفت الإشارة، يستخدم الأطباء تعبير التكهن بالمردود العلاجي المتوقع ( prognosis ) أي تقديرات الحالة، بناءا على تصنيف درجة الورم ( Grading )، و التصنيف المرحلي للأورام ( staging )، أي التكهن بمدى الاستجابة للمعالجات واستشراف الدلائل عن الشفاء لدى المريض، و بهذا الصدد يلزم أن نضع في الحسبان أن التكهن دائما يبقى مجرد تكهن، و لا يمكن اعتباره قولا جازما، و حدوده تبقى دائما مرتبطة بمحدودية الأبحاث و الدراسات و الإحصاءات الطبية، فثمة الكثير مما لا يزال الطب يجهله، و لا يمكن استخلاص المعطيات عما هو مجهول مما أصبح معروفا طبيا، و لذلك لا يمكن اعتبار ما هو منشور في أي مقالة طبية أو كتاب حول استشراف دلائل الشفاء عن ورم ما كمعطيات جازمة و نهائية عند أي حالة، و الحقيقة انه لا يمكن لأي أحد على الإطلاق التكهن بمستقبل أي مريض بعينه، و دائما ما يقول الأطباء أن كل مريض بالسرطان هو حالة فريدة قائمة بذاتها و ذات وضع خاص و إن كان التشخيص واحدا، و من هنا يُنصح دائما بعدم الربط بين الحالات و بعضها، أو اعتبار أن ما يحدث من تطورات مع حالة ما، سواء جيدة أو سيئة، سيحدث مع غيرها بنفس التشخيص و التصنيف، كما تجدر الإشارة إلى أن التطور الطبي مستمر في كل أنحاء العـالم، و يتم استنباط و اختراع علاجات جديدة بشكل متواصل، و قد زادت فرص الشفاء بشكل مذهل خلال عقود قليلة، و لتوضيح هذا المعني، نسرد في النقاط التالية بعض العلاجات و التطورات التي لم تكن موجودة قبل سنة 1990م :
* محفّـزات نماء كريات الدم البيضاء (Granulocyte colony stimulating factor G-CSF   )، أي عقار نيـوبوجين
( Neupogen )، و التي ترفع من إنتاج الكريات البيضاء لتجنب التعرض للعدوى عند إحباط النخاع العظمي، و انخفاض معدلاتها عقب العلاج الكيماوي، و التي اعتمدت للاستخدام عام 1991، و نشير إلى أن العدوى كانت ( و لا تزال) احد أهم أسباب الوفيات لدى المرضى بالسرطان.          
* محفّـزات نماء كريات الدم الحمراء (Erythropoietin)، و التي ترفع من معدلات إنتاجها عند إحباط النخـاع العـظمي وتقلل بالتالي من مضاعفات فقر الدم.       
* الانترفيرون آلفا (Interferon alfa) أحد المثيرات الخلوية التي ينتجها الدم و أمكن تصنيعها على نطاق واسع، و قدمت معالجة فعالة لبعض أنواع اللوكيميا، و الأورام الليمفاوية مثل الورم اللاهودجكن.     
* الانترلوكين 2 ( interleukin-2 IL-2)، و هو أيضا مثير خلوي تنتجه كريات الدم البيضاء و أمكن تصنيعه على نطاق واسع، وقدم معالجة فعالة لبعض أنواع اللوكيميا، و الورم القتامي ( الميلانوما )، و أورام الكِـلى. 
تطورات التصوير بالرنين المغناطيسي (Magnetic resonance imaging MRI  )، إذ أن جهاز المرنان الدقيق الذي يختص بتقصي الأورام الدقيقة جدا، والخلايا الورمية المنتقلة للدماغ و الحبل الشوكي، لم يكن متوفرا للاستخدام بشكل واسع قبل عام 1991.
التطورات في عمليات زرع نُقـى النخاع العظمي، حيث قبل عام 1990م لم تكن هذه العمليات تتم بشكل آمن مثلما هي الآن، و كانت تُعد خطرة و لا يتم إجراؤها سوى لصغار السن و بشرط توفر متبرع كامل، إذ لم يكن الأطباء يعرفون على وجه الدقة كيف يقومون بتطهير نخاع المريض من الخلايا السرطانية، و إعادة استخدامه في الزرع الذاتي، و منذ عام 1993 فقط، أصبح الزرع الذاتي لنـقى النخاع ممكنا للمرضى حتى سن الستين، و أحيانا بسن السبعين إن كان المريض لا يُعانى من مشاكل صحية ثانوية.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال