إذا كان الحق هو الاستقامة واليقين والحقيقة، فالحق الطبيعي حسب طوماس هوبز هو حرية الإنسان في أن يستعمل قوته وقدرته الخاصة للحفاظ على طبيعته، أي على حياته بكل الوسائل الناجحة لتحقيق ذلك الهدف.
والمقصود بالحرية هو غياب العوائق والموانع التي تمنع المرء من استغلال قدرته على فعل ما يشاء.
والقانون الطبيعي هو قاعدة عامة اهتدى إليها العقل، بحيث يمنع على الإنسان أن يفعل ما من شأنه أن يقضي على حياته أو يغفل عن صيانتها، وعليه يجب أن نميز حسب طوماس هوبز بين "الحق الطبيعي" و"القانون الطبيعي"، فالحق يقوم على الحرية في حين أن القانون يقوم على الإلزام.
ضرورة هذا التمييز المتناقض ترتكز على حالة الطبيعة وهي حالة حرب ضد الكل، فيما يحتكم كل واحد إلى ما يمليه عقله، ولأن لا شيء يمنعه من استخدام ما يحفظه من أعدائه يترتب أن لكل إنسان الحق على كل شيء بما فيه الحق على أجساد الآخرين.
إلا أن هذه الحالة لا تضمن الاستمرار في الحياة، لذا يجنح الناس إلى السلم، أي يتخلون عن الحرية المطلقة في التصرف ويقبلون بما يقبل به الآخرون.
إن هذا التعاقد العقلي هو ما يسميه جون جاك روسو بالعقد الاجتماعي، به يجعل حدا فاصلا بين الوهم الفطري والعدل، بين الواجب والباعث الغريزي وبين الحق والشهية والعقل والميل بكلمة ينتقل الإنسان بفضل هذا التعاقد من حالة الطبيعة إلى الحالة المدنية، أي من الحرية الطبيعية التي لا حدود لها إلى الحرية المدنية التي تحدها الإرادة العامة.
فالحق الطبيعي هو التنظيم الطبيعي أي القواعد التي تتميز بها طبيعة كل فرد، قواعد ندرك بها أن كل موجود يتحدد في سلوكه على نحو معين، مثلا يتحتم على الأسماك بحكم طبيعتها أن تعوم وأن يأكل الكبير منها الصغير (سبينوزا).
أما الحق الوضعي فهو ذلك الذي وضعه الإنسان وقننه، وهو ما سماه جون جاك روسو بحالة التمدن التي تجعل حدا للأنانية، وتفرض سيادة القانون من خلال العقل الاجتماعي.
وهذا الأخير أدب وواجب وحق واستشارة للعقل وحرية مدنية وإرادة عامة والعقد قوانين تهدف التوحيد بين الحقوق والواجبات وتهدف إقرار العدالة (روسو)، والقانون يجمع بين الكونية والشمولية أي يعامل الأفراد ككل، وينظر إلى أفعالهم بشكل مجرد ولا يتعامل مع فرد بعينه ولا مع فعل خاص، الحق مثل الأخلاق يتضمن أمرا قطعيا وهو ما يجب أو ينبغي القيام به.
من هنا فللحق وظيفة أداتية تحقق الخير العمومي عبر تقنية صياغة القوانين وتنفيذها، ليحكم على الأفعال في ممارستها، وما دامت الأفعال إنسانية خاصة بهذا الشعب أو ذاك فالحق يأخذ صفة القانون ويغدو قانونا خاصا وضعيا حسب أرسطو مقابل القانون المشترك، أي الطبيعي.
التسميات
ف.ب2.أ