اتصال غريب:
مساء أحد الأيام في رمضان من عام 1418 للهجرة الذي صادف في الأسبوع الأخير من شهر كانون الثاني عام 1998م تلقيت مكالمة هاتفية من مسئول في قناة الجزيرة تفيد بأن أحد كبار المذيعين في المحطة ومصوريِن آخرين في طريقهما تلك الليلة إلى إسلام أباد وأنهم سيصلون في الصباح، وطلب مني المساعدة في نقلهم إلى فندق كونتيننتال الذي قال محدثي إنه في إسلام أباد، فصححت له المعلومة بأن الفندق في مدينة راولبندي المجاورة للعاصمة الباكستانية وأن إسلام أباد لا يوجد فيها أي فندق كونتيننتال على الإطلاق، وعلمت من محدثي أن الزملاء القادمين من الدوحة لهم موعد مهم وأنهم سيقابلون شخصية هامة في إسلام أباد لكنه رفض الإفصاح عنها. فقلت له لا تقلق. سأعمل كل ما بوسعي وسأقدم لهم كل ما يريدون من خدمات لإنجاز مهمتهم. وقد طلب نفس المتصل من السفارة القطرية في إسلام أباد تأمين نفقات الفندق والإقامة على أن يتم إرسال هذه النفقات للسفارة عن طريق الخارجية القطرية فيما بعد.
وفي مساء يوم وصول بعثة الجزيرة التقيت بمسئول من السفارة القطرية جاء لزيارة بعثة الجزيرة، وسأل مذيع الجزيرة عن الهدف من الزيارة، والشخصية التي سيقابلها في رحلته إلى باكستان، فكانت الإجابة: بأنهم سيقابلون رئيس الوزراء الباكستاني (آنذاك) نواز شريف!! فنظر إلي الدبلوماسي في السفارة القطرية مستغرباً وضحك! كما ضحكت أنا حين سمعت اسم رئيس الوزراء على أنه الشخصية التي سيقابلونها. وقال مسئول السفارة لمذيع الجزيرة يبدو أن جمال أراد أن يعيق عملكم من خلال هذا الترتيب وتوقيت زيارتكم إلى إسلام أباد!! فاستغرب المذيع الأمر وقال علام تضحكون؟ فقلت لمسئول السفارة: أولاً أنا لا دخل لي بترتيبات الزيارة أو الهدف منها، ولم أعلم أن فلاناً ومرافقيه قادمون إلا حين استقلوا الطائرة وكنت ولا زلت أجهل الهدف من الزيارة.وتوجهت بالحديث إلى مذيع الجزيرة فقلت: أما بالنسبة لسبب ضحكنا واستغرابنا حول قولكم إن المقابلة ستكون مع رئيس الوزراء فإنه عائد لأمرين: أولاً أنكم قلتم إن رئاسة الوزراء الباكستانية طلبت منكم النزول في فندق كونتيننتال، مع أن رئاسة الوزراء تعلم أن الفندق ليس قريباً من مكتب نواز شريف وإنما يحتاج النزيل فيه مدة لا تقل عن أربعين دقيقة للوصول إلى بوابة رئاسة الوزراء مع وجود فندق فخم آخر أقرب منه ولا يبعد سوى ثلاث دقائق عن رئاسة الوزراء! الأمر الآخر هو أن كل من في باكستان وحتى السفارات تعلم أن رئيس الوزراء غادر البلاد بالأمس في جولة خارجية تستغرق ثمانية أيام وأعلن عنها في الصحف المحلية قبل بدئها بأيام فكيف يعطيكم ديوان رئيس الوزراء موعداً في مثل هذا التوقيت وهم يعلمون أن رئيس الوزراء غائب عن البلاد؟!
فجاءت الإجابة على سبب الاستغراب والمعلومات التي أفدناهم بها لتزيد من حراجة موقف الضيوف حيث قال المذيع إن الشيخ حمد بن ثامر رئيس مجلس إدارة الجزيرة هو الذي طلب منا السفر إلى باكستان في هذا الوقت على أن يتصل هو برئيس الوزراء أثناء وجودنا في باكستان ليبلغه برغبة الجزيرة في مقابلته!!!
الاتصالات بين بعثة الجزيرة في إسلام أباد ومقرها الرئيسي في الدوحة لم تتوقف ساعة، فكان المذيع المنتدب من الجزيرة لهذه المهمة لا ينفك عن الاتصال بأحد الزملاء في الدوحة ليبلغه أن الانتظار صعب وأنه لا أحد من الجهة الأخرى سأل عنه، مشدداً عليه بضرورة الاتصال بشخص في دولة أوروبية للعمل على إتمام الأمر بالسرعة الممكنة حتى تتم المقابلة وترجع بعثة الجزيرة إلى الدوحة.
وقد أوحت هذه الاتصالات بشيء عن طبيعة المهمة التي جاءوا من أجلها وإن كانت حتى الآن لم تتضح الصورة كاملة .
في اليوم التالي كانت بعثة الجزيرة في وضع نفسي لا تحسد عليه. فالانتظار قاتل! والجلوس في الفندق دون عمل لمن اعتاد الحركة والنشاط يعتبر أمراً صعباً للغاية. وقد علمت من خلال وجودي مع بعثة الجزيرة بعض الوقت اسم الشخص الذي كانوا يتصلون به في الدولة الأوروبية ، كما علمت في وقت لاحق اسم الشخص الذي كانوا ينوون مقابلته، وهو الدكتور أيمن الظواهري أمير جماعة الجهاد المصرية والذي قيل إنه قدم إلى أفغانستان خصيصاً لهذه المقابلة حيث كان يقيم في دولة أخرى. وأبلغني مذيع الجزيرة أنه طلب منه من قبل الشخص المقيم في أوروبا ألا يعلمني بهذه المهمة مطلقاً وألا أرافقه في رحلته لمقابلة الدكتور أيمن الظواهري!!!
فأبلغته بأنني سأتصرف وكأنني لم أعلم شيئا عن المهمة والهدف منها، مبديا في نفس الوقت استعدادي لتقديم أي خدمة يريدونها من إسلام أباد لإتمام مهمتهم.
في اليوم التالي دعوت بعثة الجزيرة على إفطار رمضاني في منزلي في إسلام أباد، وكان مذيع الجزيرة متردداً في قبول الدعوة لإمكانية اتصال الدوحة أو الوسيط في أوروبا به في أي وقت، فعملنا على الترتيب مع إدارة الفندق بتحويل أي مكالمة قادمة له إلى رقم هاتفي النقال لحين عودتنا إلى الفندق.
مكالمة من الدوحة:
في طريقنا من الفندق إلى منزلي قبيل الإفطار تلقينا مكالمة هاتفية من أحد المسئولين في الجزيرة تفيد بأن الطرف الآخر ذهب إلى الفندق وإلى نفس الغرفة التي أعطي رقمها لنقل بعثة الجزيرة من هناك، لكن لم يجدوا أحداً وأن هذا الكلام مضى عليه أكثر من ثلاث ساعات، وأنهم استفسروا من إدارة الفندق عن وجود ضيوف من الجزيرة، لكن الإدارة أكدت لهم عدم وصول أي عربي أو من يحمل تلك الأسماء التي أوردوها مستفسرين عن أصحابها. فأعطينا رقم الغرفة مجدداً للمتصل ليبلغهم أن يأتوا إليها بعد ساعة من الزمن.
واتصال من أوروبا:
في نفس الليلة جاء اتصال آخر من الوسيط في أوروبا يؤكد أن إدارة الفندق أبلغت الطرف الآخر أن أياً من وفد الجزيرة لا يقيم في الفندق، أو وصل إليه حتى ذلك الوقت. وقد انتهى هذا الجدال حين طلب الوسيط في أوروبا معرفة بعض التفاصيل عن إقامتهم في الفندق فأبلغ بأنهم يقيمون في فندق الكونتيننتال في مدينة راولبندي المجاورة للعاصمة الباكستانية إسلام أباد، الأمر الذي أثار استغرابه ودهشته، موضحا أن الاتفاق كان على أن يقيموا في الكونتننتال في العاصمة الأفغانية، ومن هناك يأتي من يأخذهم إلى مكان إقامة الدكتور أيمن الظواهري في أفغانستان لإجراء المقابلة المتفق عليها. ولما كنت أول من أجاب على المكالمة الهاتفية من أوروبا بسبب أنها جاءت على هاتفي النقال عرفت بنفسي للمتصل الذي قال إنه يعرفني وأعرفه حين كان في باكستان يوما ما، وأفصح لي عن اسمه، وطلب مني أن أساعد الزملاء من الجزيرة في الوصول إلى كابل إن احتاجوا إلى تأشيرة أو استئجار سيارة، وأن أرافقهم إن سمحت ظروفي بذلك لمعرفتي طبيعة البلد والأشخاص الذين كانوا يرغبون برؤيتهم، لكنني أبلغته أن الزملاء من الجزيرة قالوا لي إن الطرف الآخر طلب منهم عدم إخباري بمهمتهم أو القدوم معهم، ونقلوا هذا الكلام عنكم شخصياً، لأنهم يريدون مذيع الجزيرة فقط في المقابلة والأماكن التي سينزلونه بها. وقد أنكر الوسيط في أوروبا صحة هذه المعلومات وشدد على أن أرافقهم إن أمكنني ذلك بقوله :( لقد أبلغناهم أن يذهبوا إلى فندق الكونتيننتال في كابل، لا راولبندي، وأنهم حين يصلون إلى إسلام أباد فإن جمال يمكن أن يساعدهم على فهم المنطقة وطبيعتها لمعرفته بها وبالسفارة الأفغانية وبالأشخاص في أفغانستان أثناء دراسته في جامعة بيشاور ، فأبديت له استعدادي للمساعدة في نيل التأشيرة إلى أفغانستان وتأمين وسيلة مواصلات سواء عبر طائرة من إسلام أباد إلى كابل أو عبر استئجار حافلة أو سيارة خاصة لفريق الجزيرة، لكنني طلبت من الوسيط في أوروبا أن يبلغ هذا الكلام بنفسه لمذيع الجزيرة حتى لا يكون هناك أي حرج أو لبس في الموضوع، وقد فعل ذلك مباشرة.
واتصال آخر من أفغانستان:
في نفس الليلة جاءنا اتصال آخر على هاتفي النقال من شخص يقيم في أفغانستان ومن طرف الدكتور أيمن الظواهري يستفسر عن الذي حصل معنا، ولماذا تأخر فريق الجزيرة في الوصول إلى كابول، وأوضح المتصل أن الاتفاق كان على أن يأتي فريق الجزيرة إلى كابل من يومين وأن مرافقي الدكتور أيمن الظواهري راجعوا الفندق أكثر من مرة دون جدوى، فأبلغت المتصل بالإشكالية التي حصلت، وربما الالتباس الذي وقع حول الفندق وأنه في العاصمة الباكستانية أو الأفغانية، فأكد أن الكلام كان واضحاً مع الوسيط ومع المذيع من الجزيرة بأن عليه أن يصل إلى الفندق في كابل وبعدها تكون مهمتنا في نقله وإعادته ليس إلى الفندق فحسب وإنما للحدود مع باكستان إن أراد ذلك. وطلب مني المتصل من أفغانستان أن أشرح لمذيع الجزيرة الظروف التي تمنع الدكتور أيمن الظواهري وأنصاره من القدوم إلى باكستان أو الاقتراب من حدودها، لا سيما بعد توقيع باكستان اتفاقية للتبادل الأمني مع الحكومة المصرية، وتسليمها عدداً من المصريين إلى حكومة بلادهم وما تعرضوا له بعد ذلك.
الخوف من السفر إلى أفغانستان لما يسمعه المرء عن أوضاعها، كان مفهوماً، لكنني أوضحت لفريق الجزيرة ـ الذي لم يكن قبل تلك الرحلة زار حتى باكستان ـ بأن الأوضاع في العاصمة الأفغانية الآن آمنة جداً وأنها حسب ما رأيته من زياراتي لأفغانستان، (خاصة مناطق طالبان) أكثر أمنا من العديد من الدول الأوروبية والعربية بالنسبة لحياة الإنسان وعرضه وماله، وأن مسألة السفر إلى هناك ليست صعبة. وبالنسبة للتأشيرة فيمكن الحصول عليها في الصباح من السفارة الأفغانية، وبالنسبة لوسيلة السفر فأنتم تختارون ما ترغبون، وبينت لهم الظروف المحيطة بوسائط النقل من طائرات للأمم المتحدة أو الحافلات والسيارات الخاصة التي تسافر عادة من بيشاور إلى أفغانستان وأن عليهم أن يعدوا أنفسهم إن كانوا سيسافرون براً لتحمل مصاعب الطريق، حيث أفغانستان بلد دمره الغزو الخارجي والاقتتال الداخلي خلال عشرين عاماً، وأما المسائل الأخرى من ناحية الأمن والمطعم والمشرب فلا تشغلن بالكم لأنها متوفرة وجيدة، وعلى كل فأنتم صحافيون ومن حياة الصحافي المغامرة، وإن ذهبتم فلن تندموا أبدا ، وقد تكون فرصتكم الذهبية ليس للشهرة من خلال مقابلات وإنما أيضا من خلال كتاب تسطرونه فيما بعد.
كان الخوف يعتري مذيع الجزيرة ومرافقيه من الأوضاع التي عليها أفغانستان، ومما يمكن أن يترتب من آثار لاحقة لهذه الزيارة حيث سيتم ختم جواز سفرهم بالتأشيرة إلى أفغانستان، وهذا قد يقود إلى مساءلة من بعض الدول، خاصة العربية منها. كما أن ما بثته وسائل الإعلام من أخبار حول طالبان وحكمها وما تقوم به من إجراءات ألقت بظلالها على الصورة التي وضعها فريق العاملين في الجزيرة في ذهنه لهذا البلد وأوضاعه. وكانت الحجة التي لم يتزحزح عنها مذيع الجزيرة في رفضه الذهاب إلى كابل أو أي مكان في أفغانستان هي المسألة الأمنية، وحاول معي كثيراً أن أساعده في إقناع الطرف الآخر (الدكتور أيمن الظواهري وأنصاره) بالقدوم إلى بيشاور إن لم يكن إسلام أباد، فقلت له إن بيشاور مثل إسلام أباد من الناحية الأمنية والقانونية بالنسبة للطرف الآخر إن لم تكن أسوأ، حيث أن شكل الدكتور أيمن معروف لدى كثيرين في بيشاور وهذه المدينة ومنذ الغزو السوفيتي لأفغانستان وهي تعج بكل المخبرين لكل الأجهزة الأمنية العالمية بمن فيها الأجهزة المصرية!! وهذا يجعل من المستحيل على الدكتور أيمن الظواهري وأنصاره القدوم إليها. فأشار إلى منطقة القبائل الباكستانية المحاذية للحدود الأفغانية وأنها لا تحتاج تأشيرة على الجواز فلماذا لا نقوم بإجراء المقابلة هناك؟!
لم يكن فريق الجزيرة يدرك فيما يبدو الخطورة في إحضار الدكتور أيمن الظواهري إلى أي جزء من باكستان ، ولم يقدروا حجم الخطر الممكن حدوثه في حال قرر الدكتور أيمن الوصول إلى باكستان، هذا الخطر المتمثل بإمكانية القبض عليه في أي منطقة في باكستان وتسليمه للسلطات المصرية أو الأمريكية (رغم أنه لم يكن مطلوبا للولايات المتحدة حتى ذلك الوقت). وقد حاولت جاهداً إيضاح هذه الصورة لفريق الجزيرة الذي كان مصراً وبشدة عجيبة على أن يقوم بالمقابلة على الأرض الباكستانية وأنه لا مجال للسفر مطلقاً إلى أفغانستان حتى لو دفع لفريق الجزيرة أي مكافأة على هذه المقابلة.
أجهزة للبث المباشر !!
من خلال الحديث مع فريق الجزيرة علمت أنهم أحضروا أجهزة بث مباشر معهم لبث المقابلة عبر الأقمار الصناعية من أفغانستان وهو ما أثار أسئلة ليس فقط حول إمكانية قبول الطرف الآخر بهذا، وإنما قد يثير تساؤلات حول الهدف من وراء إحضار مثل هذه الأجهزة التي سيتم رصد بثها وتحديد موقع الدكتور أيمن الظواهري وربما الشيخ أسامة بن لادن إن قرر الحضور لمقابلة مع الجزيرة (الجزيرة في هذه المحاولة لم تكن تسعى مطلقاً لمقابلة الشيخ أسامة بن لادن وإنما كانت تلح وبشدة على مقابلة الدكتور أيمن الظواهري!!) وكان مقتل الرئيس الشيشاني السابق جوهر دوداييف بعد رصد مكانه من قبل الأقمار الصناعية الأمريكية وتسريب هذه المعلومات للروس الذين أطلقوا صواريخهم عليه لا زال ماثلاً في الأذهان ولم تنسه الذاكرة. وقد أبديت مخاوفي من أن الطرف الآخر قد يلغي المقابلة كلها إن علم بوجود هذه الأجهزة لاعتبارات أمنية، ولقناعته بأن هذا قد يوقع به في يد الأمريكان، الذين كانوا ولا زالوا يرصدون أي اتصال من داخل الأراضي الأفغانية لتحديد مكان الشيخ أسامة بن لادن والدكتور أيمن الظواهري، وذلك للعمل على اصطيادهم وقصف أماكن وجودهم.
أموال من الجزيرة لأنصار الظواهري !!
بعد جدال ومناقشات استمرت عدة ساعات، كان رأي فريق الجزيرة أن على الطرف الآخر الالتزام بما يراه فريق الجزيرة سيما وأن الوسيط المقيم في أوروبا ـ وحسب كلام فريق الجزيرة ـ طلب مبلغاً من المال (لقاء تأمين اللقاء، بحجة أن هذا المبلغ سينفق على تنقلات الدكتور أيمن الظواهري ومجموعته الأمنية التي ستوفر الحماية له ولفريق الجزيرة، إضافة إلى تأمين نفقات السفر خارج أفغانستان والعودة إلى المكان الذي كان يقيم فيه، وأن الدكتور أيمن الظواهري جاء خصيصا إلى أفغانستان لهذه المقابلة).
وقد احتد النقاش بين موفد الجزيرة والوسيط الأوروبي حول المبلغ المطلوب وأن الجزيرة وعدت بهذا المبلغ لتأمين اللقاء ومتطلباته، وأن الطرف الآخر يلح في طلب هذا المبلغ.
الجزيرة تطالب الظواهري القدوم إلى حتفه:
بقيت مسألة قدوم الدكتور أيمن الظواهري إلى باكستان هي الشغل الأساس لبعثة الجزيرة، بينما كان رأي الطرف الآخر أن على الجزيرة أن تأتي كما وعدت إلى كابل. وقد احتد النقاش حول هذه المسألة على الهاتف مع الطرف الآخر، وبيني وبين فريق الجزيرة، وكان ضمن الكلام الذي قاله فريق الجزيرة أن على الطرف الآخر أن يقدر أن الجزيرة ستفتح له المجال ليؤدي رسالة هو في أمس الحاجة إلى إيصالها وإسماعها للعالم العربي خاصة الشعب المصري!! وأن هذا قد يؤدي إلى مصاعب ومشاكل سياسية بين قطر والحكومة المصرية وضغوط على قناة الجزيرة، وأن على الطرف الآخر لذلك تقديم بعض التنازلات من جانبه لإتمام المقابلة، لكن الجواب القادم من الجهة الأخرى كان حاسماً ومختصراً :
(المسألة الأمنية وحياة إخواننا أهم عندنا بكثير من عرض تقدمه الجزيرة باستضافتنا والظهور على شاشتها وإعطاء مقابلة يتم فيها توضيح موقف جماعة الجهاد المصرية بشكل خاص، والتيار الإسلامي المقاتل بشكل عام، رغم أهمية هذه المسألة لنا).
وطلب مني المتصلون من الطرف الآخر المساعدة في إقناع فريق الجزيرة في السفر إلى كابل وإتمام المقابلة داخل الأراضي الأفغانية، بينما طلب مني فريق الجزيرة المساعدة في إقناع الطرف الآخر القبول بوجهة نظرهم. واستعد الطرف الآخر للتقدم إلى الحدود الأفغانية الباكستانية وإلى أقرب نقطة من الحدود يعتقد أن أمنه لا يمكن أن يتعرض فيها إلى أي خطر.
أمام هذه الوقائع حاولت جاهداً إقناع فريق الجزيرة بألا يضيع فرصة اللقاء إن كان يريد حقاً مقابلة الدكتور أيمن الظواهري، وأبلغتهم أن هناك فرصة لمقابلة الشيخ أسامة بن لادن، وهو من ناحية إعلامية وعالمية محط انتباه واهتمام أكثر من الدكتور أيمن الظواهري، فيضربوا عصفورين بحجر، وأبديت استعدادي لعمل كل ما يلزم من نيل التأشيرة وعلى ورقة خارج جواز السفر إن أرادوا، وإحضار مرافق معنا، والسفر بالطائرة إلى كابل لاختصار الوقت وتفادي المتاعب في السفر براً ، وأنني على استعداد للسفر معهم حتى يتم الأمر إن كانوا لا زالوا متخوفين من الناحية الأمنية.
برز تخوف لدى فريق الجزيرة من أن الحكومة الأفغانية لا تعلم بهذه المقابلة وأن سفرنا عبر الطائرة ووجود معدات تصوير لدينا قد يوقعنا في حرج مع الحكومة الأفغانية التي لا تسمح بالتصوير في مناطق سيطرتها، وقد أكدت لفريق الجزيرة أن هذه المسألة يمكن إيجاد حل لها من خلال الاتفاق مع الطرف الثاني على مقابلتنا في مطار كابل، وأن موظفي الحكومة الأفغانية لن يتعرضوا لمعداتنا بشيء إلا إذا قمنا بتصوير ما لا يسمحون به وفي أماكن عامة. أما إن أخذنا معداتنا من المطار إلى الفندق فإنني شخصياً أضمن عدم تعرضها لأي مكروه، وأنا أعرف قيادات طالبان ومسئوليهم ولغتهم ويمكنني التفاهم معهم بما يبقي على ثقتهم بأننا لن نقوم بعمل مخالف لقوانينهم.
لكن الهاجس الأمني لدى فريق الجزيرة وأوضاع أفغانستان وتخلفها وما سمعوه عنها، أو ما دار في خلدهم عن أوضاعها، كل هذا كان العقبة الكأداء التي لم نستطع إيجاد حل لها. وكان فريق الجزيرة يرى في وصوله إلى باكستان لإجراء مقابلة مع الدكتور أيمن الظواهري خدمة كبيرة ولا تعوض من الجزيرة تقدمها للدكتور أيمن الظواهري وجماعته!! لا يمكن لأي جهة في العالم أن تجرؤ على تقديمها مطلقاً! وأن هذا قد يقود إلى محاولات لإغلاق قناة الجزيرة بسبب الضغوط التي قد تتعرض لها من قبل العديد من الدول وفي مقدمتها الحكومة المصرية، وأن على الدكتور أيمن في المقابل أن يستجيب لطلب الجزيرة في القدوم إلى إسلام أباد أو بيشاور أو على الأقل منطقة القبائل الباكستانية، وأن فريق الجزيرة لن يجتاز الحدود إلى أفغانستان حتى لو أعطي أي مكافأة مالية أو كانت الشهرة التي لا تجارى هي نتيجة هذه المقابلة.
عند ذلك كان لا بد من حسم الأمر وإنهاء الجدل واتخاذ قرار في هذه المسألة.
كنت ومن خلال وجودي في بيشاور للدراسة، والعمل الصحفي فيها فيما بعد، تعرفت على كثير من الأشخاص الذين قدموا لمساعدة المجاهدين الأفغان إبان الاحتلال السوفيتي لأفغانستان، وتعرفت أيضا على فكر الجماعات الإسلامية المختلفة وطريقة تفكير أصحابها، وأصبح لدي ما أحسبه خبرة ومعرفة في هذا الشأن.
كانت المسألة الأمنية لأفراد العديد من الجماعات أهم بكثير عندهم من العمل الإعلامي الذي لا ينكرون أهميته وضرورته لنشر وجهة نظرهم وتوضيح موقفهم وما يدعون له وما يتهمون به من قبل الحكومات والجهات المختلفة، ومن خلال ما حدث في باكستان خلال السنوات الأخيرة من حملات ضد العرب، وتسليم بعض الرعايا خاصة المصريين إلى حكومة بلادهم، ازداد الهاجس الأمني لدى أفراد الجماعات الإسلامية، وأصبحوا يتحسسون من القدوم إلى باكستان أو المكوث فيها.
ورغم ما في مقابلة الجزيرة للدكتور أيمن من أهمية إعلامية وإمكانية لطرح فكره ووجهة نظره ودفاعه عما يتهم به شخصياً أو جماعته من أعمال وتوضيح موقفهم منها، إلا أنه كان من المستحيل على شخص مثل الدكتور أيمن أو أي من أفراد الجماعات الإسلامية أو غيرها يمكن أن يواجهوا الظروف المحيطة بالدكتور أيمن الظواهري ومنها طلب الحكومة المصرية له وحكمها عليه بالإعدام غيابياً، لا يمكن لأحد أن يغامر بالقبول بإجراء مقابلة مع أي جهة كانت إن كان ثمن المقابلة حياته أو إمكانية تعرضه للاعتقال وتسليمه للدولة التي تطلب القبض عليه.
اتفقنا على التفكير في المسألة ملياً قبل اتخاذ قرار نهائي فيها وكان من ضمن الأمور التي اتفقنا عليها أن يتصل فريق الجزيرة بالإدارة العليا للقناة في الدوحة، وأن يكرروا الاتصال بالوسيط في أوروبا وأن نبقي خط اتصال مع الناس داخل أفغانستان قبل اتخاذ قرار نهائي في المسألة.
في المساء طلب مني فريق الجزيرة الحضور إلى الفندق الذي كانوا يقيمون فيه للتشاور في المسألة. وكان من ضمن الفريق أحد المصورين الأجانب وقد أبدى رئيس الفريق(مذيع الجزيرة) والمصور الأجنبي عدم الموافقة مطلقاً على السفر إلى أفغانستان حتى لو كان ذلك يقتضي إلغاء المقابلة. وطلبوا رأيي في المسألة ، والمساعدة في البحث عن حل مقنع للطرف الآخر حتى يتقدم خطوة ويعبر الحدود إلى باكستان.
حسم المسألة وفشل المحاولة:
بعد برهة من الوقت قلت لمذيع الجزيرة وفريق التصوير المرافق له: سأقول لكم باختصار خلاصة موقفي من هذه المسألة.
أولاً:أنتم قمتم بالاتصال بشخص في أوروبا لتأمين اللقاء، وإذا أخذنا كل ما سمعته من الطرفين عن مكان اللقاء وما أعرفه عن الدكتور أيمن وظروفه، فلا يمكن مطلقاً في ظني أن يأتي الدكتور أيمن أو أي من المقربين منه خاصة ممن يحملون جواز السفر المصري إلى باكستان بسبب الظروف الأمنية المتعلقة بهم، وإمكانية اعتقال أي منهم في أي مكان وتسليمه مباشرة إلى الحكومة المصرية.
ثانياً:إن قبلتم هذه الحقيقة وأحببتم أن تمضوا في مشروعكم لإجراء المقابلة فهذا لا زال ممكناً، ويمكنني المساعدة في تأمين التأشيرات ووسيلة النقل ومرافقتكم إلى كابل أو أي مكان آخر تريدونه حتى تشعروا بالأمان، ونرجع معاً بعد ذلك ومن إسلام أباد تعودون إلى الدوحة.
ثالثاً وهو الأهم: إن كنتم مصرين على إحضار الدكتور أيمن وأنصاره إلى الأراضي الباكستانية، لإجراء المقابلة سواء في إسلام أباد أو بيشاور أو منطقة القبائل المحاذية للحدود الأفغانية فهذا غير ممكن مطلقاً، ولن يتم، حتى لو جن الطرف الآخر ووافق على القدوم إلى الشريط الحدودي!لأنني سأمنع هذا بكل ما أوتيت من قوة وجهد.
كانت الجملتان الأخيرتان كالقنبلة تفجرت أمام فريق الجزيرة، وممن؟ من مراسل الجزيرة في باكستان الذي يفترضون أن يكون رأيه من رأيهم وموقفه من موقفهم. وقد بادرني أحد أعضاء فريق الجزيرة بسؤال متوقع عن السبب في هذا الموقف.
فقلت له إن ما تخشون منه ويخشاه الدكتور أيمن هو ما دفعني لقول ما قلت.
فلو وافق الدكتور أيمن الظواهري على القدوم للقائكم في باكستان وحدث أن اعتقل، فإن العالم كله سيعرف أنه كان ينوي إجراء مقابلة مع قناة الجزيرة في الأراضي الباكستانية، ولو قيل في التحقيق إن مراسل الجزيرة في باكستان كان آخر من يعلم بمثل هذه المقابلة وترتيباتها، فإن أحدا لن يصدق هذا الكلام. وإن صدقته الأجهزة الأمنية والرسمية، فإن أحدا من الجماعات الإسلامية لن يصدق مثل هذا الكلام، خاصة وأن مذيع الجزيرة وفريق التصوير المرافق معه ليسوا محسوبين على الإسلاميين، كما هو مراسل الجزيرة، ولم يسبق لهم أن كانوا في باكستان لتحديد مكان ملائم للمقابلة، بينما مراسل الجزيرة في إسلام أباد كان له معرفة سابقة بالدكتور أيمن وغيره من أفراد الجماعات الإسلامية الذين قدم بعضهم إلى بيشاور أثناء وجودي بها.وهذا قد يقود إلى اعتقاد أفراد من الجماعات الإسلامية أو ممن يناصرونهم في أي مكان في العالم بأن مراسل الجزيرة في إسلام أباد هو الذي رتب كل هذا الأمر للإيقاع بالدكتور أيمن الظواهري وعدد من مرافقيه بالاتفاق مع أجهزة أمن محلية أو أجنبية، وهو ما يمكن أن يؤدي قطعاً إلى تشويه السمعة والمكانة (وهذا أقل شيء) وهي رأسمال الحر، إضافة إلى أنه قد يؤدي إلى قيام أحد من أنصار الجماعات الإسلامية إلى اتخاذ قرار بحقي ربما يؤدي إلى تصفيتي اعتقاداً منه أنني المسئول عما يمكن أن يحدث لو قدم الدكتور أيمن إلى باكستان، وأنا لا أريد أن أخسر حياتي في مسألة مثل هذه، وأن يعيش أطفالي من بعدي وقد شوهت صورة والدهم أمامهم ولا يستطيعون مواجهة العالم لما قد يقال عن والدهم. لذا فإنني حتى لو وافق الدكتور أيمن أو أنصاره على فكرة القدوم إلى أي جزء من الأراضي الباكستانية فسأمنع هذا بكل ما أوتيت من وسائل حتى لو اقتضى الأمر منعكم من الوصول إلى منطقة القبائل قرب الحدود الأفغانية التي يحتاج الأجنبي إلى تصريح خاص للدخول إليها يبين فيه أسباب زيارته، والمكان الذي يقصده من هذه المنطقة المترامية الأطراف. وأنا أفضل ألا تجرى المقابلة مطلقاً إن كانت هناك إمكانية لتعرض الطرف الأخر للخطر واحتمال أن تلقى المسئولية في هذا الأمر على الجزيرة ومراسلها والفريق الذي أرسلته لهذه المهمة.
تساؤلات حول الأجهزة:
وزد على ذلك ، قلت لهم إنكم تقولون أنكم أحضرتم أجهزة بث مباشر على أن تبث المقابلة من أفغانستان على الهواء مباشرة، وهذا من ناحية أمنية غير مقبول عند الطرف الآخر، لأنه سيكشف مكانه لأجهزة الرصد عبر الأقمار الصناعية ولن يسمح الطرف الآخر لكم باستخدام أجهزة البث هذه من أفغانستان، هذا إن سمح أصلاً باستخدامكم للكاميرات التي أحضرتموها من الدوحة. وأقصى ما يمكن أن يقبل به الطرف الآخر ـ حسب ظني ـ هو القدوم إلى أقرب نقطة داخل أفغانستان للحدود الباكستانية، والسماح لكم بإجراء المقابلة مع الدكتور أيمن بواسطة كاميرات قد تكون بحوزته، وتأمين عودتكم إلى باكستان لنقل المقابلة إلى الجزيرة بالطريقة التي تريدونها فيما بعد. كما أن إحضاركم أجهزة بث مباشر يطرح تساؤلات حول نوايا الجزيرة وما تريده من الطرف الآخر، وإن حدث شيء بعد المقابلة فإن الجزيرة بل ودولة قطر ستتحملان ما لا طاقة لهما به، وقد نكون كلنا ضحية لما قد يحدث من آثار مستقبلية، ولن تسال عنا الجزيرة أو غيرها وقتئذ.
كان هذا آخر ما يرغب فريق الجزيرة سماعه من زميل لهم في باكستان أريد تغييبه عن هذه المقابلة لأسباب أتركها لهم وللقارئ الكريم، وقد جرى نقاش في الليل بيني وبين فريق الجزيرة في مكان إقامتهم، واستقر رأي مذيع الجزيرة وأحد المصورين المرافقين له على العودة إلى الدوحة وإبلاغ إدارة الجزيرة بأن الطرف الثاني أخل بما وعد به، وأنه لا يمكن دفع أي مبلغ للوسيط في أوروبا الذي علمت من فريق الجزيرة أنه كان يطالب بخمسين ألف دولار أبلغهم إنها نفقات سفر وحراسات للدكتور أيمن الظواهري وأنصاره الذين كانوا يتحركون معه من أجل تأمين المقابلة!!!
العودة بخفي حنين:
عاد وفد الجزيرة وعلمت فيما بعد أنهم تحدثوا لمديرها وإدارتها عن إخلال الطرف الثاني وتحميله المسئولية في إفشال المقابلة وعدم القدوم إلى نقطة اللقاء المتفق عليها!!
ورغم أن الجزيرة وفريقها يعلمون يقينا أن الطرف الثاني لم يخل بما كانوا اتفقوا عليه مع الوسيط في أوروبا أو الأشخاص المقيمين في أفغانستان، فإن العادة درجت في كثير من التصرفات على إلقاء المسئولية على الآخر خاصة إن كان الطرف الآخر لا يملك لظروف خاصة نفي هذه المسئولية أو توضيح موقفه لأصحاب الشأن ومن له علاقة، وأن نتنصل من أي مسئولية حيال أي أمر!!!
لم نطلب أموالاً من أحد !!
علمت فيما بعد حين تمكنت من إجراء مقابلة مع الدكتور أيمن الظواهري في 23 كانون الأول 1998م أنه لم يطلب مطلقا أي مبلغ له أو لمرافقيه للتنقل من الدولة التي كانوا فيها إلى أفغانستان، وأنه لا علم له إن كان الوسيط في أوروبا قد طلب هذا المبلغ باسمهم وأن كل ما كان يهم الدكتور أيمن في هذا الشأن أن يتحدث في المقابلة مع الجزيرة بوجهة نظره ويوضح موقفه وموقف (التيار الإسلامي المقاتل) من الحكومة المصرية وما يحدث من مواجهات مسلحة بين بعض الشبان وأجهزة الأمن المصرية أحياناً. وكانت الجزيرة وحرصا على تأمين مقابلة في ذلك الوقت مع الدكتور أيمن الظواهري على استعداد لدفع مبالغ أكثر من هذا ليس لوسطاء خارج أفغانستان ولكن لبعض الناس في أفغانستان ممن هم مقربون من الدكتور وذلك فقط لإغاظة الحكومة المصرية، أو ربما للوصول إلى الدكتور لأمور أخرى !!!
توقيت المقابلة:
الوقت الذي حاولت الجزيرة فيه مقابلة الدكتور الظواهري كان نهاية كانون الثاني من عام 1998 ، وكانت العلاقات القطرية المصرية تشهد توتراً لم تعهده من قبل ، وقد تبادلت الدولتان الاتهامات حول عدد من المسائل ، منها المحاولة الانقلابية ضد الشيخ حمد بن خليفة أمير قطر والتي قيل إن عدداً من الضباط المصريين العاملين في الجيش والأجهزة الأمنية القطرية كانوا على علاقة بها، وأن الحكومة المصرية كانت تدعم الحاكم السابق لقطر الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني والد الحاكم الحالي الذي أطاح به ابنه صيف عام 1995.
وإجراء مقابلة مصورة وعلى قناة الجزيرة مع الدكتور أيمن الظواهري سيكون بالنسبة للحكومة المصرية أشد تأثيراً وأكثر إيلاماً من أي حملة إعلامية تشنها وسائل الإعلام في دولة قطر . كما أن بث المقابلة عبر الجزيرة يعطي الحكومة القطرية فرصة للقول بأنه ليس لها شأن في هذا الأمر، لأنها كانت ولا زالت تصر على القول إنه لا علاقة لها بسياسة الجزيرة أو خطها الذي تنتهجه! وأن قناة الجزيرة أحرجت الحكومة القطرية وعلاقاتها مع العديد من الدول الشقيقة والصديقة ( حسب تصريحات وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني في أكثر من مناسبة) .
جمال عبداللطيف إسماعيل
التسميات
جزيرة