بدا رئيس اللجنة المشرفة على انتخابات مجلس الشورى المستشار انتصار نسيم، كما لو كان من القلائل في جمهورية مصر العربية الذين لا يملكون 'دشا'.. بكسر الدال، لان ضمها سيغير المعنى تماما، وإذا كان 'الدش' بالكسر يعني طبقا لاقطا للفضائيات، فانه بالضم يعني هذا الجهاز المستخدم في صب الماء، فتقول أخذت 'دُشا'، فيقال لك: 'حمام الهنا'.. أو الهناء حتى لا يغضب أساتذة اللغة العربية.
الفضائيات غابت عن المؤتمر الصحافي الذي عقده المستشار ابتسام نسيم، ليعلن نتائج الإعادة في انتخابات التجديد النصفي لما يسمى بمجلس الشورى، وحضر التلفزيون المصري، وقيل ان إحجام مندوبي الفضائيات عن الحضور مرده الى انه لم توجه لهم دعوة من سعادة المستشار، الذي اكتفى بدعوة التلفزيون المصري، فبات عندي من القلائل الذين يهتمون بحضور هذا التلفزيون، الذي لم يعد هناك احد يشاهده، ويمكن استخدامه في كتم الأسرار، لان أحدا لم يعد يشاهده، إلا قلة قليلة من كبار السن، الذين لم يصلهم بعد نبأ الأطباق اللاقطة، والذين لا يستطيعون ضربا في الأرض.
مراسلو الفضائيات قالوا ان أحدا لم يوجه لهم الدعوة بالحضور، وفي تقديري أنهم تعاملوا مع ذلك على طريقة 'بركة يا جامع'، فلا جديد تحت الشمس، وفي الجولة الأولى وقفت الفضائيات على مساخر من العيار الثقيل، تمثلت في منع المصورين من القيام بمهام عملهم، ربما سترا للعورات التي تبدت في هذا اليوم، عندما جرى التزوير الفاضح، والذي لم يعرفه العالم في أي مرحلة من مراحل تطور البشرية، ومنذ عصر الإنسان الحجري، وقد شاهدنا كيف قامت السلطة بالتزوير لأربعة من المعارضين الرسميين، ليحصل الواحد منهم على عدد من الأصوات لم يحصل عليها الرئيس مبارك نفسه من هذه الدوائر، على الرغم من العزوف الجماهيري.
بعد ان تم إلغاء الإشراف القضائي، وما عرف بنظام قاض لكل صندوق، تم اختراع اللجنة القضائية المشرفة، والتي ينبثق منها فرع في كل محافظة، وفي غيبة القضاة حصل المرشحون على أصوات تتجاوز المئتي ألف صوت.. وزير الأوقاف ربما وبحكم موقعه الديني، استدعى الطير الأبابيل لتصوت له، فحصل على 285 ألف صوت.
ومع هذا فان رئيس اللجنة المشرفة، وهو رئيس محكمة استئناف القاهرة، كان يؤكد على نزاهة العملية الانتخابية، علما بأن الإشراف الحقيقي عليها كان لوزارة الداخلية، ودور لجنته هو للاستهلاك الدولي.. أهل الحكم ليسوا معنيين بالاستهلاك المحلي، لأنهم تصرفوا في هذه الانتخابات كما لو كان هذا الزحام لا احد، وكما لو كان الشعب المصري مات.
هذه انتخابات لم تنل حظها من التجريس الفضائي، لأنها كانت في اليوم التالي للاعتداء الإسرائيلي على أسطول الحرية، وانشغال العالم بهذا العمل الجبان.
في الإعادة تراوحت الأصوات التي حصل عليها الذين نجحوا ما بين 10 الاف الى 50 الف صوت.. فالتزوير فيها كان وفق المعدل المتعارف عليه تاريخيا، وربما خشيت اللجنة المشرفة من ان يقوم مراسلو الفضائيات بالمقارنة بما جرى في الجولة الأولى وفي جولة الإعادة، فاكتفت بدعوة التلفزيون الرسمي، وربما كان رئيس اللجنة لديه 'دش'، ولكنه يعرف ان تلفزيون الريادة الإعلامية هو 'ستر وغطاء'، لانصراف المشاهد عنه، فتقررت دعوة كاميراته لاستكمال الشكل، وعلى أساس ان الله حليم ستر، فلم يرد القوم أن يعلنوا معصية التزوير على الملأ، باعتبار ان الله يغفر للجميع إلا المجاهرين.
عموما لن نطيل في الحديث عن التلفزيون الرسمي، إعمالا للنصيحة الخالدة: ارحموا عزيز قوم ذل!
عبد اللطيف لا ينافس 'لطيف' رئيس قطاع الأخبار بتلفزيون الريادة الإعلامية خالد الذكر عبد اللطيف المناوي، او 'عب لاتيف مناوي'، حسب النطق الاستشراقي للإعلامية سلمى الشماع.. شاهدت المذكورة طفلا، فشابا، وبائسا، ويائسا (نسبة لسن اليأس) وأوشكت ان أحال على التقاعد، ومع هذا لا تزال كما هي لم تتعلم العربية، وتتعامل مع حروفها كما الخواجات!
عبد اللطيف له من اسمه نصيب، لذا فهو 'لطيف'، وثبت زيادة رقعة 'اللطف' المكونة لكرات الدم البيضاء لديه، عندما قال ان مهمته ليست منافسة 'الجزيرة' أو 'العربية'.. يبدو انه قرر ان ينافس تلفزيون بوركينا فاسو، مع أني لست متيقنا من ان الشعب البوركيني الشقيق عنده تلفزيون!
المذكور، الذي هو عبد اللطيف المناوي، تم جلبه من خارج مبنى التلفزيون، بعد العجز عن المنافسة، وبعد ان أصبح تلفزيون مصر كهذا الذي ان تحمل عنه يلهث وان تتركه يلهث.
ضربوا باللوائح والروتين عرض الحائط وطوله، وأوقفوا سياسة التدرج الوظيفي، واستوردوا لقطاع الأخبار بالتلفزيون رئيسا من الخارج، ومن الصحافة المكتوبة، وكان الهدف هو المنافسة، ومنحت له صلاحيات كاملة في أن يتصرف في القطاع تصرف المالك فيما يملك، يُقصي ويبعد، ويجتبي ويختار، وتم منحه إمكانيات مالية لم تمنح لأحد من قبل، والهدف ان ينتشل التلفزيون من الضياع، وينافس 'الجزيرة' و'العربية' وغيرها.. ثم بعد هذا نكتشف ان سيادته لم يأت لكي ينافس، وإنما ليراوح مكانه.
لقد ناضل رؤساء قطاع الأخبار السابقين، من اجل الاستحواذ على قناة 'النيل' للأخبار، او قناة مصر الإخبارية (حسب اسمها الجديد) وضم القناة لقطاع الأخبار، فلم يتم تمكينهم من هذا، وتحقق المراد لعبد اللطيف المناوي، ربما ليمنحوه الفرصة ليؤكد قدرته الخارقة على الفشل.
قالوا ان الهدف هو تطوير القناة لتنافس 'الجزيرة'، وبعد ان تحقق لصاحبنا ما أراد وتم الجمع بين الضرائر: القناة والقطاع، قالوا ان المنافسة منوطة بقناة جديدة يتم التخطيط لها بليل، ومن المقرر ان يعمل بها عمرو عبد الحميد، ومنى سلمان، وحافظ المرازي، ويسري فوده، وربما حسين عبد الغني.
عندما تم افتتاح (أستوديو 11)، والذي تم إنفاق الملايين عليه من دم الشعب المصري (لم يعلنوا كم تكلف هذا الأستوديو) فان عبد اللطيف المناوي بشحمه ولحمه هو من صرح، وكان في حالة نشوة فتاكة، بأن هذا الأستوديو قادر على منافسة اقوى الفضائيات العربية، وخص بالذكر 'الجزيرة' و'العربية'!
تصريحات لحظة النشوة، لا ينبغي ان يحاسب عليها أصحابها، فالمنافسة لا تكون فقط بالاستوديوهات الحديثة. لكن وبعيدا عن هذه اللحظة، فأظن ان ما ينفق على التلفزيون الرسمي ليس من 'زكاة مال' رجل الحديد والتقوى احمد عز أمين التنظيم بالحزب الحاكم، ولا من المصروف الشخصي لوزير الإعلام انس الفقي، ولكنه من دافعي الضرائب، ومن بينهم العبد لله.. الفقراء في بلدي هم من يدفعون الضرائب، أما الأغنياء فلديهم طرقهم للتهرب منها.
وبعيدا عن لحظة النشوة فاعتقد ان الهدف من هذا الإنفاق المهول هو المنافسة، إلا إذا كان عبد اللطيف المناوي له رأي آخر، ويعتقد مثلا انه تم تكريمه بالمنصب باعتبار ان هذه 'مكافأة نهاية الخدمة'.. إذن لا تثريب عليه ان قعد مع القاعدين.
استقالات 'الجزيرة' أكتب مشيدا بجمانة نمور، فتهتف ضدي القبائل: ويحك. واكتب مطالبا بقبول استقالتها، فتهتف ضدي القبائل: ويحك.. أقول إنها جميلة، فيقولون: ويحك. وأقول ليست جميلة فيعلقون: ويحك، وبشكل يجعلني في حيرة من أمري.
بداية الكتابة عنها كانت عندما ظهرت بملابس 'فوق الركبة' في برنامج 'ما وراء الخبر'، فثار ضدي الثائرون بحجة انني أتغزل فيها، وبعض النساء وبدافع الغيرة النسائية المتوارثة أرسلن لي يعتبن على فساد ذوقي، فقد رأينها رأي العين، وهي نحيفة وقصيرة، وعلى عكس شكلها على الشاشة، وكأني أريدها طويلة، وسمينة، لأني احتاج لها لفض الاشتباك بين عائلات الصعيد المتناحرة.
سكت فقالوا لماذا توقفت عن الكتابة عن الجميلة 'جمانة نمور'، وكتبت فقيل لي 'ثكلتك أمك'، وعلمت بخبر استقالتها هي وأربع أخريات 'لونة، ولينا، وجلنار'.. ورابعة تبدو انها جديدة، ولم اعلق، فعلق المعلقون لقد انتظرنا رأيك، وكتبت رأيي فألبت علي،بما كتبت، ثوار المنطقة.. احدهم كتب ان رأيي في موضوع الحشمة متخلف، وآخر قال انه نسي اني صعيدي، وثالث قال ان سبب الاستقالة مرده للرسالة الإعلامية وان الإدارة تعلن موضوع الحشمة للمداراة على الموضوع الرئيسي.
بعض الصحف المصرية الحكومية قالت ان الاعتراض من قبل المذيعات على ان القناة باتت تابعة لتنظيم القاعدة، باعتبار ان مديرها العام إخواني.. مع ان تنظيم القاعدة ضد الإخوان، وللرجل الثاني ايمن الظواهري كتاب غير منشور عنوانه 'الإخوان المسلمون . الحصاد المر' قال فيهم ما قال مالك في الخمر. ولا اعرف ماذا قال مالك على وجه التحديد؟ لكن يبدو انه كان شديد المراس على العكس من الإمام أبو حنيفة.. واعلم على اية حال ماذا قال.
تضاربت الآراء حول أسباب الاستقالة، والمذيعات الخمس لم يعلن أسباب ذلك، ومن تصرح منهن تطلب عدم ذكر اسمها على النحو الذي جاء في خبر وكالة الصحافة الفرنسية، وعلى لسان واحدة منهن والتي أرجعت سبب الاستقالة الى تراكمات خمس او ست سنوات وبسبب سياسة لا تحترم القواعد المهنية، مشيرة الى ' مزاجية بعض المسؤولين'.. وأضافت ان بعض المسؤولين في القناة يوجهون لنا انتقادات خارجة عن حدود اللياقة وخارج الإطار المهني والأخلاقي.. ' نحن مذيعات الجزيرة محتشمات ويراد منا ان نكون أكثر احتشاما'.. وهذا يمس كرامتنا. سلامة كرامتكن من المس، قبل أسابيع مس كاتب كويتي ذات الأمير فدخل السجن.
المذيعات قلن ان الاستقالة لا رجعة فيها، وأظن أنها 'للتهويش'.. ، وقد اقبل التضحية بهن إلا واحدة هي 'لينا زهر الدين' .. ومنعا للقيل والقال، فلأنها تكتب أحيانا لـ 'القدس العربي'، فالانحياز لها يأتي في إطار التزامي بسياسة حسن الجوار ليس إلا، مع ان هناك مبررات أخرى يأتي على رأسها انها مذيعة جميلة، ورقيقة، ومثقفة. بحسب قانون العقوبات المصري فان وصف امرأة بالجميلة يدخل في باب التحرش وعقوبته السجن والغرامة، لكني اعتصم بالقانون الدولي، وشارون سبق له ان تغزل في سيقان كونداليزا رايس ولم ير احد في ذلك خروجا عن القانون، وان كان بعد شهادته الزور في حق سيقان المذكورة راح في غيبوبة جزاء وفاقا.
سليم عزوز
التسميات
جزيرة