الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين وبعد:
فإن من نعم الله على عباده اللباس الذي يستر عوراتهم ويتجملون به في حياتهم قال الله تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشًا} [الأعراف: 26].
والريش ما يتجمل به، فيجب شكر الله على هذه الملابس، ومن ذلك أن يقول من لبس ثوباً جديداً ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم ومنه: " اللهم لك الحمد أنت كسوتنيه أسألك خيره وخير ما صنع له وأعوذ بك من شره و شر مما صنع له " رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن.
كما يجب الاقتصاد في الملابس وعدم الإسراف في شرائها أو تفصيلها بالأثمان الباهظة، لأن ذلك يعتبر تبذيرا وإسرافاً والله لا يحب المسرفين، وأخبر أن المبذرين إخوان الشياطين أي أشباههم في السرف والتبذير، وسوف يسأل الإنسان عن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، فليعد لهذا السؤال جواباً صحيحاً عن طريق محاسبته لنفسه في اكتساب هذا المال وإنفاقه وهل هو موافق للشرع أو مخالف له.
وقد مدح الله المقتصدين في إنفاقهم وأثنى عليهم بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} [الفرقان: 67].
كما أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى الاقتصاد في الأكل والشرب واللباس بقوله:" كل واشرب والبس وتصدق في غير إسراف ولا مخيلة " [رواه أحمد وأبو داود والنساني وصححه الحاكم].
وهو جامع لفضائل تدبير الإنسان لنفسه، وفيه دليل على تحريم الإسراف والكبر. ومن جملة ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم من المعجزات وحذر منه لبس الثياب القصيرة والضيقة والشفافة بالنسبة للنساء، مجاراة لأعداء الإسلام ومشابهة لهم وسبباً للفتنة والفساد من أهل الإجرام والعقول الضيقة وضعفاء الإيمان، والمرأة عورة وفتنة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء " رواه البخاري ومسلم.
ولقد شاع عند بعض الناس وهان عليهم أن يلبسوا بناتهم لباساً قصيراً لا يستر الساقين أو لباساً ضيقاً يبين مقاطع الجسم أو لباساً خفيفاً يصف الجسم، وإن الذي يلبسن بناته مثل هذه الألبسة أو يقرهن عليه فإنما يلبسهن لباس أهل النار كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: "صنفان من أهل النار لم أرهما بعد: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون الناس ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا" رواه مسلم.
فكيف يرضى المسلم أن تكون ابتنه أو أخته أو زوجته أو أمه من أهل النار؟ كيف يرضى أن يلبسها لباساً تتعرى به من الحياء مع أن الحياء من الإيمان؟
وكثير من بناتنا ونسائنا اليوم يقلدن نساء الأجانب من اليهود والنصارى والمشركين في مثل هذه الألبسة القصيرة والضيقة والشفافة وفي قص الشعور وفرقها من جانب الرأس وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : "من تشبه بقوم فهو منهم" رواه أحمد وأبو داود والطبراني وإسناده حسن.
فدل هذا الحديث مع الحديث المتقدم على تحريم الثياب الضيقة التي تبين مقاطع الجسم وحجم أعضاء المرأة ومحاسنها وعلى تحريم اللباس الذي يصف لون البشرة من بياض أو حمرة أو سواد، وعلى تحريم التشبه بغير المسلمين من اليهود والنصارى والمشركين والملحدين، وأن هذه الثياب محرمة سواء كانت في البيت أو خارجه لاطلاق الأحاديث في ذلك، ودلت أيضاً على الوعيد الشديد في ذلك وأن الواجب على المرأة المسلمة تقوى الله سبحانه وأن لا تعرض نفسها وبناتها للفتنة بها وانتهاك عرضها وشرفها في الدنيا والعذاب في الآخرة فإنها لا تطيقه ولا تتحمله، وأن على المسؤولين منع المدرسات والطالبات من هذه الألبسة الدخيلة على الإسلام والمسلمين المختلفة الأسماء والمتفقة في معارضة الأحاديث الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يجوز التساهل في ذلك مع البنات الصغار لأن تربيتهن عليه يفضي إلى اعتيادهن له في الكبر وكراهتهن لسواه فيقع بذلك الفساد والمحذور والفتنة المخوفة التي وقع فيها الكبيرات من الفساد هداهن الله وستر عليهن وأخذ بنواصيهن إلى الحق.
التسميات
واقع الشباب