بحث الرجل والمرأة عن شريك حياتهما بشرط الصلاح والدين وحسن الخلق

على كلا العروسين أن يبحثا عن شريك لحياتهما، وهو من الأولى والأفضل أن يبحث الرجل عن زوج صالح ويكون على خلق ودين لابنته أو أخته كما فعل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب  حين عرض ابنته حفصة على أبي بكر وعثمان رضي الله عنهما، وهذا هو الأصل.

قال تعالى: (وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ). سورة البقرة آية(221).
وقوله تعالى: (وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ ).سورة النور آية(26).

وبالنسبة إلى المرأة إذا جاءها رجل وكان على خلق ودين أن توافق عليه، وكذلك على ولي أمرها أن يوافق عليه، وهذا ما أوصى به رسول الله (ص) بل وحذر كل من لا يفعل ذلك بانتشار الفتنة والفساد في الأرض.

فعن أبي هريرة، وعن ابن عمر: "إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه إن لا تفعلوا تكن فتنة في الأرض و فساد عريض".‌
صحيح الجامع حديث رقم(270).‌
قوله: "إن لا تفعلوا" ما أمرتم به وفي رواية تفعلوه.
وعن أبي هريرة (ض)، أن النبي (ص) قال: "تنكح المرأة لأربع لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك"([1]).

قال النووي رحمه الله: "الصحيح في معنى هذا الحديث أن النبي e أخبر بما يفعله الناس في العادة، فإنهم يقصدون هذه الخصال الأربع، وآخرها عندهم ذات الدين، فاظفر أنت أيها المسترشد بذات الدين. أ.هـ.

وقوله: "تربت يداك" كلمة معناها الحث والتحريض، وقيل: هي هنا دعاءٌ عليه بالفقر، وقيل: بكثرة المال واللفظ مشترك بينهما، قابل لكل منهما، والآخر هنا أظهر. ومعناه: اظفر بذات الدين لا تلتفت إلا المال، وأكثر الله مالك،والله تعالى أعلم.

وكان (ص) يحرِّض أمته على نكاح الأبكار الحسان وذوات الدين ففي سنن النسائي عن أبى هريرة (ض) قال: قيل يا رسول الله أي النساء خير؟ قال: "الَّتِي تَسُرُّهُ إِذَا نَظَرَ وَتُطِيعُهُ إِذَا أَمَرَ وَلَا تُخَالِفُهُ فِي نَفْسِهَا وَمَالِهَا بِمَا يَكْرَهُ".([2])

قال المناوي: ومن فاز بهذه فقد وقع على أعظم متاع الدنيا وعنها قال في التنـزيل: {قانتات حافظات للغيب} قال داود عليه السلام: مثل المرأة الصالحة لبعلها كالملك المتوج بالتاج المخوص بالذهب كلما رآها قرت بها عيناه ومثل المرأة السوء لبعلها كالحمل الثقيل على الشيخ الكبير ومن حفظها لغيبته أن لا تفشو سره فإن سر الزوج قلما سلم من حكاية ما يقع له لزوجته لأنها قعيدته وخليلته.اهـ. فيض القدير (3/482).

وقال (ص):"عَلَيْكُمْ بِالْأَبْكَارِ فَإِنَّهُنَّ أَعْذَبُ أَفْوَاهًا وَأَنْتَقُ أَرْحَامًا وَأَرْضَى بِالْيَسِيرِ"([3]) ولما تزوج جابر (ض) ثيباً قال له: "أَلَا تَزَوَّجْتَهَا بِكْرًا تُلَاعِبُكَ وَتُلَاعِبُهَا وَتُضَاحِكُكَ وَتُضَاحِكُهَا".([4])

قال النووي: - من فوائد الحديث - وفيه فضيلة تزوج الأبكار وثوابهن أفضل، وفيه ملاعبة الرجل امرأته وملاطفته لها ومضاحكتها وحسن العشرة، وفيه سؤال الإمام والكبير أصحابه عن أمورهم وتفقد أحوالهم وإرشادهم إلى مصالحهم وتنبيههم على وجه المصلحة فيها. شرح النووي على مسلم (10/52).

وكان (ص) يحث على نكاح المرأة الولود ويرغب فيه، ففي سنن أبى داود عن معقل بن يسار: "جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (ص) فَقَالَ إِنِّي أَصَبْتُ امْرَأَةً ذَاتَ حَسَبٍ وَمَنْصِبٍ إِلَّا أَنَّهَا لَا تَلِدُ أَفَأَتَزَوَّجُهَا؟ فَنَهَاهُ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ فَنَهَاهُ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّالِثَةَ فَنَهَاهُ،  فَقَالَ: تَزَوَّجُوا الْوَلُودَ الْوَدُودَ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ".([5])

وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان يقول: إني لأتزوج المرأة وما لي فيها من حاجة وأطؤها وما أشتهيها، فقيل له: وما يحملك على ذلك يا أمير المؤمنين؟ قال: حبي أن يخرج الله مني من يكاثر به النبي صلى الله عليه وسلم النبيين يوم القيامة، وإني سمعته يقول: "عليكم بالأبكار فإنهن أعذب أفواها وأحسن أخلاقا وأنتق أرحاما وإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة"، يعني بقوله: "أنتق أرحاما" أقبل للولد، ويقال للمرأة الكثيرة الولد ناتق لأنها ترمي بالأولاد رميا. تفسير القرطبي (9/277).
وقال ص: "تَخَيَّرُوا لِنُطَفِكُمْ وَانْكِحُوا الْأَكْفَاءَ وَأَنْكِحُوا إِلَيْهِمْ".([6]).

([1]) رواه البخاري في كتاب النكاح برقم (5090)، ومسلم في كتاب الرضاع برقم (3620).
([2]) صحيح الجامع حديث رقم (3298)، إرواء الغليل، السلسلة الصحيحة رقم (1838)، مشكاة المصابيح رقم (3272).‌
([3]) صحيح الجامع حديث رقم (1508)، السلسلة الصحيحة رقم (623).‌
([4]) صحيح مسلم رقم (715)، باب استحباب نكاح البكر.
([5]) صحيح الجامع حديث رقم (2940)، إرواء الغليل (6/159)، السلسلة الصحيحة رقم (2383)، مشكاة المصابيح رقم (12)، آداب الزفاف (1/16).‌
([6]) صحيح الجامع رقم (2928)، السلسلة الصحيحة رقم (1067)، صحيح سنن ابن ماجة(1602).‌
ماجد إسلام البنكاني
أحدث أقدم

نموذج الاتصال