الزواج وفوائده.. الطريق السليم للتناسل وعمران الأرض بالذرية الصالحة. سكن للنفس ومتاع الحياة وطمأنينة للقلب وإحصان للجوارح

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين، وبعد:
فقد شرع الله الزواج لحكم سامية وغايات نبيلة وفوائد جليلة وأمر بتيسير أسبابه، لأنه هو الطريق السليم للتناسل وعمران الأرض بالذرية الصالحة قال الله تعالى: ]فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ[ [النساء: 3].
وقال تعالى: ]وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ[ [الروم: 21].
وقال تعالى: ]وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ[ [النور: 32].
قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: (أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح ينجز لكم ما وعدكم من الغنى) والأيامى جمع أيم، وهو: من لا زوج له من الرجال والنساء.
وقال عليه الصلاة والسلام «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء»([1]) والباءة : مئونة الزواج، والوجاء: الحد من الشهوة، وقال عليه الصلاة والسلام منكرا على من رغب عن الزواج وغيره من المباحات: «لكني أصوم وأفطر وأصلي وأنام وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني»، وقال -ض- «الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة»([2]).
وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله r قال: «من رزقه الله امرأة صالحة فقد أعانه على شطر دينه فليتق الله في الشطر الباقي»([3]).
وفي رواية قال رسول الله -ص- «إذا تزوج العبد فقد استكمل نصف الدين فليتق الله في النصف الباقي»([4]).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله r «ثلاثة حق على الله عونهم: المجاهد في سبيل الله، والمكاتب يريد الأداء والناكح يريد العفاف».([5]).
قال ابن كثير: والمعهود من كرم الله تعالى ولطفه أن يرزقه ما فيه كفاية لها، وله، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله r قال: «تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك»([6]).
وعن سعيد بن جبير قال: قال لي ابن عباس: هل تزوجت؟ قلت لا، قال: «تزوج فإن خير هذه الأمة أكثرها نساء»([7]).
وقال عليه الصلاة والسلام: «أربع من أعطيهن فقد أعطي خير الدنيا والآخرة قلبا شاكرا ولسانا ذاكرا وبدنا على البلاء صابرا وزوجة لا تبغيه حوبا في نفسها وماله»([8]).
وقال ابن مسعود: «لو لم يبق من أجلي إلا عشرة أيام وأعلم أني أموت في آخرها يوما ولي طول النكاح فيهن لتزوجت مخافة الفتنة، وقال الإمام أحمد: ليست العزوبة من أمر الإسلام في شيء ومن دعاك إلى غير التزوج فقد دعاك إلى غير الإسلام ولو تزوج بشر كان قد تم أمره».
وقال في الاختيارات لشيخ الإسلام ابن تيمية: والإعراض عن الأهل والأولاد ليس مما يحبه الله ورسوله ولا هو دين الأنبياء قال الله تعالى: ]وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً[ [الرعد: 38].
([1]) رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
([2]) متفق عليه.
([3]) رواه مسلم.
([4]) رواه الطبراني في الأوسط والحاكم وقال صحيح الإسناد والبيهقي.
([5]) رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح، وابن حبان في صحيحه والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم.
([6]) رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
([7]) رواه أحمد والبخاري.
([8]) رواه الطبراني بإسناد جيد، والحوب الإثم.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال