الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد رسول الله، وبعد:
فقد كثر الكلام حول تعدد الزوجات في الإسلام فمن طاعن في الإسلام مشكك فيه حاقد على الدين وأهله، إلى إنسان متأثر بالأعداء يقوم بتأويل القرآن ويلوي عنق الآيات والأحاديث لتأتي على مذهبه وهواه، وليس العجب من هذين الصنفين لأن هذه حرفة الأعداء.. قال تعالى: (وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً) [النساء: 89].
ولكن العجب ممن يتأثر بهم من أهل العلم والدين ويقوم بتأويل القرآن ويريد أن يخضعه لرأي الأعداء حتى يسلم من قدحهم.
وهل يضرنا أو يضر ديننا قدحهم كما قيل:
وهل يضر السحب يوما وقد علت
نباح الكـلاب فتـبا لشـاغب
والمسلم ولله الحمد متمسك بعقيدته ولا يشك في دينه وهو يسمع كلام ربه وحديث نبيه محمد (ص) يقول الله تعالى: (فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ) [النساء: 3] وأمر النبي r من أسلم وتحته نساء كثيرات أن يختار من نسائه أربعا ويطلق البواقي كما أمر غيلان وغيره([1]).
وهذا التشريع بإباحة أكثر من واحدة من محاسن الإسلام، والإسلام كله محاسن وهو الموافق للمصالح العامة والخاصة، فقد يصير النساء في حاجة إلى من يعولهن ويقوم بحوائجهن والنفقة عليهن، ويعرض للنساء أيضا الحيض والنفاس بالولادة فيخشى على الرجل من الفتنة والوقوع في الفاحشة فأباح الشرع للرجل تعدد الزوجات لهذه المصالح العظيمة، ولكن المغرض يعمى عنها والجاهل لا يعلم ذلك.
وقد يقع الاضطرار من النساء للرجال إما لقلة الرجال حيث تعتريهم الحروب، أو لكثرة النساء لما الله في ذلك من الحكمة كما جاء في الحديث عن النبي ص أنه قال: «في آخر الزمان يكون لخمسين امرأة القيم الواحد»([2]) أو لعجز النساء وضعفهن كما أشار ربنا إلى ذلك بقوله: ]الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ[ [النساء: 34] ]وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ[ [البقرة: 228].
والإسلام جاء بالرحمة والعطف على الضعيف كالمرأة واليتيم، بخلاف ما عليه الجاهلية من ظلم المرأة وحرمانها من الميراث وعضلها عن الزواج ودفن البنات وهن على قيد الحياة بعضهم يفعلون ذلك خوفا من الفقر وبعضهم يفعلونه للبنات خاصة خوفا من العار، وجاء الإسلام فنهى عن الظلم والعدوان وأخبر أن رزق الجميع على الله كما قال تعالى: ]وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا[ [الإسراء: 31] فرزق الجميع على الله الحي القيوم، ولكن الرجال مطلوب منهم العمل والقيام والنفقة على من تحت أيديهم، لكن إذا خاف الرجل من قلة العدل بين الزوجات فيقتصر على واحدة كما قال تعالى: ]فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً[ [النساء: 3] وفي شرع من قبلنا كان التعدد موجودا..
كان سليمان عليه السلام يقول: (لأطوفن الليلة على تسعين امرأة كل امرأة تلد غلاما يقاتل في سبيل الله)([3]).
وهذا من رحمة الله بعباده أن شرع التعدد وكان من خصائص نبينا محمد ص أن أبيح له أكثر من أربع لقصد صلات إسلامية ودولية.
ولا ينكر التعدد إلا معاند أو حاقد يريد تقليل نسل المسلمين أو يريد أن يقعوا في الزنا كما صار في بلاد غيرهم، نسأل الله لنا ولهم العافية في الدنيا والآخرة، والله إنهم ليعلمون مصالح تعدد الزوجات، ولكن يتعامون عنها ليقدحوا في الدين أو ليوقعوا الفواحش بين المسلمين والله أحكم وأعلم حيث شرع للعباد ما ينفعهم ومنعهم مما يضرهم كالزنا والفواحش والظلم والعدوان.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
([1]) رواه أحمد والترمذي وصححه ابن حبان والحاكم.
([2]) رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
([3]) رواه البخاري ومسلم.
التسميات
قانون