الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا وإمامنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .. أما بعد.
فقد وضع الإسلام الحدود الفاضلة بين حق الزوج وحق الزوجة وسنرى كيف جعلها الإسلام حقوقا يحتمها الحب والوفاء.
وسنذكر طرفا من حقوق الزوج على زوجته، وحقوق الزوجة على زوجها.
ولنبدأ بحقوق الزوج على زوجته وهي:
1- طاعة الزوجة له بالمعروف:
وهي طاعة تحتمها المصلحة المعنوية المشتركة بين كل شريكين، إنها ليست طاعة العبد لسيده، ولا الذليل لمستعبده، إنما هي طاعة الأخ الصغير للأخ الكبير، هذه هي الطاعة التي يطلبها الإسلام من الزوجة لزوجها وهي القوامة التي أشار إليها القرآن بقوله: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ) [النساء: 34].
2- أن ترعى شعوره فتبتعد عما يؤذيه:
من قول أو فعل أو خلق، وأن تراعي ظروفه المالية ومكانته الاجتماعية فلا تضيق ذرعا بعمله خارج البيت ما دام عملا شريفا يتكسب منه، ولا تجبره على شراء شيء لا يستطيع أن يقدمه لها إلا أن يسرق أو يستدين، ولقد كان من عادة نساء السلف الصالح رضوان الله عليهم أن تقول الزوجة أو البنت للرجل حين يخرج من البيت اتق الله وإياك وكسب الحرام، فإنا نصبر على الجوع والضر، ولا نصبر على النار.
3- أن توفر الزوجة له سكن النفس واطمئنانه في البيت:
بنظافة جسمها ونظافة بيتها وأن تتزين له حين يقدم بما يقربها إليه ويزد حبه لها وشوقه إليها هكذا تكون المرأة الناجحة في امتلاك قلب زوجها، لا كتلك التي تستقبل زوجها بثياب المطبخ شعثة الشعر، رثة الهيئة، ثم لا تتزين إلا حين تخرج من البيت أو تستعد لزيارة أحد.
4- أن لا تخرج من بيته بغير إذنه:
أن لا تبدي زينتها للأجانب، ومن وصايا رسول الله (ص) أن لا تخرج الزوجة من بيته إلا بإذنه، فإن فعلت، أي خرجت بغير إذن زوجها، لعنتها الملائكة حتى ترجع([1]).
5- أن تترك له زوجته وقتا يفرغ فيه لنفسه ولفكره:
فإن كان عابدًا تركت له وقتا تطمئن فيه نفسه إلى عبادة الله بخضوع وحضور قلب، وإن كان عالما تركت له وقتا يقرأ فيه أو يكتب أو يؤلف أو يفكر، إن اللذة التي يجدها العابد في خلوته، والعالم في قراءته، والأديب في هدائته، لا تعدلها لذة في الحياة وقد لا تشعر الزوجة بهذه اللذة فلا تفهم لها معنى، وقد تأولها على معنى الكره والبعد عنها، وهي في ذلك متجنية على نفسها وعلى زوجها.
وأما حقوق الزوجة على زوجها فهي:
1- أن ينظر إليها على أنها سكن تركن إليها نفسه:
وتكمل في جوارها طمأنينته وترتبط بالحياة الكريمة معها سعادته، وأشير في القرآن الكريم إلى هذه المعاني: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الروم: 21].
2- أن ينفق عليها بالمعروف:
وهو في حدود المسكن الصالح الذي تصان فيه حرمة الزوجة، واللباس الصالح الذي يصونها من الابتذال، والطعام الصالح الذي يغذي الجسم، وهو على قدر الاستطاعة المالية (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا) [البقرة: 286] ويأثم الزوج بما ينقصها في المسكن ونحوه وحسبه قول الرسول (ص) «كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت»([2]).
3- أن يعلمها واجباتها الدينية:
ويرشدها إلى ما تحتاج إلى معرفته من دين أو ثقافة، والمرأة شديدة التأثر بسلوك زوجها الديني، فإن رأت منه حرصا على دينه سترا وعفة، أو عبادة بادرت تفعل مثل الذي يفعل زوجها إرضاء له، وإن رأت منه عكس ذلك ليس عنده حرص على دينه، فعلت مثل الذي يفعل وقد جعل الله وقاية الزوجة من النار أمانة في عنق الزوج حين قال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ) [التحريم: 6].
4- أن يغار الزوج عليها:
فلا يعرضها للشبهة، ولا يتساهل معها في كل ما يؤذي شرف الأسرة أو يعرضها لألسنة السوء، فمن أغضى عن زوجته وهو يرى أو يسمع عنها، ما يشين، فقد أخرج نفسه من زمرة الرجال الذين لهم المكانة عند الله وعند الناس، وقد قال رسول الله (ص) «أتعجبون من غيرة سعد بن عبادة، أحد الصحابة والله لأنا أغير منه والله أغير مني»([3]) والغيرة غيرتان غيرة محمودة وهي: ما كانت في محلها وفي حدود الاعتدال، والغيرة المكروهة هي التي تحدث عنها الرسول (ص) بقوله: «من الغيرة غيرة يبغضها الله عز وجل، وهي غيرة الرجل على أهله من غير ريبة، وغيرة يحبها الله وهي الغيرة في الريبة»([4]).
5- أن ينبسط معها في البيت:
فيهش للقائها، ويستمع إلى حديثها ويمازحها، ويداعبها، وقد يظن بعض الجاهلين أن مداعبة الزوجة تتنافى مع الورع والوقار، وهذا خطأ فاحش فلقد كان الرسول (ص) وهو العابد الخاشع والقائد الحاكم يسابق زوجته عائشة رضي الله عنه قال رسول الله (ص) «أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا وخياركم خياركم لنسائهم»([5]).
6- أن يحسن خلقه معها:
فيكلمها برفق ويتجاوز عن بعض الهفوات، ويقدم لها النصح بلين تبدو فيه المودة والرحمة، وقد قال (ص) «إن أحبكم إلي أحاسنكم أخلاقا، الموطؤون أكنافا، الذين يألفون ويؤلفون»([6]).
تلك أهم حقوق الزوج على زوجته، والزوجة على زوجها.
فأما الحقوق المشتركة فأولها: أن يتحمل كل منهما، أذى صاحبه، فالإنسان غير معصوم، وليس من الناس من لا يخطئ فليتحمل الزوج من زوجته بعض الأذى ولتتحمل الزوجة من الزوج بعض القسوة، ومن الواجب أن تذكر الزوج أنه أقدر على تحمل الأذى من زوجته، فالمرأة عاطفية سريعة الانفعال كثيرة النسيان لجميل الزوج كما قال عنها رسول الله r «لو أحسنت إلى إحداهن الدهر كله ثم رأت منك شيئا، قالت ما رأيت منك خيرا قط»([7]).
ومن الواجبات المشتركة:
أن يشعر كل من الزوج والزوجة بالمسئولية المشتركة نحو البيت والأسرة أي إن يشعرا أن عليهما معا أن يسعدا أنفسهما وأولادهما متعاونين على بأساء الحياة، فلا يصح ألا يفكر الزوج في راحة الزوجة في البيت وأعمالها وعنائها، وأن يكون همه فقط أن توفر له الراحة، ولو على حساب الزوجة والأولاد، ولا يصح ألا تفكر المرأة في عمل زوجها وفي نفقات البيت حتى لا يكون همها أن توفر لنفسها الراحة أو النفقات على حساب الزوج.
هذا وأسأل الله أن يرد الضالين والضالات من الأزواج إلى دينهم القويم ويجعل نهج أسرهم مستمدا من القرآن الكريم.. والله الموفق.
([1]) رواه الطبراني وأشار المنذري إلى ضعفه.
([2]) رواه أحمد وأبو داود والحاكم والبيهقي في السنن ورمز السيوطي لصحته.
([3]) رواه البخاري ومسلم.
([4]) رواه النسائي وأبو داود وأحمد وابن ماجه والدارمي وصححه الحاكم.
([5]) رواه الترمذي وابن حبان والحاكم وصححوه.
([6]) رواه الطبراني في الصغير والأوسط وأشار المنذري إلى ضعفه.
([7]) رواه البخاري.
التسميات
زوجية