قانون حماية المستهلك .. تقديم أفكار عملية وتطبيقية لخدمة المستهلك ولترسيخ فكرة الإنصات إليه

على الرغم من أن قانون حماية المستهلك المغربي ظل يراوح مكانه منذ عام 1999، فإن ذلك لم يمنع ما يفوق 25 جمعية من جمعيات حماية المستهلكين بالمغرب من تجاوز ضعف البنية القانونية في هذا المجال، بتقديم أفكار عملية وتطبيقية لخدمة المستهلك ولترسيخ فكرة الإنصات إلى المستهلك، والاهتمام بما يقدم له من سلع وخدمات...

لكن مع انطلاق العد العكسي لمناقشة مشروع قانون حماية المستهلك بالبرلمان، أصبحت شبكات حماية المستهلكين، تطالب أكثر من أي وقت مضى بضرورة إلغاء شرط المنفعة العامة - الذي يشكل بيت القصيد والنقطة الجوهرية في الخلاف بين الفاعلين في مجال حماية المستهلك التي لم يتم الاتفاق حولها منذ المراحل الأولى التي مر منها المشروع- من أجل السماح لها وفق القانون بالترافع لدى المحاكم وتنصيب نفسها طرفا مدنيا في المشاكل التي تهم الاستهلاك والمستهلكين، لأن شرط المنفعة العامة، حسب محمد بنقدور رئيس فيدرالية جمعيات حماية المستهلك، يشل من عمل جمعيات الاستهلاك، ويجعل عملها ينصرف فقط إلى على التوعية والتحسيس، خصوصا وأن هذه النقطة الأخيرة، أصبحت غير ذي معنى في المغرب الذي يعرف معدلات مهمة قي نسبة الأمية.

لهذا يعتبر الأستاذ محمد الهيني (قاض ملحق بمديرية الشؤون المدنية بوزارة العدل) أن حماية المستهلك من الحقوق الدولية الأساسية، وللمستهلك الحق في تمثيله حين اتخاذ القرارات المتعلقة به، والحق في الدفاع عن مصالحه من خلال جمعيات حماية المستهلك المنشأة بوجه قانوني سليم. وترجع أهمية تمثيل الجمعيات المعترف بها للمستهلكين أمام القضاء للدور الذي تلعبه هذه الأخيرة في حفظ حقوق المستهلكين الذين يفتقدون في الغالب للخبرة والتجربة.

فالكثير من المستهلكين يترددون في رفع الدعاوى في مواجهة المهنيين، كما تلعب هذه الأخيرة دورا مهما في إعلام المستهلكين بحقوقهم وتربيتهم وتوجيههم في ميدان الاستهلاك عن طريق النشرات التي تصدرها، كما يمكنها أن تشارك في إعداد وتطبيق السياسة الوطنية للاستهلاك، وتأطير الحوار بين أطراف العملية الاستهلاكية وممثلي السلطـات العامة، وأيضا إبداء الاقتراحات والآراء بخصوص مشاريع ومقترحات القوانين، وكذا كل التدابير المتعلقة بضمان وتحسين حماية المستهلكين.

وإذا كان هذا المشروع -حسب محمد بنقدور- الذي كان من المفروض تطبيقه موازاة مع قانون حرية الأسعار والمنافسة الذي بدأ تطبيقه سنة 2000، طبقا لتوصيات البنك الدولي في هذا المجال، عقب ملاحظته وجود ارتفاعات مهولة في أسعار المواد الاستهلاكية، إذ اقترح على المغرب إصدار قانون حرية الأسعار والمنافسة، من أجل أهداف معينة، من بينها الرفع من الجودة، بحكم أن التنافسية تفضي إلى الجودة، وكذلك انخفاض الأسعار، يشكل في ذاته قفزة نوعية في مجال حقوق الإنسان، رغم وجود حوالي 360 مادة تتعلق بحماية المستهلك، والتي باتت جميعها متجاوزة بفعل التطور التكنولوجي للإنتاج مثل التجارة الالكترونية والتجارة عن بعد المتعلقة بكل من المواد الاستهلاكية أو التجارة الخدماتية التي تنظمها مؤسسة الحسبة التي بدأت في الاندثار منذ حوالي 9 سنوات الأخيرة، ليأتي مشروع القانون الحالي ليضع معاييره، وينطبق الأمر نفسه بالنسبة لمجال القروض الاستهلاكية والعقارية.

ومن جهته، يرى فاتح كمال الطالـب الباحـث بوحـدة قانون الاستهلاك والمنافسة بكــلــيـة الــحقوق بفاس، أن حماية المستهلك تعد في مقدمة الواجبات الأساسية للدولة الحديثة التي تقع على عاتقها مسؤولية ضمان المستوى المناسب من الحياة الكريمة والحصول على السلع والحاجات الكفيلة بتحقيق رغبات كل فرد.

وتأخذ الحماية القانونية للمستهلك مظاهر وأساليب متعددة أهمها الناحية الجنائية. ويضيف كمال فاتح أن فكرة حماية المستهلك ليست بالجديدة في المنظومة القانونية المغربية، بل ظهرت تشريعيا من خلال النصوص المتعلقة بزجر الغش في البضائع، لاسيما قانون 13.83 الذي يمكن اعتباره أحد أهم الإرهاصات لظهور قانون الاستهلاك بالمغرب لأجل حماية جنائية للمستهلك.

عبد المجيد بن الطاهر
أحدث أقدم

نموذج الاتصال