في بداية تموز أنبئنا بوفاة الامام محمد حسين فضل الله في لبنان، الذي درج على نسب لقب الزعيم الروحي لحزب الله له. وهذا هو موت 'ورقة التين' الايرانية في نشاطها السياسي والعسكري في لبنان، ونهاية الواقع الموهوم الذي ارادوا فيه أن يفكر بانه يوجد لحزب الله زعيم روحي في لبنان.
قصة فضل الله هي بالاساس قصة فشل دولة اسرائيل وسياستها تجاه الطائفة الشيعية في لبنان. من يوم وصول فضل الله الى لبنان في 1966، بلور مفهوما فكريا مغايرا تماما عن المفهوم الفكري للزعيم الديني ذي الاهمية للشيعة في لبنان، الامام موسى الصدر. فقد قاد الصدر الطائفة الشيعية نحو التركيز على مصالحها وبناء مؤسساتها بل ووقف ضد الفلسطينيين الذين سيطروا على جنوب لبنان واستخدموه للصراع ضد اسرائيل. وكان فضل الله يقود فكرا يقضي بان الصراع ضد اسرائيل يقف فوق مصالح الطائفة الشيعية. وقد استغل حملة الليطاني، حرب لبنان الاولى ووصول اسرائيل الى مدينة بيروت كي يوثق التضامن بين الشيعة والفلسطينيين.
بقي فضل الله في ظل الصدر حتى شباط (فبراير) 1948، حين اختفى الصدر في اثناء زيارة رسمية له الى ليبيا، واغلب الظن قتل مع مرافقيه على يد معمر القذافي.
ثورة الخميني في ايران في 1979، كانت الحدث التأسيسي الذي ارتقبه فضل الله. مع بداية حكم الخميني في ايران أرسل بمبعوثين لنشر الثورة في لبنان، وفضل الله كان هو الذي اصبح حليفا للمبعوثين. كان فضل الله ذخرا للايرانيين لانه كان قادرا على أن ينقل الرسالة الايرانية باللغة العربية الفصيحة على لسانه، فعطل بذلك الفوارق الثقافية التي بين الطائفة الشيعية في لبنان وبين مبعوثي الخميني من ايران.
في 1979 كانت منظمة 'أمل' هي المنظمة الاكبر والاكثر اهمية في الطائفة الشيعية، وعمل فضل الله بنشاط لتغيير طرائق عملها بشكل يتناسب والمزاج الذي جاء من طهران. ولكن بعد أن فشلت العملية، اضطر فضل الله الى الموافقة والدعم لاقامة منظمة شيعية جديدة ـ حزب الله. ومع اختفاء موسى الصدر ونجاح الثورة الايرانية، طرأ تغيير هام على قوته ومكانته في لبنان، وذلك لان غياب المنافسة على آذان وقلوب ابناء الطائفة في لبنان تعزز الان بالاموال، برجال الدعاية والفلسفة الذين وصلوا من طهران. ولكن رغم أنه اعتبر الزعيم الروحي، الا ان تأثير فضل الله على حزب الله كان محدودا، وكان التقدير هو أنه كلما تعزز حزب الله، قل التزام المبعوثين من ايران به.
قصة فضل الله هي ايضا قصة فشل اسرائيل في لبنان وتفويت الفرصة لتحويل الشيعة الى حلفاء لها. دولة اسرائيل، التي حررت الجنوب الشيعي من سلطة طغيان المنظمات الفلسطينية، واصلت التعامل مع الطائفة الشيعية بذات الشكل الذي تعامل معها به المسيحيون، وبالاساس لم تقدم أي مؤشر على أنها مستعدة لان تسمح للطائفة الشيعية في جنوب لبنان بالسيطرة في مناطقها. الطائفة الشيعية، التي الى جانبها عاش يهود لبنان في حي وادي ابو جميل في غربي بيروت، لم تحظ بمعاملة مناسبة من جانبنا، ونحن تبنينا المفهوم الفكري لباقي الطوائف تجاهها.
موت فضل الله هو موت 'ورقة التين' الايرانية الاخيرة في لبنان، ومن الان فصاعدا لن يكون هناك زعيم ديني شيعي يقال عنه انه الزعيم الروحي لحزب الله. والان بشكل عملي وبشكل علني ايضا سيكون آية الله خمينئي، الزعيم الروحي لايران، الزعيم الروحي والمرجعية الفقهية للشيعة في لبنان.
' رئيس منتدى الشرق الاوسط الحكيم
يديعوت 22/7/2010
التسميات
تشيع