هناك صيغتان، صيغة بتداولها الخطاب الأكاديمي سواء ذو البعد المعرفي العام أو ذو البعدين الديداكتيكي والبيداغوجي الخاصين، وصيغة يقوم بتفعيلها المربون، أي المدرسون ومكونوهم وباقي منشطي البرامج ذات الصلة سواء بالطفل وعالم الطفولة أو بالجمهور العام. وفيما تكتفي الصيغة الأولى بإنتاج تعميمات تجريدية فلا تربط بين هذه التربية وبين فرضية مؤداها أن الدولة هي في حاجة ماسة إلى أشخاص لا يتملصون من أداء الضرائب ولا يتغيبون عن التسجيل في اللوائح الانتخابية وعن المشاركة في التصويت أثناء الانتخابات والاستفتاءات العامة، كما هو الحال بالنسبة لما تتغياه مثل هذه التربية في فرنسا مثلا، أو بين هذه التربية و فرضية أخرى مفادها أن الدولة في حاجة إلى أشخاص، بالإضافة إلى التزامهم بالصفتين المرجوتين السابقتين، يتتبعون مجريات الحياة اليومية في بلدهم، على الصعيد الوطني والجهوي والإقليمي والمحلي، ويبدون رأيهم فيها ويقترحون حلولا للمشكلات، العادية أو الاستثنائية، المترتبة عنها ويسائلون ويساهمون في تتبع مسار هذه المساءلة كلما بدا لهم أن الأمر يتعلق بتهديد يمس قواسمهم الوطنية المشتركة، كما هو الحال بالنسبة لما تتغياه مثل هذه التربية في المملكة المتحدة التي وجدت فيها واحدا من ملاذاتها لحل قضية بلفاست بشكل سلمي وهادئ.
فيما لا تخرج هذه الصيغة عن تعميماتها المجردة إياها، فلا تربط، أيضا، بين استهدافاتها بما هو واضح ومباشر تجاه العمليات التفجيرية الانتحارية التي تم تدشينها في المغرب ابتداء من 16 ماي 2003، أي قبل تبني السلطات التربوية للتربية على المواطنة، لكنها عرفت منحى أكثر خطورة وبشكل مكثف خلال أيام متوالية من شهر أبريل 2007، علما بأن أغلب المنتحرين هم من خريجي مدرستنا بعد تبنيها للتربية على حقوق الإنسان، دون إغفال العلاقة بين ذلك وبين عمليات الانتحار اليومي في مضيق جبل طارق والتهديدات بالانتحار المعبر عنها أحيانا أمام مقرات الأجهزة المركزية للدولة بالرباط، ناهيك عن الطوابير التي لا يقصر طولها أبدا من أجل الحصول على تأشيرات تسمح بمغادرة قد تكون دون رجعة إلى هذا البلد،، فإن الصيغة الثانية تكتفي هي بدورها بإعادة إنتاج نفس الخطاب.
وتشترك هاتان الصيغتان في قواسم متعددة أعتذر عن وصفها بكونها قواسم مبتذلة، وذلك في مقابل صيغة أخرى أكثر أصالة، لكنها ما تزال غريبة عن حياتنا المدرسية:
فيما لا تخرج هذه الصيغة عن تعميماتها المجردة إياها، فلا تربط، أيضا، بين استهدافاتها بما هو واضح ومباشر تجاه العمليات التفجيرية الانتحارية التي تم تدشينها في المغرب ابتداء من 16 ماي 2003، أي قبل تبني السلطات التربوية للتربية على المواطنة، لكنها عرفت منحى أكثر خطورة وبشكل مكثف خلال أيام متوالية من شهر أبريل 2007، علما بأن أغلب المنتحرين هم من خريجي مدرستنا بعد تبنيها للتربية على حقوق الإنسان، دون إغفال العلاقة بين ذلك وبين عمليات الانتحار اليومي في مضيق جبل طارق والتهديدات بالانتحار المعبر عنها أحيانا أمام مقرات الأجهزة المركزية للدولة بالرباط، ناهيك عن الطوابير التي لا يقصر طولها أبدا من أجل الحصول على تأشيرات تسمح بمغادرة قد تكون دون رجعة إلى هذا البلد،، فإن الصيغة الثانية تكتفي هي بدورها بإعادة إنتاج نفس الخطاب.
وتشترك هاتان الصيغتان في قواسم متعددة أعتذر عن وصفها بكونها قواسم مبتذلة، وذلك في مقابل صيغة أخرى أكثر أصالة، لكنها ما تزال غريبة عن حياتنا المدرسية:
+ الصيغة المبتذلة للمشاركة:
إن المشاركة المنوه عنها هنا لا صلة لها بالعمليات الاحتجاجية أو التحريضية أو الإعلامية أو غيرها مما يخطط لها الراشدون ويختفون وراء واجهة الأطفال مدعين بأن هؤلاء هم مبدعو فكرتها و صانعو خططها أو مقترحو إجرائياتها.
ومن أشهر نموذج للقياس عليه في هذا الصدد هو ما يحدث، كما عشناه داخل الكتاتيب، حيث تتلخص المشاركة في استرسال الحفظة في إسماع الفقيه والمتشككين في جديته من سكان الحي، وذلك برتابة إنشادية توهم بقوة اهتمام الصغار و بجودة فهمهم و استيعابهم لما هم بصدد تلفظه من بيانات قرآنية. ومن الأمثلة التي تتوارد بقدر يصعب حصره حول هذه الصيغة المبتذلة للمشاركة:
- قيام المسؤولين الأمنيين، بتسهيل من قبل إدارات التعليم، ترقبا لزائر أو عابر كبير، بشحن أطفال دون تهيئتهم أو استشارة آبائهم، من مدارسهم وتجميعهم أمام الحواجز حتى لا يسهل الانسحاب على من يلم به جوع أو عطش أو حاجة طبيعية، وليظهروا للزائر وكأن الأطفال قد آثروا تعذيب أنفسهم للمشاركة في الاحتفاء بطلعته على متابعة دراستهم أو على قضاء ذلك الوقت في اللعب والراحة، وليتأكد هذا الزائر من إخلاص منظمي الاستعراض له.
- قيام نشيطات بتجميع مراهقات، هنا، وأخريات، هناك، خلال فترات متباعدة، دون خطة عمل متكاملة ومسترسلة، وشحنهن ليرددن، وبالضبط، مجموعة معينة من مبادئ حقوق الإنسان التي تستجيب لحاجات المشرفات ذات الصلة بانشغالاتهن الشخصية أو بإنجاز تقرير في شكل بلاغ يعزز ادعاءهن المساهمة في مجال التربية على المواطنة.
- قيام بالغين، خلال فترات الاصطياف، بتنظيم ورشة لتنظيف أحد الشواطئ فيستثمرون الأطفال في كل أشغالها البدنية الظاهرة، وفي مقابل ذك يستغلون هم الفرصة لإثبات أن الأطفال هم أجدر بالمسؤولية من الجماعة أو المجلس الجماعي ذا اللون السياسي المخالف.
- قيام منتجي ومنشطي برنامج تلفزي ما، يعتبر اسميا خاصا بالأطفال، بإعداد و إخراج كل شيء بما فيه من فقرات الربط والمحفوظات وغيرها مما سيتلوه الأطفال، ثم يتراجعون إلى الكواليس بعد أن يكونوا قد هذبوا كل شيء، بحيث لا يبقى يظهر على الشاشة سوى الأطفال.
- قيام نشيطات أو نشطاء، في إطار حملة نبيلة من أجل مكافحة إحدى الظواهر الاجتماعية الخطيرة، بتجنيد أطفال لكي يحملوا شارات ويوزعوا مطبوعات وغيرها،، ثم ينفضوا بعد انتهاء الفترة المحددة دون أن يتساءل أحد عن نوع الحصيلة القيمية والمهارية و السلوكية التي اكتسبها هؤلاء الأطفال وعن الكيفية التي يمكنهم بها تعديل التصرفات البسيطة المتفرعة عن الظاهرة إياها والتي قد تصدر عنهم، هم أنفسهم، أو عن أفراد أسرهم،،
+ الصيغة الأصيلة للمشاركة:
إن المشاركة في وضعية أنشطة الحياة المدرسية هي:
- من جهة، مختلف التمارين العقلية والحركية التي تفسح المجال للطفل لكي يبادر ويطلع على مبادرات غيره، ولكي يتعرف على تجارب الآخرين ويبدي فيها رأيه، ولكي يحلل وينتقد وينتج أفكارا، ولكي يتخذ قرارات ويناقشها مع أقرانه كما مع من هم الأكبر منه سنا، ولكي يختار ويدلي بالحجج التي تقنع بحسن اختياره.
- من جهة ثانية، تشجيع للطفل نفسه على تنمية القدرات اللازمة لكي يكون مواطنا إيجابيا يعزز الديمقراطية في مجتمعه ويحرص على احترام الحقوق الأساسية والحريات العامة وسلامة البيئة وعلى السلم تجاهه ولفائدة غيره.
التسميات
مواطنة