الاختلاط بين الجنسين.. تواصل اجتماعي وتشجيع على هدم الفضيلة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وبعد:

فإن من أخطر الأمور التي حذر الله منها المسلمين الاختلاط بين الجنسين الذكر والأنثى حيث إنه من أكبر الأسباب الميسرة للفاحشة وأخطر من ذلك الخلوة بالمرأة غير المحرم فإن في ذلك مدخلا للشيطان يقول عليه الصلاة والسلام «لا يخلون رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما»([1]).

وحقيقة الخلوة أن ينفرد رجل بامرأة في غيبة عن أعين الناس، وذلك يحدث اليوم كثيرا في بيوت المسلمين الذين اتخذوا الخادمات الأجنبيات عن الأسرة والبيت والمجتمع يؤتى بهن من بلاد بعيدة بدون محارم ومن المتوقع بل من المؤكد أن رب البيت أو أحد رجال الأسرة يخلو بهذه الخادمة كثيرا حينما تخرج الأسرة وحينئذ يأتي دور الشيطان وهو دور محقق الخطر حيث أخبر رسول لله (ص) بذلك والحديث السابق يعم جميع الرجال ولو كانوا صالحين أو كبار السن.

كما يعم المرأة ولو كانت صالحة أو عجوزا وهذا شيء مشاهد من الطبيعة البشرية ميل الرجال إلى النساء بالفطرة لا سيما وأن الكثير من هذه الخادمات فتيات جميلات ولهذا فإننا نعتبر اتخاذ الخادمات داخل البيوت اليوم خطرا عظيما ابتلي به المسلمون اليوم نسأل الله أن يحفظهم من شره ويهدي الولاة لاستدراك الأمر قبل أن يستفحل.

وهناك نوع آخر من الاختلاط ابتلى به بعض المسلمين وخطره لا يقل عما سبق وهو اتخاذ الخدم الرجال والسائقين الأجانب الذين نراهم يغدون ويروحون بأسرهم وينفردون بهن بدون محارم وقد تأكدنا أن طائفة من المسلمين بدأ يرسل ابنته إلى المدرسة مع السائق أو يرسل إحدى محارمه إلى السوق مع هؤلاء منفردات مع السائق ولربما يكون غير المسلم أو منحرفا في دينه أو سلوكه أو زيه بل وعلى فرض أنه رجل تقي صالح فذلك حرام لا يجوز بدليل الحديث السابق والشر متوقع والمسلم العاقل لا يقبل ذلك في أهله ولا يجوز له أن يفرط في الأمانة ويسلم أغلى ما يملك وهو محارمه إلى هذا الخطر الكبير.

وكم نسمع من الأحداث الفظيعة بسبب هذا التساهل والإهمال بدافع حب الترف والغطرسة.

أخي المسلم.. أختي المسلمة.. إن الإسلام قد شدد في أمر الخلوة مع الأقارب غير المحارم كبنت العم وبنت الخال قال r «إياكم والدخول على النساء» فقال رجل أرأيت الحمو؟ يا رسول الله؟ فقال: «الحمو الموت»([2]) ومعناه احذروا الاختلاط بالنساء والخلوة بغير المحارم وأعظم أنواع الخلوة أن يخلو أقارب الزوج بزوجة قريبهم في سفره أو خروجه من البيت مثل أخيه وابن أخيه وعمه وابن عمه إلخ من غير المحارم لها، كما نحذر المسلمات من السفر مع غير محرم فالرسول r يقول «لا تسافر المرأة مع غير ذي محرم»([3]).

كما نحذر المسلمين من خلط الذكور والإناث ولو كانوا إخوة بعد التمييز في المضاجع فقد أمر ص بالتفريق بينهم في المضاجع([4]).

ومما سبق ندرك خطر الاختلاط بين الجنسين على أي حال من الأحوال داخل البيوت أو خارجها لذلك يقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا) [النور: 27].

لذا فإننا نعتبر هؤلاء الذين جاءوا بنساء أجنبيات واختلطن مع أولادهم أو جاءوا برجال أجانب فاختلطوا مع محارمهم قد عرضوا أنفسهم وأهليهم إلى أعظم أنواع الخطر، كما أنهم يهددون المجتمع كله بالخطر، وقد يوقعهم هذا التساهل بالدياثة التي يقول عنها r «لا يدخل الجنة ديوث»([5]).

والديوث هو الذي يرضى بالفاحشة في أهله وهو شيء متوقع مع هذا التساهل، لذا فإننا نقترح عليك أيها الأخ المسلم البعد عن هذا الأمر ومراقبة الله سبحانه وخوف الوقوف بين يديه يوم توقفك ابنتك وأختك بين يدي الله يوم القيامة للحساب (يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) [الشعراء: 88، 89] وافهم قوله سبحانه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [الأنفال: 27] وحينما تكون مضطرا إلى الخادمة فلا تستقدم إلا مسلمة وتصحبها بزوجها المسلم وتخصص لهما مكانا منفردا معزولا عن بيتك وعليك أن تختار كبيرة السن التقية.

أما هؤلاء السائقون الأجانب فإننا نقترح عليك أن تستغني عنهم بنفسك أو أحد أولادك، وحينما تضطر لهم فعليك أن تصحبهم بنفسك أو يصحبهم أحد المحارم وأن تحذر من الثقة بهم فالأمر ليس بالشيء السهل، وألا تمكنهم من دخول بيتك في غيبتك.

أخي المسلم: احذر هؤلاء المربيات اللاتي تسلمهن أطفالك من غير المسلمات فلربما يربين أبناءك على غير الطريقة المستقيمة.

أخي المسلم: لا يجوز لك مصافحة المرأة الأجنبية عنك، ولا يجوز النظر إلى غير محارمك فلقد أمر الله بغض البصر سواء في ذلك الرجال والنساء، كما لا يجوز للمرأة المسلمة أن تكشف وجهها أو شيئا من بدنها أمام رجل أجنبي منها.

أختي المسلمة: احذري خطر التبرج وإظهار الزينة لغير المحارم واحذري كثرة الخروج من البيت بدون حاجة فالله تعالى يقول: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) [الأحزاب: 33] والله الموفق.
([1]) رواه أحمد والترمذي والحاكم وصححه.
([2]) رواه البخاري ومسلم.
([3]) رواه البخاري ومسلم.
([4]) في الحديث الذي رواه أحمد وأبو داود.
([5]) رواه النسائي والبزار والحاكم وصححه.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال