محاكمة إسبانيا على جرائم حرب الريف واستعمال السلاح الكيماوي.. شكوى أمام المحكمة القومية الاسبانية بتهمة جرائم ضد الإنسانية

قال محمد فراجي في عام 2002 وهو يقلب صفحات الذاكرة في ذهنه (القوا شيئا مثل الكبريت.. الناس أصيبت بالعمى.. الجلد صار إلى السواد وتساقط.. الماشية تضخمت ونفقت.. والنباتات فجأة جفت).
وقتها كان فراجي بعد صبيا عندما استخدمت اسبانيا القوة الاستعمارية وقتذاك الاسلحة الكيماوية للتصدي لتمرد في منطقة "الريف" الجبلية بشمال المغرب في العشرينات.
لكن عندما أجرت صحيفة البايس الاسبانية مقابلة مع فراجي الذي صار عمره 91 عاما فقد كان يحتفظ بذاكرة قوية لما حدث، وقال " ظللنا لعدة أسابيع لا نستطيع أن نشرب من الترع.. وقيل لنا أن المياه ملوثة.
ولا تريد أيا من أسبانيا أو المغرب مناقشة هذه الأحداث لكن ناشطين من المغرب مثل رشيد راخا لا يريدون للذاكرة أن تموت.
ويقول رشيد راخا رئيس الكونغرس العالمي الأمازيغي "سنتقدم بشكوى أمام المحكمة القومية الاسبانية في الخريف القادم ضد أولئك المسؤولين عن جريمة ضد الإنسانية".
ومن المعروف أن المحكمة القومية تتابع انتهاكات حقوق الإنسان في الدول الأخرى من أمريكا اللاتينية وحتى الصين.
وللأمازيغ تاريخ طويل في التصدي للحكم الخارجي وفي العشرينات قاد زعيم الريف محمد عبد الكريم الخطابي (الصورة) انتفاضة ضد كلا من الحكم الاستعماري الاسباني.
وأوقعت حركة الانتفاضة خسائر جسيمة في صفوف القوات الاسبانية الامر الذي دفع أسبانيا لتوحيد الجهود مع فرنسا التي كانت تحتل جزء آخر من المغرب.
واستخدمت مدريد غاز الخردل وغيره من الاسلحة الكيماوية المصنوعة في المانيا على الرغم من أنها محرمة طبقا لمعاهدة فرساي عام 1919 . واستهدفت الهجمات في الغالب مدنيين.
لم تعترف أسبانيا رسميا بأنها استخدمت الغازات الكيماوية في الريف لكن مثل هذه الممارسات مسجلة بالوثائق من قبل مؤرخين في أسبانيا والمغرب والمانيا وبريطانيا.
ويقول راخا "عدد الذين قتلوا بالاسلحة الكيماوية بين الالوف من ضحايا الحرب غير معروف".
بيد انه بعد مرور ثمانية عقود على سحق جمهورية الريف عام 1926 وذهاب عبد الكريم إلى المنفي فان جمهورية الريف بها أعلى معدلات السرطان مقارنة ببقية المغرب حسبما يزعم راخا.
وقد نفت الحكومة المغربية وبعض خبراء الطب مثل هذه المزاعم.
ولم يطلب المغرب تعويضات عن استخدام الاسلحة الكيماوية وهو موقف عزاه راخا إلى الخوف من مشكلات دبلوماسية وما يراه على انه اصرار على التمييز ضد الامازيغ في المغرب.
وقد اتخذ الملك محمد السادس اجراءات لدعم الثقافة واللغة الامازيغية لكن الريف لا يزال فقيرا ويعتمد جزئيا على زراعات الحشيش عقب عقود من الاهمال الرسمي.
بيد انه في الفترة التي سبقت الانتخابات المحلية الاخيرة فان قضية " الحرب الكيماوية الاسبانية" تبناها حزب التجمع الوطني للاحرار وهو واحد من الأحزاب الرئيسية في حكومة عباس الفاسي الائتلافية.
وصرح رئيس الحزب مصطفي منصوري بان الحزب لديه وثائق تثبت "الفظائع التي ارتكبت في الريف" داعيا لتشكيل لجنة تحقيق أسبانية - مغربية مشتركة في نتائج استخدام الاسلحة الكيماوية في الريف.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال