المخطط الاستعجالي.. أوجه متعددة واقع التعليم هو نتاج اقتصادي واجتماعي

تقلدت مهمة التربية والتكوين وزارتان للتعليم تحت سيادة واحدة ونهج جديد ابتدأ من حديد وبدا يذوب مع ذوبان الجليد.
صرح المسئولون على ضرورة انقاد التعليم من أزمته واضمحلاله وهزاته وتراجعه و...

فعلا التعليم في وضع لا يحسد عليه ولو أنه وضع لا يتحمله رجاله فقط بل هو نتاج اقتصادي واجتماعي، بل هو روح المجتمع.
إن الدول الراقية تنظر بعين بصيرة الى التعليم وتعتبر كل هزة من هزاته أكثر ضراوة من الهزات الأرضية.
لكننا وللأسف نستهين الأمور ونفضل دوما المرور.

منذ ظهر الإصلاح العشري نادت نقابة مفتشي التعليم وغيرها من الغيورين على أنه مبتور وأنه غير واقعي، وأن أرقامه مزورة وتقاريره مكورة وتهليلاته مدورة التنظير شيء والتنفيذ شيء آخرنتقن التاليف والتكليف والتلفيف لكن هيهات هيهات بين ما نخطط له وما نطبقه وكأن عقلنا لا يتطابق مع فعلنا.

ولا أدل على ذلك أنه انعقدت عدة منتديات وملتقيات وكتبت التقارير تنادي بعدم تلاؤم الواقع مع مقتضيات الميثاق الوطني للتربية والتكوين وتقصير الوزارة في تطبيق الكثير من بنوده، لكنهم كانوا يجمعون التقارير ويلقون بها في الزبالة – اسمحوا لي على هذا المصطلح غير اللائق- تغيرت الوزارة واكتشف تقرير دولي أوضاع التعليم الغير المرضية، فقامت الدنيا ولم تقعد، ما كان على الوزارة الا تحريك عجلة جديدة انطلقت من تقرير أعدته وسلمته لأعضاء المجلس الأعلى للتعليم فقرؤوه علينا، وارجعوا النسخة الأصلية الى أصحابها,لتنزل الوزارة بمخطط يوافق تماما ما جاء في تقرير المجلس الأعلى للتعليم من غياب وهدر واكتظاظ ومسئولية رجل التعليم وغيرها من المصطلحات التي تدغدغ لكنها قد لا تداوي الجرح.

- أيعقل أن يصلح المصلحون ما لم يصلحوا؟
- أيعقل أن مروجي منتديات الإصلاح هم أنفسهم مخططي المخطط المستعجل؟
- أيعقل أن يعترف منظرو الإصلاح بفشله ويكلفوا بإصلاح ما أصلحوا دون أن يصلحوا شيئا يذكر؟
إن الأسئلة كثيرة والإجابات عنها غير يسيرة والمنصتون إليها غير منصتين إلينا وفي عالم غير عالمنا.

ومما يؤلمني أن وزارتنا فعلا واعية إن كانت كذلك، بموضع التعليم وهزاته ونبراته وأنينه وأوجاعه، لكنني وبكل صدق أخاف أن تعيد كرة سابقيها بالتهليل والتمجيد لتسقط تعليمنا مرة أخرى في كبوة قد تكون أعمق مما سبق، لأن التسرع يكون دائما متدبدبا ويحتمل الخطأ أكثر مما يحتمل الصواب، ولعل الدارسين الأجانب يعترفون لما يتضمنه ميثاقنا الوطني تشريع يرقى الى مستوى الدول الراقية ومن تنفيذ ينزل الى مستوى الدول الدانية.

سأحاول في سلسلة من المقالات توضيح بعض معالم إصلاح الإصلاح ولو بشكل مقتضب وموجز تاركا للقارئ الكريم اغناءها بآرائه وأفكاره المفيدة. أستهلها ببرنامج أعدته وزارتنا لتكوين أطر الإدارة التربوية لتنفيذ ما جاء في المخطط المستعجل، وفعلا كانوا صائبين حيث نظم تكوين للمكونين بشكل مستعجل أواخر يونيو، وتم تكوين رجال الإدارة التربية أيضا بشكل مستعجل أواسط يوليوز,إذن الكل مستعجل، ناسين أنه (في العجلة الندامة وفي التأني السلامة).

وفيما يلي البرنامج الكامل لهذه التكوينات:
حيث انعقد في الفترة الممتدة مابين 23 إلى 27 يونيو 2008 بمركز التكوينات و الملتقيات -الرباط- والمدرسة العليا لأساتذة التعليم التقني دورة تكوينية لفائدة مكوني مديرات و مديري المؤسسات التعليمية، وتضمن الأنشطة التالية:

- 23 يونيو 2008: يوم تكويني لفائدة المكونين في محور تدبير الاكتظاظ أشرفت على تأطيره مديرية الإستراتيجية و الإحصاء والتخطيط.

- 24 يونيو 2008: يوم تكويني في محور محاربة الهدر المدرسي أشرفت على تنظيمه مديرية التربية غير النظامية.

- 25 يونيو 2008: محور كيفية التعامل مع ظاهرة الغياب تم تأطيره من طرف مديرية الموارد البشرية و تكوين الأطر.

- 25 و 26 يونيو 2008 بالمدرسة العليا لأساتذة التعليم التقني بالرباط يومين تكوينين في محور استعمال المعلوميات وتوظيفها في مجال التسيير الإداري أطرته مديرية إدارة منظومة الإعلام.

- 26 و 27 أشرفت مجموعة من المديريات المركزية على تأطير محور التدبير الإداري و المالي والتربوي والاجتماعي للمؤسسات التعليمية العمومية.

وقد شاركت الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين الثلاثة المعنية بمرحلة التجريب في تنشيط هذه الدورة التكوينية وهي:
- الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين للجهة (تازة-الحسيمة – تاونات).
- الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين للجهة (الشاوية ورديغة).
- الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين للجهة (مكناس – تافيلالت).

حتى في اختيار هذه الأكاديميات يبدو أن الوزارة تتعامل بمعايير الانتقائية لتمرير برنامجها بهدوء بعيدا عن الشوشرة، وعلى سبيل المثال لا الحصر فان أكاديمية الحسيمة لم تنه الكثير من التكوينات السابقة الا مؤخرا، وتعتبر من الأكاديميات التي لا زالت تحتكر مركزية التصرف في الميزانية بحيث لا تسرب الى النيابات التابعة لها سوى الغبار، ونيابة مكناس يكفي ما حصل بها من تسرب لأسئلة الباكالوريا والتي كادت تعصف بالامتحان ككل، إلا أن وزارتنا وضعت في هذه الأكاديميات الثقة لاعتبارات لا نعلمها وأهداف نجهل البعض منها.

فكان المخطط كالتالي:
+ تكليف المصالح المركزية للوزارة لثلاث أكاديميات جهـوية لتنظيم تكوين تجريبي لفائدة عينة من مديرات ومديري المؤسسات التعليمية بالابتدائي والثانوي بسلكيه في أفق تعميمه على باقي الأكاديميات خلال الأسبوع الثاني من شهر يوليوز2008.

+ عقد الوحدة المركزية لتكوين الأطر لاجتماعات تحضيرية مع المنسقين الجهويين للتكوين المستمر خلال 23 أبريل و06 مايو 2008 للتداول في الإجراءات العملية الكفيلة بإنجاح عملية التكوين.

+ تعيين الأكاديمية للفريق المكلف بتأطير الدورات التكوينية سواء خلال فترة التجريب أو التعميم.
+ تحديد شروط انتقاء المستفيدين من التكوين المركزي بناء على:
- الكفاءة والخبرة اللازمة.
-إعداد مجزوءة للتكوين وفق المعايير المتفق عليها.
- الالتزام بالتأطير الجهوي خلال الفترة المحددة لذلك بالأكاديميات.

+ تقديم ثلاث مترشحين عن كل محور أو أكثر حسب حاجيات الأكاديميات معايير انتقاء عينة المستهدفين بالتكوين:
- مراعاة تمثيل جميع الأوساط الجغرافية (حضرية – شبه حضرية - مراعاة التمثيل حسب الجنس هذه العناصر التي طلبتها مركزيتنا من جهوياتنا عناصر جوهرية لا أظن أن جهة ما تعتمدهابالشكل المطلوب وبالهدف المقصود وإن توفرت ستكون لا محالة بشكل نسبي، الا إن كانت مركزيتنا وجهوياتنا تفسر هذه المصطلحات تفسيرا خاصا، فقد تعني الكفاءة تطبيق تعليماتهم حرفيا وتمرير أوامرهم خطيا، وقد تعني الجدية عدم السؤال والصمت والانصات، وقد تعني التجربة اختيار نفس العناصر حفاظا على نفس النهج والمنهج، وقد يعني الاستعداد للانخراط و للتمرير حرفيا بعيدا عن الشوشرة والبحث والتنقيب والتعقيب، وقد تعني... وقد تعني... الشيء الكثير... وقد تعني غير ما أعتقد، أتمنى أن يكون كل ذلك في صالح منظومتنا وأبنائنا.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال