العراق وحضارة بلاد الرافدين.. الوقوف في وجه بني فارس من البوابة الشرقية والغرب الراغب بإعادته إلى العصور الحجرية

في حزيران (يونيو) عام 1981 استغل الكيان الصهيوني انشغال العراق في الدفاع عن البوابة الشرقية للوطن العربي فقام بضرب مفاعل تموز للأغراض السلمية.. إذ كيف يملك العرب ناصية العلم والمعرفة ويخوضون غمار التقدم ويملكون ما يحتاجون اليه من أسباب المنعة والقوة؟.

قال (مناحيم بيغن) وكان وقتها رئيس وزراء في كيان العدو الصهيوني: أننا لن ننتظر حتى يصبح العرب أقوياء.

وفي عام 1991 بعد عشرة أعوام كان (اسحق شامير) هو رئيس الوزراء ولقد شعر (شامير) بما وصفه بالتهديد العراقي الذي يمثل أزمة لكيانه والتي لا يمكن حلها بغير الخيار العسكري و(شامير) هذا هو الذي استخدم كل ما لديه من وسائل التحريض لكي يصل بوش الأب إلى القرار.

كان العراق قد خرج من الحرب منتصرا وقويا بخبرته وسلاحه. وقد حقق العراق بالضد من مؤامرة إطالة أمد الحرب ذلك التوازن الذي أرعب كيان الاغتصاب ولقد قالت اعترافات الصهاينة هذا قبل أن نقوله نحن كما اعترفوا بحجم المشاركة في العدوان الثلاثيني ليس بمعرفة ساعة الصفر وإطلاق صفارات الإنذار فقط لقد استخدم الصهاينة طائرات (أف 15) و(أف 16) وأطلقوا خمسة عشر صاروخا من طراز أريحا واحد وأريحا 2 ضد أهداف داخل العراق وذلك في الأيام 29و30و31 من كانون الثاني (يناير) عام 1991.

ثم استمر التحريض بعد ذلك لأن العراق في تقديراتهم قد أتم الجزء الأكبر من قدراته العسكرية وقد قال وزير الحرب (اسحق مردخاي) لوزير الدفاع الأميركي كوهين عام 1998 (إن خياراتنا مشتركة بضمنها توجيه ضربة عسكرية للعراق وأن تلك الضربة تمليها مصالح أميركية و(اسرائيلية) مشتركة استراتيجية وسياسية وسايكولوجية).

والآن نحن في العام 2002 بوجود عراق صامد وفلسطين ثائرة وها هي النغمة تعود من جديد أميركية صهيونية وصهيونية أميركية وعنوانهم الكبير هو الإرهاب الفلسطيني الذي يهدد عملية السلام وأسلحة الدمار الشامل التي عند العراق أو التي ستكون عنده والتي سيهدد بها دول المنطقة والمقصود هنا الكيان الصهيوني والأمن القومي للولايات المتحدة وقد كان واضحا أن تفجيرات نيويورك وواشنطن كانت فرصتهم الذهبية ليجمعوا العالم حولهم في حربهم الطويلة لتصفية الحسابات وكان التحريض الصهيوني قويا كما كان التهديد الأميركي لا يسمح لأحد بأي اعتراض وأي اجتهاد، وها أن وزير خارجية فرنسا على سبيل المثال يلقى ما يلقى من التأنيب العلني وكأنه ليس من حقه وهو وزير لدولة كبرى أن يبدي رأيا مختلفا، وقد بلغت الهستريا عند طاقم الإدارة الأميركية حدا جعلهم يستهينون بالحلفاء ولا يكترثون (للتحالف العالمي) ويعلنون أن أميركا ستعمل ما تريد بمفردها ثم زاد ديك تشيني نائب رئيس أميركا بالقول "أن أحدا لا يستطع أن يرد طلبا لواشنطن"!، ولقد كان العراق هو الهدف المفضل لأميركا حد أن أحد مساعدي كولن باول لم يتردد في الإعلان بأن "أميركا لا يعوزها أي سبب لضرب العراق"!!، بل أن أميركا التي طالما تذرعت بالمفتشين وضرورة عودتهم لم تعد بحاجة إلى تلك الذريعة.. وبدا واضحا أن أميركا قد ركبت رأسها أو (تياستها) وراح رئيسها وأفراد الطاقم يجلدون الأسماع بعبارات مثل الخيارات مفتوحة: جميع الخيارات تبقى واردة.. ستبقى كل الخيارات على الطاولة.

إلى آخر تلك العبارات التي تخيف بها الآخرين حلفاءها في أوروبا واسيا وتتوهم بأنها تخيف بها العراق أو تحرك شعرة في رأس طفل عراقي، إلا أن الإنصاف يتطلب منا ملاحظة ما هو مختلف في مواقف الآخرين وبينما ترتفع أصوات ترفض أن تكون أميركا بديلا عن الأمم المتحدة، وترفض الخيار العسكري في معالجة المشاكل والأزمات، وترفض المعايير الأميركية في السياسة وفي الاقتصاد يسرع الوزير الصهيوني (شمعون بيريز) بطرح نصائحه وتنظيراته بعدم جواز ابتعاد أوروبا عن أميركا وبخاصة في الوقت الحالي، أما بالنسبة لمن يرفض ضرب العراق.

كما عبر بعض المسؤولين العرب وكما كتبت بعض الصحف متخوفة من حدوث السابقة التي تجعل العرب جميعهم في الدور فأن العراق يبادلهم التعاطف بتطمينهم، فهو لم يتبخر عندما حشدت أميركا ثمانية وعشرين جيشا، وعندما ارتكبت خمسة عدوانات بعد العدوان الثلاثيني، كما أن العراق لن يسمح بضياع ما بذل الشعب العظيم من الإبداع والتضحيات وما تمليه الفرصة التاريخية من المسؤوليات.

أديب ناصر
أحدث أقدم

نموذج الاتصال