أبناؤك وغثاء القنوات الفضائية.. التحريض الأبوي على انحلال الأبناء. الاستعمار خرج من شوارع المدن وعاد عن طريق البث المباشر



قد أثبتت الدراسات أن وسائل الإعلام ذات الطابع المرئي – بالصوت والصورة- أبلغ في التأثير على المشاهد من وسائل الإعلام الأخرى كالمقروءة والمسموعة.
ولذلك أدرك أعداء الإسلام أهمية وسائل الإعلام المرئية في عصر من يمتلك فيه هذه الوسائل.

فهذه القنوات تلوث فضاءنا العربي والإسلامي وتقصد النيل من مبادئنا وهويتنا الإسلامية.

وما أجمل ما قال أحدهم: إن الأب الذي أهدى الدش إلى أبنائه إنما هو الذي أهدى أبناءه إلى الدش؛ ليربيهم ويوجههم وفق ما يريد، فحينما يدخل الأب هذا الجهاز لبيته فإنه يكون قد أحضر لأبنائه مدرساً خصوصياً مقيماً في المنزل، وهو بارع في تلقيهم فنون العشق والغرام، فينشأون وقد تحطمت فيهم مبادئ الخلق والعفة والفضيلة.

تقول صاحبة كتاب (بصمات على ولدي):

(أحدث التلفاز تغيراً ملموساً في دور الأسرة،.. حتى إن البعض هداهم الله يعمدون إلى تهدئة صخب أطفالهم بوضعهم أمام التلفاز ولا يعلمون أنهم بذلك يقضون على أطفالهم فالبرامج المعدة للأطفال لها أثر أيما أثر على سلوك الأبناء الديني والخلقي والاجتماعي، ففيها إظهار لشعائر أهل الكفر ورموز دينهم كالصليب والمعابد وفيه نشر للسحر والشعوذة وفيها الأعظم من ذلك كله وهو التشكيك في قدرة الله وخلقه ..

إن الأباء الذين يضعون القواعد الأساسية للنظام وللسلوك في المنزل منذ البداية لا يجدون مشكلة في الابن... ولكن ما إن تبدأ المراهقة حتى يفلت الزمام من يد الأباء قليلاً فالابن يعلن أنه أصبح مستقلاً ومن حقه أن يرى ما يريد وأن يفعل ما يريد.. فيقع الآباء في الحيرة، ويحسم ذلك عمق إيمان الأباء بالقيم الدينية والخلقية، وعلى قدر ثقتهم بذلك تثبت مواقفهم فلا يشعرون بالتردد ولا يقعون في الحيرة)[1]

وقد كان هذا الغزو الفضائي في وقت مضى بالإلماح والإيحاء غير المباشر، أما الآن فالقنوات الفضائية تعج بسيل جارف من القنوات التي تشكك في مبادئ الإسلام وتزعزع الثقة بالله وتنهش الأخلاق من القلوب، وتذهب بالقيم، وتطمس الهوية الإسلامية.

ولم نكن نتصور أبداً أن نسمع بقنوات تعلم السحر وتدعو إليه داخل بيوتنا موجهة لأبنائنا وأبناء الأمة المسلمة التي يأمر شرعها بقتل الساحر ضرباً بالسيف!!

لم يعد غريبا أن يُعلَّم أبناؤنا وبناتنا أصول النصرانية وعقائدها وليس في بلاد الكفر والزندقة، أو في كنائسهم أو أديرتهم، إنما في بيوتنا وبأموالنا!!

ولن أتحدث هنا عن القنوات المتخصصة في التنصير والتي تديرها منظمات وهيئات تنصيرية للدعوة إلى دينهم ولبث الشبهات حول الدين الإسلامي[2].

فهذه القنوات فسادها ظاهر وخطرها واضح ولكن سأذكر لك قناة يكثر المشاهدين لها من الدول العربية بل ويتجاوز المشاهدين لها الملايين، وهي ليست بأقل خطراً من القنوات المخصصة للتنصير..

[ قناة (mbc) فهي تُظهر في قنواتها المتعددة بين  الفينة والأخرى بعض شعائر النصارى، فغالب البرامج فيها لا تكاد تخلو من رؤية الصليب، كما يشاهد صلاتهم في بعض البرامج، وفي برامج أخرى يلجأ الضعيف سواء كان امرأة أو طفلاً بعدما تتكالب عليه الخطوب إلى الراهب في الكنيسة ليخلصه من المشكلة، مما يرسخ للمشاهد في اللاشعور أن الخلاص في مثل هذه الأماكن التعبدية[3].

إن من الخطأ أن نتصور أن الغزو الفضائي غزو أخلاقي فحسب، بل هو حرب على العقائد والقيم مُسيَّسٌ مدروس.

يقول أحد المفكرين ممن سبق وأن أُسْتُعْمِرَتْ بلاده:
إن هذا الاستعمار خرج من شوارع المدن، ولكن سيعود عن طريق البث المباشر، وعودته هذه المرة ليست إلى الأسواق فقط ولكن عاد لشاركنا السكن في بيوتنا، والخلوة في غرفنا، رجع ليقضي على الدين واللغة والأخلاق، كان يقيم بيننا بالكره- يعني الاستعمار- ولكن عاد  لنستقبله بالحب والترحاب، كنا ننظر إليه فنمقته ، أما الآن فنتلذذ بمشاهدته والجلوس معه، إنه الاستعمار الجديد، إنه خطر يهدد الجيل الجديد كله.

وقد انتشر في الآونة الأخيرة ظهور بعض القنوات المخلة بالآداب الإسلامية وكان سبب انتشارها بيع الأجهزة المستقبلة لها في السوق السوداء دون أي تبعات أمنية من قبل السلطة.

وإذا شاهد الأبناء هذه القنوات المستوردة وعكفوا على مشاهدة هذا العفن الفني وتلك البرامج الهابطة والتي تُسَيَّر وفق منهج الفكر الغربي، جعلتهم كالكائن الآلي التي تحركه غرائزه ‍‍‍‌المظلمة المتكونة داخله جرّاء المشاهدة المستميتة لهذه القنوات، حتى تورثه علاقات تناقض وصراع لا علاقات انسجام وعبودية.

ولعلك تفترض أيها الأب اللبيب أن يتولى تربية أهلك وأبناءك غيرك.. فالحذر الحذر ‌‌‌‌‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‌‌‌‌فإنها أمانة التربية ومسؤولية القوامة، وأنت مسؤول عن رعيتها أو إضاعتها.

وليس المجال هنا حديثاً مكتملاً عن القنوات الفضائية وبيان خطرها إنما هي إشارة إلى أمر خطير ينبغي التنبه له.

[1]- بصمات على ولدي. طيبة اليحيى. ص 77.
[2]- مثل: قناة المحبة، وقناة الكرامة، وقناة الروح، وقناة الشفاء، وقناة سات 7، وقناة نور سات، وقناة معجزة.
[3]- أنظر الفضائيات العربية التنصيرية، تركي الظفيري ص 48-49. بتصرف.