بين الحب الحقيقي والحب الزائف .. يدفع الإنسان إلى الحياة وينتشله من الضياع وينير له الطريق

الحب أعزك لله أوله هزل وأخره جد بهذه المقولة بدأ ابن حزم الأندلسي مقدمته الرائعة في كتابه الشهير طوق الحمامة حول الحب والغرام.
وهذا مما يؤكد أن مسألة الحب والغرام ليست وليدة عصر معين بل تمتد جذورها إلى ما قبل التاريخ هناك من أحب من الملوك والأمراء.
فمنهم من مات لأجله وها هو ابن حزم الأندلسي يذكر لنا في كتابه طرائف العشاق ونوادرهم يصور لنا حياتهم شقائهم وسعادتهم.
ومن الحب ما قتل إنها قضية أزلية باقية مادامت شمعة الحياة تضيء بنورها الخافت.
هذه الطبيعة وما عليها كانت ولا تزال الطبيعة مبعثا للحب والإلهام وتزود لقلوب البائسة بأشياء نورانية تغرس فيها الحب والمودة.
لست هنا بصدد تعريف جديد للحب ولا كباحث يستأنف دراسته حول محور جديد لم يسبقه إليه أحد، إنما أريد بهذه  الكلمات المتواضعة وسطورها القليلة أن أضع النقاط على الحروف لأقطف زهرة من كل بستان متجنبا أشواكه  بحنكة ليقطر القلم أصفى رحيق على صفحات القرطاس.
ولا أدعى أيها القارئ أني أصور لك ما عجز عن وصفه الفلاسفة والكتاب والمفكرين ولا أن أبرز لك جوانب مخفية لم تصل إليه أقلام هؤلاء الجهابذة بل سأرسم لك الخطوط على سطورهم حتى تعطي الكلمات لوناَ أخر غير المعتاد.
وللحب أنواع وأشكال يتيه في أفلاكه عديم التجارب هناك حبٌّ من النظرة الأولى لكنها ليست ككل النظرات قد تكون نظرة مسروقة يرف لها الجفن ويزيد لها القلب حفقانه بشكل لم يسبق له مثيل كمن يستشعر الخطر.
إنه هو الحب الذي يتسرب إلى النفوس دون إنذار مسبق.
وأهم من يظن أن الحب يستأذن القلوب قبل اقتحامها قد يكون هذا بمثابة نقطة سوداء في كتب الغرام، ويستمر هذا الحب فترة غير قصيرة إذا كان التفاهم قائم بين الحبيبين بل سيدوم إلى الأبد إن لم يعكر صفوه معكر.
الحب الحقيقي هو الذي لا يتبدل لونه ولا يتغير طعمه ولا تتلون صبغته هو كالأوتاد لا تحركه العواصف ولا تهزه الحوادث.
هو ذلك النبراس الذي يضيء القلوب ويهذب النفوس.
إنه يدفع الإنسان إلى الحياة وينتشله من الضياع وينير له الطريق يحوله إلى رجل معافى سليم من كل الانحرافات.
هذا هو الحب الذي  يسعد به الإنسان ويواصل لأجله الحياة لأنه نابع من منهل صافي .
الحب الزائف هذا النوع من الحب يقوم على المصالح الشخصية.
وهو منتشر في عصرنا في المجتمعات المتقدمة والنامية على حد سواء من جراء العولمة التي تعولم العلاقات الإنسانية والاجتماعية و تمجد المنكرات بعيدا عن الصفات الحميدة.
غالبا ما يكون هذا الحب فاشلاَ وينتهي بالفراق لأنه لم يكن مبنيا على مبدأ الود والتفاهم وإنما كان قائما على المصالح الشخصية ويختفي باختفاء هذه المصالح.
قد يتحول هذا الحب إلى عذاب يؤنب الضمير ويعرض صاحبه إلى أزمات نفسية خطيرة لا تحمد عقباه ويكون سبباً لتدمير حياته.
لذا يجب على المرء أن ينظر إلى نفسه ويبتعد عن المصالح التي  قد تعرضه إلى هذه المشاكل ويرجع إلى فطرته الأولى.
 ومن الحب ما قتل.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال