آه يا زمن العقوق.. الأم تصبح اكثر إزعاجا بعد زواج ابنها الذي يبحث عن طريق للخلاص منها

السؤال:
توفي والدي وأنا على عتبة الوظيفة ثم تبعتني شقيقاتي فتيسرت بفضل الله أمورنا وتزوجنا كلنا ولم يبق سوى أمي وأخي ومن راتبي أنا وأخواتي اشترينا بيتاً وجعلناه باسم أمي.

أخي عمره 24 عاماً وهو شاب هادئ يحب أمي ويحرص على مشاعرها وحينما أراد الزواج كان همه أن تساعده الزوجة على البر بأمي وتكفلنا أنا وأخواتي بجميع نفقة زواجه من المهر إلى الأثاث وخطبنا له فتاة من أقاربنا توسمنا فيها الخير، فقد كان مبدأنا فتاة نعرفها وتعرفنا وتقدر ظروفنا أفضل من أخرى نجهلها.. المهم تزوج أخي قبل عدة أشهر، والآن بدأ يتضح أنه متضايق من أمي .. جاءني اليوم وطلب مني أنا وشقيقاتي أن نجعل الوالدة تتنقل بيننا لتغيير جو كما أننا بناتها أكثر براً بها وأقرب لنفعها وبنفس الوقت زوجته ترتاح وتأخذ راحتها..

أمي امرأة كبيرة السن كثيرة العبادة ولا تحب إطلاقاً الإساءة لأحد أو التدخل في شؤونه وهذا لا أشهد به زورا؛ً بل شهادة الكل، وقد أحضرنا لها خادمة لتتولى خدمتها كما أننا نتكفل بتوفير جميع طلباتها حتى الأشياء الخاصة بالضيافة كالقهوة والشاي؛ وذلك لأن قريباتها وصديقاتها يأتين لزيارتها دائما للاطمئنان عليها.. ولكن أخي أصبح يتضايق من هذه الزيارات مع أن أمي تجلس في جناح منفصل بالبيت وعندها الخادمة وأخي لا ينفق شيئاً من ماله كما أن أمي لا تلزم زوجته بالجلوس معها فغالباً يأتين النسوة ويخرجن وهي بغرفتها أو عند أهلها، كما أنهما يخرجان كثيراً سوياً دون أن تعترض أمي على ذلك.

نصحته وذكرته بالله ولكنه لم يلن فأمر أمي لم يعد يهمه فهي كما يدعي امرأة كبيرة أقرب للآخرة أما هو فيزعم أنه يريد أن يبدأ حياته على أساس سليم دون مضايقات ولا أعلم عن نوعية هذه المضايقات..!! حدثته باللين فلم يستجب فهل نستخدم معه أسلوباً آخر فالبيت لأمي ولو أن هناك احتمالاً لخروج واحد منه لخرج هو وبقيت أمي..

أهذا هو جزاء هذه الأم التي أفنت عمرها وهي تربيه وترعاه ؟!.. آه.. يا زمن العقوق.. نحن لا نريد منه شيئاً .. المهم أمي .. ونحن مستعدون بالتكفل بكل شيء.. كل ما أخاف منه أن يصل لأمي شيء من تضايق أخي منها.. زوجة أخي عادية ولا يظهر عليها خير أو شر.. ترددت في محادثتها..؟ فأرجو الرد بأسرع وقت فأنا أكتب لكم الرسالة ودموعي تسبقني.

الجواب:
لقد أحسنت صنعاً ـ أيتها الأخت ـ بمناصحتك لأخيك وتذكيرك له بحق أمه عليه وواجبه نحوها، وأرى أن تكرري النصيحة والتذكير بسوء عاقبة من آثر صحبة زوجه أو غيرها على والديه المسلمين وقد جاء رجل للرسول صلى الله عليه وسلم فقال: "من أحق الناس بحسن صحابتي؟
فقال صلى الله عليه وسلم أمك.
قال: ثم من؟
قال: أمك، قال: ثم من؟ قال أمك.
قال ثم من؟ قال: أبوك" ومن أولئك الذين استثقلوا والديهم فهجروهم، فهجرهم أبناؤهم بعد ذلك جزاء وفاقاً، ومن عجيب ما قرأت قصة ذلك الابن الذي ضاق ذرعاً بسكن والده الكبير معه في البيت فحمل الابن أباه وألقاه في بيت مهجور ولم يجعل عنده حتى ما يفترشه وينام عليه، وعاد الابن فرحاً مسروراً إلى بيته وقد خلى له الجو مع زوجته.. وتمر السنون ويرزق هذا الابن بولد عاق حمل أباه ـ بعد أن احدودب ظهره وشاب شعره ـ فألقاه في بيت خرب وجعل تحته فرشاً ينام عليه، فبكى الأب وقال لابنه: يا بني خذ الفراش من تحتي فإني فعلت بأبي كما فعلت بي غير أني لم أجعل تحته فراشاً!!

إذن كما تدين تدان ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون ثم ـ بعد ذلك ـ أرى أن تبحثي عن سر هذا التحول الذي طرأ على أخيك، وعن طبيعة تلك المضايقات التي ذكرها، ولا مانع من الحديث مع زوجة أخيك وسؤالها عن تلك المضايقات لكي تحاولي أن تعالجيها.

كما أحب أن تؤكدي على أخيك أن الولد أحق وأولى بضم والدته إليه ورعايته لها وسكنه معها من سكن الأم مع أزواج بناتها؛ ذلك لأن الابن ملزم شرعاً بالإنفاق على والديه بخلاف زوج البنت، فإن لم يستجب لنصحك فلا بأس بعرض الموضوع على أخواله أو أعمامه ليقوموا بمناصحته فربما استجاب لهم أكثر من استجابته لك، إن لم تفلح جيمع الحلول، ولم يستمع لنصح الناصحين، فلا خيار من طرح فكرة أحقية والدتك بالسكنى في البيت بأسلوب رفيق حكيم والله تعالى أعلم.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال