الحرب النفسية الصهيونية ضد قطاع غزة.. إسقاط الحكومة الفلسطينية في غزة وخروج المواطنين إلى الشوارع للتنديد بالمقاومة

استمرت الحرب النفسية ضد قطاع غزة بعد انتهاء الطيران الحربي الصهيوني من توجيه الضربة الجوية الأولى التي كان يفترض من ضمن الأهداف الصهيونية التي وضعت لها أن تؤدي إلى صدمة قوية ونتائج كبيرة، في مقدمتها إسقاط الحكومة الفلسطينية في غزة، وخروج المواطنين إلى الشوارع للتنديد بالمقاومة، فضلاً عن الخسائر الفادحة التي توقع العدوان أن تنزلها هذه الضربة ببنية المقاومة وجاهزيتها لصد العدوان. لكن هذه الأهداف فشلت، ولم يتحقق منها أي هدف فلجأ الصهاينة إلى الاستفادة من نتائج الضربة للتلويح بما بعدها واستخدام الترهيب من خلال القول إن هذه الضربة ليست سوى البداية. وظهر قادة الكيان الإرهابي الصهيوني أمام الإعلام وأعلنوا أن هذه الحرب ليست ضد قطاع غزة بل ضد حركة (حماس) وأن الصهاينة سيتجنبون إيذاء المدنيين أو التأثير عليهم. والحقيقة أن الهجوم ضد المدنيين لم يكن قد بدأ بعد بل كانت المرحلة هي مرحلة استهداف المقرات الأمنية والحكومية ومكاتب حركة (حماس) لكن الحرب لم تلبث أن تطورت بسرعة وخلال ساعات لتشمل كل شيء في قطاع غزة. وكانت الحرب النفسية جزءاً أساسياً من هذه الحرب وتهدف إلى التأثير على معنويات المواطنين والمقاتلين في غزة من خلال ما يلي: 
استخدام الأسلحة التقليدية الجوية والبرية والبحرية بكثافة غير مسبوقة وبشكل مفرط، وتطور الأمر في مراحل لاحقة إلى استخدام أسلحة محرمة دولياً ضد المدنيين، وذلك لإضعاف روح الصمود لدى المقاومين، وفي الوقت نفسه الضغط عليهم من خلال التأثير على المدنيين والتنكيل بهم. وبطبيعة الحال المدنيون هم أهل المقاومين وأقاربهم وما يصيبهم يصيب المقاومة في صدرها، ومن هنا استخدم الصهاينة القوة العسكرية لتحقيق أهداف نفسية أكثر منها لتحقيق أهداف عسكرية. 
الضغط على الجانب الإنساني من خلال تدمير مخازن الغذاء المتبقية ومحطات الوقود وتعزيز الحصار وإغلاق المعابر وقطع الكهرباء والماء وتدمير مستودعات الدواء وتحويل القطاع إلى جحيم كامل تضاءلت فيه فرص البقاء إلى الحدود الدنيا. وزاد من تأثير هذه العوامل الضاغطة إغلاق مصر العلني الواضح وبلسان رئيسها وعلى شاشات الفضائيات معبر رفح بعد أن اعتقد كثيرون من حسني النية أن الضغوط الرسمية والشعبية الكبيرة على القيادة المصرية ستؤدي إلى فتح المعبر. 
تقطيع أوصال قطاع غزة، ما ساهم في فقدان المواطنين لإمكانية التواصل والحصول على حاجاتهم الضرورية على قلة توافرها من خارج مكان إقامتهم، وكذلك خسروا إمكانية الاستفادة من خدمات المشفى الوحيد الذي بقي يعمل في القطاع وهو (مشفى الشفاء) وضاعف من هذه الأزمة استهداف سيارات الإسعاف والمستوصفات والطواقم الطبية رغم ضعف الإمكانات الطبية واستخدم الصهاينة أسلوباً ضاعف من آثار هذه العملية وهو قيام قوات الاحتلال بقصف بعض الأماكن لتهجير سكانها، ثم تقوم بعد ذلك بقصف الأماكن التي نزح المواطنون إليها (مدرسة الفاخورة مثلاً). 
إبراز تصريحات بعض قادة الصهاينة بأنهم مستمرون في العملية حتى تحقيق أهدافها. ويأتي هذا الكلام مدعوماً بتشديد القصف مع التهديد باستخدام المزيد من القوة وصولاً إلى التهديد باستخدام السلاح النووي. 
محاولة إظهار وهن وضعف المقاومة من خلال أعداد الصواريخ التي تطلقها حيث ادعت المصادر الصهيونية أنها توقعت 200 صاروخ يومياً وكذلك من خلال الحديث عن الوتيرة اليومية غير المنتظمة للصواريخ. وضمن هذه المحاولات جاءت ردود فعل قادة الصهاينة على تصريحات قادة المقاومة، وخاصة تصريحات السيد إسماعيل هنية رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة التي ركز فيها على الجانب الروحي والإيماني في الصمود وتحقيق النصر. وفي هذا السياق أيضاً تأتي عمليات اغتيال قادة ورموز المقاومة ضمن صراع خفي بين الصهاينة والمقاومة يهدف إلى إضعاف الأخيرة وتحقيق إنجازات لها طابع مخابراتي أمني ويؤدي إلى خلخلة الصفوف، وزيارة حجم الآلام والمعاناة الفلسطينية، وتوسيع دائرة القتل، لتشمل مختلف قطاعات الشعب الفلسطيني في غزة من القاعدة وحتى رأس الهرم. 
بث الشائعات والأخبار المشبوهة والمضللة، وخاصة تلك التي تدعي نشوء خلافات بين قادة (حماس) في الخارج وفي غزة وكذلك محاولة زرع الشقاق بين الجماهير والمقاومة وتحديداً قادتها من خلال الترويج لهروب قادة المقاومة إلى مصر أو هروبهم إلى الملاجئ وتركهم لأبناء شعبهم يموتون تحت القصف، أو أن قادة (حماس) في دمشق يتنعمون في فنادق خمس نجوم فيما يتضور أبناء غزة جوعاً ويعيشون أهوالاً لا تصدق. وبلغ الأمر إلى حد اتهام المقاومة باستخدام المواطنين كدروع بشرية، الأمر الذي كذبته الصور التي بثها الصهاينة أنفسهم على شاشاتهم. 
لم يكتف الإرهابيون الصهاينة لتحقيق هذه الأهداف باستخدام الإعلام المرئي والمسموع والدخول على بث (فضائية الأقصى) بل استخدموا المناشير بأعداد كبيرة وخاصة في المنطقة الحدودية من رفح، وبشكل عام طلبت المناشير من المواطنين ترك المنازل تمهيداً لقصفها واللجوء إلى أماكن آمنة، وهي خطة خبيثة لبث الذعر، لأنهم لم يتركوا مكاناً آمناً في غزة. وبعض المناشير زعمت أن الصهاينة لا يستهدفون الشعب الفلسطيني ومعركتهم مع (حماس) فقط وهذه أيضاً لم تؤد المطلوب، لأن جميع سكان غزة شهدوا قتل المدنيين، بل وإعدامهم انتقاماً للفشل في النيل من المقاومة. وهنا لابد من الإشارة إلى أداة جديدة استخدمها الصهاينة في حربهم النفسية وهي رسائل الهاتف الجوال (الخليوي) والمكالمات المباشرة مع المواطنين للتأثير على معنوياتهم ولاستدراجهم لمعرفة أماكن المقاومين. 
الأداء المتكامل للإعلام الصهيوني وللمراسلين الحربيين في جيش الاحتلال مع قادة الجيش والسياسيين من بيريز إلى أولمرت وليفني وباراك واشكنازي وتبادل الأدوار والتصريحات والتشويش الإعلامي في ظل تعتيم إعلامي شديد على الخسائر الصهيونية، وتكتم على مجريات العمليات العسكرية ونتائجها حتى على الصعيد الفردي. وهنا نؤكد على ملاحظات في الأداء الصهيوني تبدأ من محاولات التهويل المستمرة بزيادة حجم المجزرة والمحرقة الصهيونية من خلال الحديث عن حرب برية لأيام عدة، ثم الحديث عن مرحلة ثانية أو ثالثة، واستدعاء المئات من ضباط وجنود الاحتياط وزجهم فوراً في الحرب العدوانية، وهي أمور عسكرية لا تطرح عادة في وسائل الإعلام ولكنها نشرت في أثناء العدوان لهدفين: الأول، طمأنة الشارع الإسرائيلي وزيادة الثقة بجيش العدوان ولزيادة الضغط النفسي على قيادة المقاومة وبث الخوف في صفوف المقاومين من تطورات غير متوقعة. ولهذا الهدف أعلن عن أطنان من الذخائر الأمريكية التي ستنقل إلى الكيان الصهيوني من اليونان وهذه سابقة في التعامل مع هذه الأمور. 
وضمن الحديث عن الأداء السياسي الصهيوني يأتي الحديث عن الخلاف بين ثلاثي الحكومة الأمنية والصهيونية أولمرت ـ ليفني ـ باراك بشأن الاستمرار بالعدوان أو إيقافه على خلفية مصالح شخصية مفترضة لكل منهم والهدف منها إعلامي للتشويش على أخبار المجازر في غزة وليس خلافاً جوهرياً حقيقياً.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال