دور القصة في تنمية القدرات العقلية للطفل.. تنشيط خيال الطفل وتنمية قدراته العقلية

منذ صيحة جان جاك روسو (اعرفوا الطفولة)، بدا الاهتمام بالطفل، وثقافته... لأن ثقافته هي جزء من ثقافة المجتمع. الشيء الذي دفع بالجمعية العامة للأمم المتحدة في 20 نوفمبر 1959 الإعلان عن حقوق الطفل.

وقد اعتبرت الثقافة على أنها: (جماع السمات الروحية والمادية، والفكرية، والعاطفية التي تميز مجتمعا أو فئة. وأنها تمنح الإنسان قدرته على التفكير السديد، والتعبير عن نفسه) (د. يوسف حسن نوفل، القصة وثقافة الطفل، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1999، ص:10).

من هذا المنطلق تحددت مجالات ثقافة الطفل، والتي تعددت بين: (الحفاظ على التراث وحمايته، والحث على الإبداع، واستغلال أوقات الفراغ، والتنبه للغزو الثقافي تبعا لقاعدة أن الضعيف ينجذب إلى القوي، ويميل إلى تقليده، مع عدم إغفال مبدأ تفاعل الحضارات على نحو ما تشير مونيكا هنتز، في كتابها: (رد الفعل ضد الغزو)). (د. يوسف نوفل، المرجع نفسه، ص: 9/10).

ومن وسائل ثقافة الطفل ونواقلها، نجد القصة: ففي المؤسسة، وعلاقة الوالدين والإخوة، تأتي حكايات الأجداد والآباء، والكبار، وحكايات الخبرة اليومية المتجددة. وعلى المستوى المطبوع من كتب الأطفال، والمجلة والصحيفة، والجريدة، والنشرة والدورية، والسلسلة، نجد- إحصائيا- القصة منزلة الصدارة.

وعلى المستوى المسموع والمرئي من الإذاعة والتلفزيون، والسينما، والمسرح، والمسرح المدرسي في وسائل الاتصال الجماعي، والفيديو، وشرائط( الكاسيط)، وبخاصة شريط الأطفال- في ذلك كله- نجد القصة.

والطفل يجب أن نجعله يستأنس بالكتاب منذ صغره، ولو أنه اليوم وسائل المعرفة تطورت كثيرا، وتنوعت، وزاحمت الكتاب..

والطفل يهتم بالقصة، لما فيها من اتصال بالإبداع، والهوية، والهواية، وملء الفراغ،والإمتاع، والتسلية، وإشباع الحاجات، وتأكيد الذات، والمعلومات، والعلاقات، واللغة، والقيم، والذوق، والاستقلالية، والمهارات.

ولو أن التلفزيون يؤثر بدرجة كبيرة على القراءة، خاصة وأن الطفل يقضي وقتا طويلا أمامه، لأنه يعتبره مصدره الثقافي... وصار التلفزيون قوة تربوية رابعة.

فهو يقدم القصة من خلال مجالات متنوعة: الترفيه،التسلية، والرسوم المتحركة، وبرامج الأطفال، رغم طابعها الأجنبي..

كما أن الأغنية لها تأثير على الأطفال، خاصة إذا كانت تتناول قصة كموضوع، أو العكس، القصة توظف الأغنية، والطفل يعجب بالقصة لاعتبارها لونا من ألوان اللعب الإيهامي، كما يعتبرها نوعا من الحلم..

والقصة الموجودة للطفل يجب أن تراعي مراحله التي هي بين:

1- مرحلة الواقعية، والارتباط بالبيئة (3- 5 سنوات):
وهي سن ما قبل المدرسة... ويميل الطفل فيها إلى المحاكاة، وتمثيل القصص، وتقليد الناس.

2- مرحلة الخيال المنطلق (6- 8 سنوات):
حيث يظهر الإبداع ن والتركيب المرح، والميل إلى محاكاة المغامرين.

3- مرحلة البطولة (8-12 سنة):
حيث الاقتراب من الواقع، والميل إلى قصص الشجاعة والمخاطرة، والرحلة، والاكتشاف.

4- مرحلة المثالية ( 12- 15):
يتم فيها الانتقال من الاستقرار العاطفي النسبي، إلى العاطفة المختلطة بالمغامرة.
وتقل في هذه المرحلة الواقعية، وتزيد المثالية، وتبرز في هذه المرحلة أحلام اليقظة.

كما يجب أن تتوفر القصة على مجموعة من القيم الوجدانية، والمعرفية، والروحية، وأن تتوفر على معلومات، والذوق العام.

والمربي (ة)، عندما يعتمد قصة في دروسه، أو يسمع تلاميذه قصة، عليه أن يحسن الاختيار، وأن يجيد فن الإلقاء، معتمدا على التشويق، والإثارة لجلب انتباه التلاميذ، وإمساك انتباههم طويلا...

كما عليه أن يكون ركنا للقصةـ تتنوع كتبها حتى يجد فيها الطفل الذي يحسن القراءة ضالته، أو تكون عبارة عن صور يتأملها الطفل، ويستوعب من خلالها القصة.

والقصة المختارة يتم تنشيط خيال الطفل من خلال حكايتها. كما أن لعب الأدوار أو التمثيل الإيهامي المقنن يساعد الطفل على تنمية قدراته العقلية.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال