الإدمان على القات.. قيود الإدمان وراء قضبان القات الفولاذية

كثيراً ما نرى أو نسمع عن منظمات ومؤسسات دأبت دوماً على الدفاع عن حقوق السجناء السياسيين والمعتقلين من أجل حرية القول وما تمارسه هذه المؤسسات من ضغوط على الحكومات والأنظمة التي تنتهك الحقوق المدنية ولا تكفل حرية القول، ولكن لم نر من يدعو إلى إطلاق سراح سجناء القات أو من يتبنى قضيتهم ويسعى من أجلها.

وقبل هذا وذاك لعل كثيراً من القراء لا يعترف بهم كسجناء وراء القضبان يفتقدون الحرية وهذا إجحاف بحقوقهم المشروعة وممارسة التمييز ضدهم فهم كغيرهم من السجناء يفتقرون طعم الحرية.

إذا كان معنى الحرية لا يعدو أن يملك الإنسان حرية إتخاذ القرار في تصريف شؤون حياته دون أن تفرض عليه قيود تمنعه من ذلك أو تجبره على فعل ما لا يرضى به.

فإن أغلب المتعاطين للقات يخضعون لأسر القات ولا يقدرون على التخلص من أغلاله، حيث يقبل المدمنون على تعاطيه كل يوم بعد أن استيقنوا أضراره وأدى بعضهم إيماناً مغلظة للتخلي عنه واستخلص آخرون من قواميس السبّ جميع ألفاظ الشتائم وقذفوه في وجهه - مما يستوجب من القات أن يرفع دعوى قضائية ضد هؤلاء - ومع ذلك لا يتورع المخلصون منهم تخصيص راتبهم لحساباته دون نفقات الأسرة.

كما تفرض عادات تخزين القات على المتعاطين الإقامة الجبرية في مجالسه لساعات طويلة من أجل بلوغ نشوة (المرقان) على حساب بلوغ المرام.

وبعد الفراغ من التخزين يسعى القات إلى  سلب شهية الشخص للطعام وحاجته للنوم الهانئ، كما سلب حرية إرادته عند شراءه.

وفي الصباح التالي يمارس ضغوطه على متعاطيه لإبقائهم رهن الاعتقال فوق أسرتهم إلى أن يحين أو يقترب موعد اللقاء به وذلك بهدف تقليل فترات إخلاء السبيل التي قد لا يستمتع الشخص بحرية فيها مع ما يشعر به من خمول وعجز وتعب ويقبض القات معتقليه بصورة جماعية دون استخدام العنف وسيلة للاعتقال وإنما عن طريق تحريك مفعول "الحرارة" في النفس وهي رغبة جامحة تدفع بالمرء إلى اقتناء القات بأي ثمن كان.

وبهذه الطريقة ينقاد للأسر طواعية ويتيح استعمال العنف فقط عند من لم يستجيب لهذا المفعول المطور ويجرب طريق العصيان حتى ليوم واحد وقتئذ تنهال عليه ضرباته الموجعة وهو في أضعف حالاته عندما يخلد للنوم ويتسبب أيضاً بإلحاق الخلل في جهاز الهضم وظهور بعض الأعراض المرضية لإلزامه بالطاعة كرهاً.

وتكون غالباً ظروف معتقلاته سيئة إذ تكتظ بالمعتقلين وتنعدم فيها تهوية جيدة وتصبح مكاناً ملائماً للتدخين وتقل فيها مواصفات السجن العصري.

وهذه السجون لا توجد في البلدان التي لا تقيم وزناً للحرية وحدها بل تقام في أكثر الدول ديمقراطية وحرية مثل إنجلترا وهولندا وغيرها ويعتقل فها الأحداث كغيرهم من الكبار ما داموا يتناولون القات بصرف النظر عن عدم بلوغهم سن الرشد.

وبخلاف غيرهم من السجناء فإن سجناء القات لا يستفيدون من صدور أي مرسوم رئاسي للعفو عن السجناء في المناسبات الوطنية والأعياد بل يتم إحكام القبض عليهم بدواعي إحياء هذه المناسبات عن طريق تخزين القات بلا هوادة.

وبعد هذا الكلام كله ألا تتفقون معي أن هناك سجناء آخرون ليسوا في السجون التقليدية وإنما يقبعون وراء قضبان القات الفولاذية.
فمن يطلق سراحهم؟
أحدث أقدم

نموذج الاتصال