تتمثل العوائق الذهنية للتواصل في:
1- ضعف الحافز على التعلم أو فقدانه فإذا لم يقتنع المتلقي بحيوية الخطاب الموجه إليه والقضايا والمسائل المطروحة عليه ولم يجد فيها ولم يجد فيها ما يثير اهتمامه ويغريه بها فإنه لا يقبل عليها ولا يشغل باله بها جديا، فينقطع التواصل أو يمتنع من أساسه.
هذا العائق واحد من العوائق المهمة التي يعاني منها تدريس التربية والتفكير الإسلامي، فكثير ما يعتقد مدرسونا أن ارتباط قضايا الدرس بالإسلام كاف لإثارة اهتمام التلاميذ بها وجذبهم إليها، وهو خطأ ينبغي التفطن إليه والعمل على تلافيه، فلكل درس حوافزه الخاصة التي ينبغي أن يعرفها الأستاذ ويعمل على توفيرها، وفي مقدمة هذه الحوافز جعل تلك القضايا والمسائل قابلة للتحليل، والمناقشة، تتسع لاستحضار البعد النقدي وتحقيق الإضافة النوعية، وتوفر للتلاميذ مجالا للنشاط الذهني، والشعور بالذات.
2- عدم تناسب الموضوع والقضايا المطروحة على التلاميذ مع مستواهم الذهني سواء كانت فوق مستواهم بما تمثله من صعوبة بالغة، أو كانت دون مستواهم بما فيها من سهولة بالغة.
3- المكتسبات الماقبل علمية أو الماقبل مدرسيّة وهي جملة الأفكار والتصورات التي يملكها التلاميذ عن الموضوع مسبقا صحيحة كانت أو غالطة، وكذلك ما يملكه التلاميذ من معلومات ومواقف وأحكام وقيم تتعلق بمسائل الدرس، وكانوا قد استقروا من محيطهم العائلي والاجتماعي.
ولئن كان هذا العائق مشتركا بين جميع المواد فإنه أكثر خطورة واشدّ تأثيرا في دروس التربية والتفكير الإسلامي بسبب ما اختلط بإسلام العامة من عادات وتقاليد وعقائد وممارسات محسوبة على الإسلام وليست منه، ولذلك فهي تتصادم مع الأحكام الفقهية الصحيحة ومع مبادئ الحضارة الإسلامية القويمة، ربما تحمل التلاميذ على الوقوف منها موقف الرفض، الأمر الذي يحتم على مدرس التربية والتفكير الإسلامي أن يحتاطوا لها ويستعدوا لمعالجتها ومساعدة تلاميذهم على تجاوزها وفق خطوات متدرجة على النحو التالي:
أ- تمهيد الدرس بحفز التلاميذ على إظهار تصوراتهم ومكتسباتهم الماقبل مدرسية، وإخراجها وتعويدهم على الصدق في التصريح بها دون حرج ودون خوف أو تأثّم.
ب- مساعداتهم بواسطة الحوار والاستجواب على غربلتها والتمييز بين ماهو صحيح منها وما هو غالط.
ج- إقناع أصحاب التصورات والمعارف الخاطئة والمفاهيم الغالطة بخطأ ما لديهم.
د- إعانتهم على التخلّص من أخطائهم المعرفيّة والفكريّة والعقديّة.
هـ- مساعدتهم على تنظيم مكتسباتهم السليمة وإعادة بنائها قبل البدء في تمرير مكتسبات جديدة.
4- اختلاف المرجعيّة التي يستند إليها المتلقي يبني عليها فهمه عن المرجعيّة التي ستند إليها المدرس، فقد يفهم بعضنا أن الإصلاح لا يأتي إلا بعد الفساد، ويفهم الآخر الإصلاح على أنه التغيير نحو الأفضل، ولو لم يسبقه فساد، ومن هنا يتعذر التواصل الفكري والبيداغوجيبين من يفهم الإصلاح على أنه مجرد ترميم للموجود، بين من يفهمه على أنها حركة ترقية وتغيير لا يمكن أن تتوقف.
5- عجز الملتقى عن فك الترميز وفهم الإشارات المكونة للرسالة.
6- اختلاف انتظارات المتلقي عن انتظارات الباث وهو النتيجة الطبيعية للتصور الذهني الذي يحمله التلاميذ عن المدرس وعن مادة تدريسه، فكثيرا ما يخفق المتعلمون في التعبير عن الاستجابة ويجهضون العملية التواصلية بسبب خطئهم في تصور ما ينتظره منهم أستاذهم.
من ذلك أن النسبة الغالبة من تلاميذنا يتصورون دروس التربية والتفكير الإسلامي دروس نقل وتسليم وتمجيد للماضي، ويتصورون ويتصورون أستاذ التربية والتفكير الإسلامي عدوا للنقد والمناقشة، رافضا لكل إضافة، ويتعاملون مع المادة ومع أساتذتها من هذا المنطلق، الأمر الذي يجعل التواصل في دروس هذه المادة شكليا زائفا، ويحتم على الأساتذة إصلاح هذا التصور الخاطئ الذي يعشش في أذهان تلاميذهم.
التسميات
عوائق التواصل