القنوات الفضائية والشباب.. غزو ثقافي واستلاب للشخصية. تردي الأوضاع الأخلاقية وانتشار الثقافة المنحلة الفاضحة



إن تواريخ الأمم والشعوب ثابتة لا تتغير بأي حال من الأحوال، ولكن الظروف والحضارات المتعاقبة والتي قد تتعايش بها الأمم والشعوب القاطنة على وجه هذا الأرض هي التي تتغير إما إلى الأحسن أو إلى الأسوأ، بحيث أصبحنا نقيس اليوم تقدم أي أمة بالتطور الحضاري والثقافي والعلمي الذي قد تمر بها..

ونحن إذ نعيش اليوم بهذا العصر الذي أصبح له مسميات عديدة، عصر تكنولوجيا المعلومات والاتصال والأقمار الصناعية، إذ تحول العالم بفضل هذه التكنولوجيا المعلوماتية إلى قرية كونية، مما أدى إلى أن تتداخل الثقافات والعادات.

وانطلاقاً من هذا، أصبحت الدول الأكثر تقدماً أو ما نسميه اليوم الدول الغربية الكبرى تقوم بتصدير ثقافتها وعاداتها إلى عالمنا الشرقي مما أدى إلى ظهور ما نسميه أو ما يطلق عليه اليوم الغزو الثقافي أو الفكري والتي أصبحت تعاني منه شعوبنا المغلوبة على أمرها.

بيد أن هذا الغزو الثقافي المباشر إنما يمر عبر القنوات الفضائية الغربية والشبكة المعلوماتية الدولية "الانترنت" والتي قد أصبحت اليوم مفتحة للجميع، وبالتالي، فإن هذا الغزو الثقافي قد أفرز إشكاليات وعادات وطبائع غربية داخل شعوب العالم العربي والتي كانت في السابق معروفة بتمسكها عاداتها وتقاليدها الأصلية المحافظة.

وفي ظل هذا الغزو الثقافي المباشر، ونتيجة ذلك أصبحت تعاني أمتنا الإسلامية اليوم.. من تردي الأوضاع الأخلاقية، حيث صارت الثقافة الغربية المصدرة هي السائدة والمتحكمة في رقابنا.

ونتيجة لذلك ساعد في انتشار الثقافة المنحلة الفاضحة والتي لا تمت بأية صلة لتقاليدنا الأصيلة وديننا الحنيف، مما أدى اليوم إلى أن تعاني شعوب الأمة الإسلامية زعزعتاً في استقرارها الثقافي والأخلاقي، حيث ظهرت في الساحة اليوم ظواهر اجتماعية غريبة ودخيلة لم تكن موجودة في السابق.

بيد أن هذه الظواهر الغريبة إنما تتم عبر ما يسمى اليوم بالقنوات الفضائية والسماوات المفتوحة، مما قد أصبح بالإمكان على الشاب أو الشابة المراهقين أن يتابع بدون أدنى مشقة كل ما ينشر أو يبث عبر تلك القنوات والشبكة العنكبوتية.. من أفلام وفضائح وصور وعادات لا تمت بأي صلة من ديننا الحنيف.. وهذا أدى بدوره إلى أن تسوء أخلاقيات أبناءنا وشبابنا.

إذن فالسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو ما السبيل وما هي الإمكانيات التي نمتلكها لمواجهة هذا الغزو الثقافي المباشر المدمر في هذا الصدد، فإني قد أشير هنا وبدون تفاصيل، بأن العالم الإسلامي قد أصبح اليوم هو أيضاً واعياً تجاه هذا الغزو المباشر، مما جعل القيام بإعداد وعقد ندوات ومؤتمرات وأبحاث حول هذا الموضوع تستهدف إيجاد حلول في كيفية تجاوز الأزمة الثقافية التي أفرزتها الثقافة الغربية الغازية والسائدة في المنطقة.