المرض والانقطاع عن العمل.. انقطاع الطاعن عن العمل انقطاع مبرر نتيجة إصابته بمرض عقلي جعله يفقد التمييز في أغلب الأوقات

بتاريخ 20 ذي الحجة 1419 موافق 7 أبريل 1999 أصدرت المحكمة الإدارية بمراكش وهي متكونة من السادة:
محمد نميري: رئيسا
عبد الحميد الحمداني: مقررا
المصطفى الدحاني: عضوا
بحضور السيد يوسف الصواب: مفوضا ملكيا
وبمساعدة السيدة لطيفة خربوش: كاتبة للضبط.

الحكم الآتي نصه:
 + بين:
السيد شيكون عبد النبي
الساكن بالمسيرة 1 حرف د رقم 271 الحي الحسني مراكش الجاعل محل المخابرة معه بمكتب الأستاذ عبد الصمد الطعارجي المحامي بهيئة مراكش.
من جهة

+ وبين:
- السيد الوزير الأول بمكاتبه بالوزارة الأولى بالرباط؛
- السيد وزير التربية الوطنية بمكاتبه بالرباط؛
- السيد الوكيل القضائي للمملكة بمكاتبه بوزارة المالية بالرباط.
من جهة أخرى

الوقائـع:
بناء على عريضة الطعن الموضوعة بكتابة ضبط هذه المحكمة بتاريخ 12/2/1998 التي يعرض فيها أنه كان يعمل كأستاذ للسلك الأول بثانوية الورود بقلعة مكونة بإقليم وارززات وأنه منذ حوالي سنتين بدأ يعاني من أعراض أزمات نفسية وبدأت وضعيته الصحية في التدهور منذ بداية 1997 وقد كان طيلة مدة مرضه يدلي للسيد المدير بشـواهد طبية تبرر انقطاعه عن العمل، كما أنه توصل بواسطة أسرته باستدعاء لحضور مجلس تأديبي بتاريخ 24/6/1997 وقد أدلى أثناء انعقاد المجلس المذكور بملفه الطبي لتبرير الانقطاع عن العمل، كما أنه خلال شهر ماي 1997 حاول استئناف عمله غير أن السيد المدير منعه من ذلك ورفض تسلم الشهادة الطبية التي تبرر غيابه السابق، ومع حلول الموسم الدراسي 97/98 وبالضبط يوم 16/9/1997 تقدم بعد أن شفي من المرض إلى مقر عمله لتوقيع محضر استئناف العمل فبلغ من طرف المدير بقرار العزل رقم 1091/5 وهو موضوع الطعن بالإلغاء اعتمادا على الوسيلتين الآتيتين:
1- خرق مقتضيات الفصل 75 مكرر من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية وذلك لأنه لم يتوصل بالإنذار المشار إليه في قرار العزل الذي لم يشر إلى تاريخ توصله به ولا إلى طريقة هذا التوصل مما يشكل إخلالا بإجراء جوهري.
2- انقطاع الطاعن عن العمل انقطاع مبرر نتيجة إصابته بمرض عقلي جعله يفقد التمييز في أغلب الأوقات.
ويلتمس لأجله الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه.
وبناء على مذكرة جواب الوكيل القضائي بصفته هذه ونيابة عن باقي المطلوبين في الطعن التي يدفع فيها بأن الإدارة احترمت الإجراءات المنصوص عليها في الفصل 75 مكرر من القانون الأساسي للوظيفة العمومية وأن الطاعن ترك عمله ولم يدل بأي عذر يبرر غيابه لعدم إثبات إدعائه بتسليم الشواهد الطبية إلى الإدارة وذلك بنسخ الإيصالات المنصوص عليها في المذكرة الوزارية الصادرة بتاريخ 7 ماي 1979 تحت عدد 128.
وبناء على التقرير الكتابي للسيد المفوض الملكي الذي جاء فيه بأن القرار المطعون فيه غير مشوب بأي عيب يبرر إلغاءه  لأن الإدارة سلكت مسطرة الفصل 75 مكرر من ظهير 24/2/1958 المتعلق بالوظيفة العمومية وبأن الطاعن لم يثبت بأنه بعث بكافة الشواهد الطبية المثبتة لحالته الصحية إلى الإدارة حتى تتمكن من ممارسة حقها في القيام بالمراقبة اللازمة المخولة لها بمقتضى الفصل 42 من الظهير المذكور.
وبناء على باقي مذكرات الطرفين ووثائق الملف.
وبناء على الأمر بالتخلي وتبليغه إلى الطرفين مع الإعلام بإدراج القضية بجلسة 24/3/1999 وفيها تخلفا رغم التوصل.
وبعد أن تلا السيد المفوض الملكي تقريره تقرر حجز القضية للمداولة والنطق بالحكم لجلسة يومه.
وبعد المداولة طبقا للقانون.

التعليل:

في الشكل:
حيث يدعي الطاعن أنه بلغ بالقرار المطعون فيه بتاريخ 16/9/1997 عند افتتاح الموسم الدراسي ولا دليل على تاريخ تبليغه إليه فعلا.
وقد ثبت من وثائق الملف أنه تظلم بعد ذلك إلى السيد وزير التربية الوطنية بتاريخ 7/11/1997 وأن هذا الأخير توصل به بتاريخ 11/11/1997 والتزم الصمت بشأنه مما يكون معه رفع الطاعن طلب الإلغاء إلى هذه المحكمة بتاريخ 12/2/1998 واقعا داخل الأجل القانوني طبقا للمادة 23 من القانون المنظم للمحاكم الإدارية.
وحيث أن عريضة الطعن مستوفية لباقي الشروط الشكلية الأخرى فيتعين قبولها.

في الموضوع:
حيث أن الدعوى ترمي إلى الطعن بالإلغاء لتجاوز السلطة ضد القرار الصادر عن السيد وزير التربية الوطنية بتاريخ 28/6/1997 تحت رقم 1091/5 القاضي بعزل الطاعن والتشطيب عليه من أطر الوزارة بناء على مغادرته عمله منذ 30/4/1997 وعدم الالتحاق به رغم رسالة الإنذار الموجهة إليه بتاريخ 19/5/1997.
1- بالنسبة للوسيلة الأولى المتعلقة بخرق مقتضيات الفصل 75 مكرر من النظام العام للوظيفة العمومية:
حيث ثبت من القرار المطعون فيه أنه اتخذ بناء على مقتضيات الفصل 75 مكرر من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية الذي يقضي بأنه في حالة ترك الموظف الوظيفة بدون إذن قانوني فإنه ينذر رسميا من أجل العودة إلى عمله خلال سبعة أيام الموالية لتاريخ توصله بالإنذار.
وبعد انصرام الأجل بدون عودته تتخذ في حقه بدون استشارة المجلس التأديبي عقوبة العزل مع إيقاف حقوقه في التقاعد أو بدونه.
وحيث ثبت من وثائق الملف أن مدير المؤسسة التي يعمل بها الطاعن حرر إعلانا بانقطاع الطاعن عن العمل ابتداء من تاريخ 30/4/1997 وأن الإدارة على أثره وجهت إلى الطاعن إنذارا من أجل العودة إلى عمله داخل أجل سبعة أيام تحت طائلة مقتضيات الفصل 75 مكرر المذكور.
وقد ثبت أن الطاعن توصل بالإنذار المذكور بتاريخ 26/5/1997 حسبما هو ثابت بالإشعار بالتسلم المدلى به بدون أن يثبت أنه التحق بعمله فعلا داخل الأجل المذكور مما تكون معه الإدارة قد طبقت مقتضيات الفصل 75 مكرر المذكور تطبيقا سليمـا.
وحيث دفع الطاعن بخصوص الإنذار الموجه إليه بأنه لم يسبق أن تسلمه أو وقع على الإشعار بالتسلم المدلى به وبأنه لم يسبق له ولا لعائلته أن قطنا بالعنوان الوارد به وأدلى بشهادة للسكنى.
لكن حيث ثبت للمحكمة بعد تصفح الوثيقة المذكورة أن نفي التسلم والتوقيع بقي مجرد دفع غير جدي مادام الطاعن لم يثبته ولم يسلك بشأنه المسطرة الواجبة قانونا.
أما بالنسبة لنفي السكنى فإن شهادة السكنى المدلى بها من طرف الطاعن مؤرخة في 3/11/1998 ولا تتعلق بفترة التسلم المذكور مما يبقى معه كذلك هذا الدفع دفعا غير جدي وغير ثابت خاصة وأن الطاعن لم يجزم بشأنه عندما أكد في معرض عرض هذا الدفع بأنه وعائلته لم يسبق أن سكنا بالعنوان موضوع النزاع على الأقل خلال الخمس سنوات الأخيرة.
2- بالنسبة للوسيلة الثانية المتعلقة بأن الانقطاع عن العمل مبرر نتيجة إصابته بمرض عقلي:
حيث تبين بعد الاطلاع على الشواهد الطبية التي أدلى بها الطاعن أنها إنما تتعلق بتبرير الانقطاع عن العمل لفترات سابقة ولم يثبت أنه أدلى للإدارة في حينه بشواهد طبية في إبانها لتبرير انقطاعه عن العمل حتى تتمكن الإدارة من سلوك المسطرة بشأنها، أو أن هناك مانع قاهر حال دون الإدلاء بها في إبانها.
وقد ثبت للمحكمة من خلال مذكرات الطاعن أن هناك تناقضا وتضاربا في ذلك، ذلك أنه يؤكد في عريضة الطعن بأن مدير الثانوية التي يعمل بها رفض خلال شهر ماي 1997 تسلمها منه تبريرا لغياب سابق ثم يعود في مذكرة لاحقة ليؤكد بأنه تسلم المدير شواهد طبية بدون أن يتسلم منه مقابل ذلك إيصالا أو إشهادا بذلك ثم يضيف بأنه حتى في حالة كونه لم يدل بالشواهد الطبية فإن حالته الصحية المتدهورة تشفع له.
وحيث لم يثبت من الشواهد الطبية المدلى بها أن الطاعن مصاب بمرض عقلي قائم ومستقر بحيث يفقده الإدراك والتمييز فعلا.
وحيث أن الطعن يبقى نظرا لما سبق غير قائم على أساس مما يستوجب التصريح برفضه.

المنطوق:
وتطبيقا للقانون المنظم للمحاكم الإدارية.
لهذه الأسباب
إن المحكمة الإدارية وهي تقضي علنيا ابتدائيا حضوريا تصرح:
في الشكل: بقبول الطعن.
وفي الموضوع: برفضه.
بهذا صدر الحكم في اليوم والشهر والسنة أعلاه.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال