الإنسان هو الذي يحدد طريقة تعامل الناس معه.. من لا يحترم ثقافته و اللغة التي درسها ولا يقدر قيمتها لا يحترم نفسه

في عالم جعل القراءة أفضل وسيلة والمفتاح السحري لاكتشاف أسرار الكون...
في عالم نردد فيه أمة تقرأ أمة ترقى... أمة تقرأ أمة تقود...
في عالم يقدر فيه العلم دون تفريق ...
في عالم صار للإعلام الكلمة الأولى والأخيرة..
في عالم قال فيه عالم فرنسي الجرائد هي أفضل وأسرع وسيلة لرفع وعي وثقافة أكبر قدر ممكن من أفراد المجتمع..
في عالم يفتخر فيه الجميع ويعتز بما تعلم بأي لغة كان ...
في عالم تحافظ فيه كل أمة على ثقافتها ولغتها وتتمسك بها بالنواجذ...
في عالم أنشأت فيه الدول العظمى كما يسمونها مثل روسيا وأمريكا وفرنسا قنوات فضائية وإذاعات موجهة على مدار 24 ساعة باللغة العربية لأهميتها ومركزها... لأنها لغة لها علاقة بمليار فرد في هذا العالم... لغة تحكم 23 دولةّ !! لغة تحول من أجلها رجال وعلماء غربيون إلى شرقيين!!... في حين تحارب كل أمة لتكون لغتها هي السائدة.. هي الأقوى.. تعاني اللغة العربية من غربة في قعر دارها... تعاني من غربة في وسط أهلها ودارسيها!!...
نعم هذا هو الواقع المرير... إنه واقع يحتاج إلى تغيير, صحيح أن من المهم تعلم لغات أخرى ولكن الأهم أولاً هو الاعتزاز بلغتك وبما تملكه.. الافتخار بثقافتك... وما ساقني إلى هذا الكلام شد وجذب صار بيني وبين صديقتي ثم ساقنا الحديث إلى تناول أهمية القراءة واللغة العربية والوضع الحالي.
ولكن الحديث تحول إلى نقاش ثم إلى جدل يمكن تسميته بالعقيم بعد أن ختمت كلامها بالقول اللغة العربية مهانة من قبل أهلها فلم تفرضينها عليّ؟
ألم ترين فرق المعاملة بين من يتكلم بالعربية ومن يتكلم بالفرنسية أو الانجليزية؟!
ألم ترين كيف يتعرض للسخرية من يتحدث باللغة العربية الفصيحة في الدول العربية نفسها؟!
آه.. لقد عرفت ما قصدت.. وفي كل الأحوال من لا يحترم ثقافته و اللغة التي درسها ولا يقدر قيمتها لا يحترم  نفسه، بل هو مصاب بمرض عويص اسمه الشعور بالنقص أو عقدة النقص أو الضعف أو سميه ما شئت، المهم هو مرض يحتاج إلى علاج فوري إن لم يكن بحاجة إلى العناية المركزة أو إجراء عملية جراحية فورية!!
والمؤسف أن مرض العقدة منتشر، فتذكرت موقفاً حدث لأستاذ لي رحمه الله عندما كنت في الثانوية، تلك الأيام التي كنا نتطلع إلى الجامعة... تلك الأيام التي كانت مقاعد الجامعة مجرد حلم في الخيال.. الأيام التي كنا نشتاق إلى سماع تجارب مدرسينا مع الدراسة... وذات مرة قال هذا المدرس وهو يضع الطباشير على المنصة رافعاً عينيه إلى السقف ويفرك يديه ببعضهما.. أثناء عودتي من باكستان في إجازتي الصيفية مررت بإحدى دول الخليج وفي المطار توجهت نحو الاستعلامات لأستفسر عن بعض الأمور والإجراءات اللازمة إلا أنني وجدت الرجل (الموظف) مهتماً بالأوروبيين والغربيين ويخدمهم بشكل غير عادي، وعلى الرغم أنني كنت الأول صرت آخر من يحصل على المعلومات بقدرة قادر والسبب الوحيد هو أنني كنت أتلكم باللغة العربية الفصيحة وهم يتكلمون بلغتهم الإنجليزية والفرنسية، وفار دمي لهذا الظلم الذي تعرضت له وحدث شجار بيني وبين ذاك الرجل المعجب بلغة وثقافة غيره!
هل لهم الأولوية لأن لغتهم أفضل من العربية؟! أم أن الأوراق التي صنع منها جواز سفرهم أغلى من أوراق جواز سفرنا؟!
لا هذا ولا ذاك! وإنما فرضوا الاحترام، ومن يحترم نفسه يحترمه الآخرون وأينما تضع نفسك تجدها, ومهما كان الأمر نحن من يتحمل المسؤولية لما تتعرض له اللغة العربية، نحن من يجب عليهم فرض الإحترام.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال